باب علّة عدم استحباب الهدي إلى الكعبة ، وما يجب أن يعمل بما قد جعل هدياً للكعبة
1 ـ جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن عليّ(عليهم السلام) ، قال : لو كان لي واديان
يسيلان ذهباً وفضّة ما أهديت إلى الكعبة شيئاً ; لأنّه يصير إلى الحجبة دون المساكين.[1]
2 ـ وإنّما لا يستحبّ الهدي إلى الكعبة; لأنّه يصير إلى الحجبة دون المساكين .[2]
3 ـ عن عليّ بن جعفر ، عن أخيه أبي الحسن(عليه السلام) ، قال : سألته عن رجل جعل ثمن جاريته هدياً للكعبة كيف يصنع بها؟
فقال : إنّ أبي(عليه السلام) أتاه رجل قد جعل جاريته هدياً للكعبة فقال له : قوِّم الجارية أو بعها ، ثمّ مر منادياً يقوم على الحجر فينادي : ألا من قصرت نفقته أو قطع به طريقه أو نفد طعامه ، فليأت فلان بن فلان ، ومره أن يعطي أوّلا فأوّلا حتّى ينفد ثمن الجارية.[3]
4 ـ عن حريز ، قال : أخبرني ياسين ، قال : سمعت أبا جعفر(عليه السلام) يقول : إنّ قوماً أقبلوا من مصر ، فمات رجل فأوصى إلى رجل بألف درهم للكعبة ، فلمّا قدم الوصيّ مكّة سأل عن ذلك فدلّوه على بني شيبة ، فأتاهم فأخبرهم الخبر ، فقالوا : قد برئت ذمّتك ادفعها إلينا ، فقام الرجل فسأل الناس فدلّوه على أبي جعفر محمد ابن علي(عليهما السلام) .
قال أبو جعفر محمد بن عليّ(عليهما السلام) : فأتاني فسألني فقلت له : إنّ الكعبة غنيّة عن هذا ، اُنظر إلى من أمّ هذا البيت وقطع ، أو ذهبت نفقته ، أو ضلّت راحلته ، أو عجز أن يرجع إلى أهله ، فادفعها إلى هؤلاء الّذين سمّيت لك .
قال : فأتى الرجل بني شيبة فأخبرهم بقول أبي جعفر(عليه السلام) فقالوا : هذا ضالّ مبتدع ليس يؤخذ عنه ولا علم له ، ونحن نسألك بحقّ هذا البيت وبحقّ كذا وكذا لما أبلغته عنّا هذا الكلام .
قال : فأتيت أبا جعفر(عليه السلام) فقلت له : لقيت بني شيبة فأخبرتهم فزعموا أنّك كذا وكذا ، وأنّك لا علم لك ، ثمّ سألوني بالله العظيم لما أبلغك ما قالوا .
قال : وأنا أسألك بما سألوك لما أتيتهم فقلت لهم : إنّ من علمي لو ولّيت شيئاً من اُمور المسلمين لقطّعت أيديهم ثمّ علّقتها في أستار الكعبة ، ثمّ أقمتهم على المِصْطَبّة [4]، ثمّ أمرت منادياً ينادي : ألا إنّ هؤلاء سرّاق الله فاعرفوهم.[5]
5 ـ عن أبي الحرّ ـ أبو أبي الحسن ـ ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) ، قال : جاء رجل إلى أبي جعفر فقال : إنّي أهديت جارية إلى الكعبة فاُعطيت بها خمسمائة دينار فما ترى؟
قال : بعها ، ثمّ خذ ثمنها ، ثمّ قم على هذا الحائط ـ يعني الحجر ـ ، ثمّ ناد وأعط كلّ منقطع به وكلّ محتاج من الحاجّ.[6]
6 ـ عن سعيد بن عمر الجعفيّ ، عن رجل من أهل مصر ، قال : أوصى أخي بجارية كانت له مغنّية فارهة وجعلها هدياً لبيت الله الحرام ، فقدمت مكّة فسألت ، فقيل لي : ادفعها إلى بني شيبة ، وقيل لي غير ذلك من القول فاختلف علي فيه ، فقال لي رجل من أهل المسجد : ألا اُرشدك إلى من يرشدك إلى الحقّ؟
قلت : بلى .
قال : فأشار إلى شيخ جالس في المسجد فقال : هذا جعفر بن محمد(عليهما السلام)فاسأله .
قال : فأتيته فسألته وقصصت عليه القصّة ، فقال : إنّ الكعبة لا تأكل ولا تشرب وما أهدي لها فهو لزوّارها ، فبع الجارية ، وقم على الحجر فناد : هل من منقطع به؟ وهل من محتاج من زوّارها؟ فإذا أتوك فسل عنهم [7]وأعطهم واقسم فيهم ثمنها .
