• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

التأمّل في النفس

التأمّل في النفس

 


«ومن عرف نفسه فقد عرف ربه»([1]).

فيقول تعالى:

[و لقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين] [ثم جعلناه نطفة في قرار مكين* ثم خلقنا النطفة علقة * فخلقنا العلقة مضغة * فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين* ثم إنكم بعد ذلك لميتون ثم إنكم يوم القيامة تبعثون]([2]).

فالإنسان ينسل من طين الأرض انسلالاً، و من الطين يحوّله الله إلى نطفة ـــ في صلب الأب أولاً، وفي رحم الأم ثانياً. وهي الماء القليل للغاية ـــ

انّ التأمّل في خلق الله للإنسا ن يهدينا إلى معرفة بعض أسماء الله الحسنى، كيف خلق الله مــن الطين الميّت نطفة حية، و كيف أودعها من صلب إلى رحم في ذلك الموقع الآمن، وأمّن له النمو حتى أصبح بشراً سوياً، ثم ألهمه العقل، و سخّر له الاُمور سبحانه.

 يزعم أهل تقديس المادة أنّها صدفة ! و هل يمكن أن تنبثق خلية واحدة بالصدفة ؟‍! يقول بعضهم: إنّ هذا الزعم يشبه القول: بأنّ انفجاراً في المطبعة سبب صدفة صدور الموسوعة البريطانية، بكل ما فيها من علوم !

و يقول عالم غربي آخر: إنّ تطور الخلية الحية بالصدفة يشبه القصّة الخيالية التالية:

(إنّ رجلاً كان يعيش على كوكب الأرض، ضمن المجموعة الشمسية، ضمن مجرّتنا، و كان بجــانب مجرّتنا مجرّة اُخرى، وفي إحدى المجموعات الشمسية، في إحدى الكـــواكب، وفي أحد الأقاليم نهر به سمكة، فحدث صدفة أن أطلق هذا الرجل طلقة، فطــارت من كوكبنا متخطية مجموعتنا الشمسية، متخطية مجرتنا، لتدخل في المجرّة التالية، من المجموعة الشمسية المعيّنة، في ذلك الكوكب، لذلك الإقليم، في ذلك النهر، لتصيب الطلقة رأس السمكة)!!

ثم تشير الآيات في الاعلى إلى أنّ النطفة صارت نطفتين من الأب و الاُم، فتعلقتا ببعضهما و أصبحتا علقة.

ومن ثم المضغة، وهي مقدار ما يمضغ من اللحم.

ويلاحظ : أنّ هناك سبعة أفعال تبين دور الإرادة الإلهية في التحوّلات التي يمر بها الإنسان من كونه طيناً حتى يصير بشراً سوياً، وهي: ( خلقنا، جعلناه، خلقنا، فخلقنا، فخلقنا، فكسونا، أنشأنا )؛ و ذلك حتى لا يتصوّر الإنسان أنّ القانون الطبيعي هو الذي يخلق، كلا بل الله هو المهيمن و المدبر من فوق القانون [و ما كنا عن الخلق غافلين]([3]).

فكل اُمور الإنسان بيد الله، فهو يخضع لتدبيره تكوينياً، فكيف لا يخضع لتدبيره تشريعياً و سلوكياً ؟!

و ثمّة ملاحظة هامّة هي: أنّ الله في كل مراحل الخلق لم يقل «تبارك الله» إلا في المرحلة الأخيرة، إذ أعطى فيها الإنسان العقل.

 ثم ينقلنا  القرآن بعد معرفة النفس إلى الإقرار بقدرة الله على البعث بعد النشور، و بالتالي إلى المسؤولية، و هكذا نرى أنّ منهج القرآن هو التذكير بالحقائق العلمية من أجل إغناء فكر الإنسان بالحقائق الوجودية لكي يحسّ بدوره في هذا الكون.

إنّ القلب السليم، و الاُذن الواعية، و العين البصيرة، شرط لاستقبال نور المعرفة الإلهية المنبثق من آياته الظاهرة، فإذا نظرت ورأيت تناسقاً و تنظيماً و تدبيراً، ورأيت عمق الصلة بين المخلوقات، و بالذات بين الإنسان وسائر ما خلق له.

إنّه يخلق من سلالة من طين، و تقيده يد الرب في تطوراته، ثم إذا خرج إلى الدنيا وجد أمامه كل حاجاته. وجد السماء سقفاً محفوظاً ووجد الماء يهبط له منها، و هو أصل كل خير، و وجد الزراعة تتناسب و حاجاته المختلفة،  و وجد الحيوانات مسخّرة له. أفلا يدعوه ذلك إلى الخضوع و التسليم لرب العالمين؟!

هناك حديث يقول «تفكر ساعة خير من عبادة سنة»([4]) فإيّاكم وهجر هذه الفريضة المهجورة.

 

 

--------------------------------------------------------------------------------

[1]  - شرح اُصول الكافي، مولى محمد صالح المازندراني: ج3 ص 23، والجواهر السنيّة، الحرّ العاملي ص 116، والصراط المستقيم، علي بن يونس العاملي: ج1 ص 156.

[2]  - المؤمنون: 15 – 16.

[3]  - سورة المؤمنون: 17.

[4]  - مستدرك الوسائل: ج11 ص 183.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page