قال : فقلت له : إنّ بعض مَن سألته أمرني بدفعها إلى بني شيبة ، فقال : أما إنّ قائمنا لو قد قام لقد أخذهم وقطع أيديهم وطاف بهم ، وقال : هؤلاء سرّاق الله.[8]
7 ـ عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي ، عن أبيه ، بإسناده عن بعض أصحابنا ، قال : دفعت إليّ امرأة غزلا وقالت لي : ادفعه بمكّة ليخاط به كسوة الكعبة ،
فكرهت أن أدفعه إلى الحجبة وأنا أعرفهم ، فلمّا صرت إلى المدينة دخلت على أبي جعفر(عليه السلام)فقلت له : جعلت فداك ، إنّ امرأة أعطتني غزلا وأمرتني أن أدفعه بمكّة ليخاط به كسوة الكعبة ، فكرهت أن أدفعه إلى الحجبة .
فقال : اشتر به عسلا وزعفراناً وخذ طين قبر أبي عبدالله(عليه السلام) واعجنه بماء السماء واجعل فيه شيئاً من العسل والزعفران وفرّقه على الشيعة ليداووا به مرضاهم [9].[10]
--------------------------------------------------------------------------------
[1] علل الشرائع: 408 ب147 ح1، روضة المتّقين 4: 19، وسائل الشيعة 13: 255ح2، بحارالأنوار 99: 67 ح5.
[2] من لا يحضره الفقيه 2 : 193 ضمن ح2119 ، روضة المتّقين 4 : 19 ، وسائل الشيعة 13 : 255 ح1 .
[3] قرب الاسناد : 246 ح971 ، الكافي 4 : 242 ح2 وص543 ح18 ، علل الشرائع : 409 ح2 ، تهذيب الأحكام 5 : 440 ح175 و : 483 ح364 ، و9 : 214 ح20 ، روضة المتّقين 4 : 19 ، وسائل الشيعة 13 : 247 ب22 ح1 و : 248 ح2 ، و : 250 ح7 ، و19 : 392 ح1 ، بحار الأنوار 99 : 68 ح6 وصدر ح9 ، مرآة العقول 17 : 104 ح2 ، و18 : 249 ح18 ، ملاذ الأخيار 8 : 466 ح175 و : 560 ح364 ، و15 : 123 ح18 .
[4] المِصْطبَّة ـ بالتشديد ـ : مجتمع الناس ، وهي أيضاً شِبْه الدُّكان ، يُجلس عليها ويُتّقى بها الهوامّ من الليل . آ«النهاية لابن الأثير 3 : 28 ـ صطب ـ آ» .
[5] الكافي 4 : 241 ح1 ، علل الشرائع : 409 ح3 ، تهذيب الأحكام 9 : 212 ح18 ، وسائل الشيعة 13 : 249 ح6 ، بحار الأنوار 99 : 66 ح1 ، مرآة العقول 17 : 103 ح1 ، ملاذ الأخيار 15 : 121 ح16 .
[6] الكافي 4 : 242 و : 545 ح24 ، علل الشرائع : 409 ح4 ، تهذيب الأحكام 5 : 486 ح380 ، روضة المتّقين 4 : 19 ، وسائل الشيعة 13 : 250 ح8 ، بحار الأنوار 99 : 67 ح4 ، مرآة العقول 17 : 105 ح3 ، و18 : 252 ح24 ، ملاذ الأخيار 8 : 567 ح380 .
[7] أي : سل الناس عنهم هل يصدقون فيما يدّعون ، فيدلّ على عدم جواز الاعتماد على ادّعاء الفقر بغير بيّنة .
[8] الكافي 2 : 242 ح4 ، علل الشرائع : 410 ح5 ، تهذيب الأحكام 9 : 213 ح19 ، وسائل الشيعة 13 : 251 ح9 ، بحار الأنوار 99 : 67 ح3 ، مرآة العقول 17 : 105 ح4 ، ملاذ الأخيار 15 : 122 ح17 .
وأورد قطعة منه في : من لا يحضره الفقيه 2 : 194 ضمن ح2119 ، روضة المتّقين 4 : 19 .
وروي ذيله في : الإرشاد للمفيد 2 : 383 ، الغيبة للطوسي : 472 ح492 ، روضة الواعظين : 265 ، إعلام الورى 2 : 289 ، بحار الأنوار 52 : 317 ح14 و : 373 ح168 .
[9] قال الشيخ الحرّ العامليّ(رحمه الله) : لعلّ المراد على حجّاج الشيعة المحتاجين على أنّ ذلك الدواء لا يستعمل إلاّ مع الحاجة والضرورة ، أو لعلّه مخصوص بهذه الصورة أو بالماء القليل جدّاً الذي لا يمكن قسمته على المحتاجين كالغزل المذكور .
[10] الكافي 4 : 243 ح5 ، علل الشرائع : 410 ح6 ، روضة المتّقين 4 : 20 ، وسائل الشيعة 13 : 252 ح10 ، بحار الأنوار 99 : 68 ح7 ، مرآة العقول 17 : 106 ح5 .