القرب المعنوي
لقد بيّن القرآن الكريم مدى قرب الله تعالى من الإنسان بما يلي:
[وَإِذَا سَألكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَريبُ أُجيبُ دَعوةَ الدَّاعِ إِذْا دَعَانِ]([1]).
[وَنَحنُ أَقْربُ إِليهِ مِنْ حَبلِ الوَرِيد]([2]).
[أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ المَرءِ وَقَلبِهِ]([3]).
الله عزّ وجلّ أقرب إلى الإنسان من نفسه، ويحب الإنسان أكثر ممّا يحب الإنسان نفسه ويرأف بالإنسان أكثر من رأفة الإنسان على نفسه.
و الإنسان قريب أيضاً من الله عزّ وجلّ؛ إذ بين الله سبحانه تعالى: [وَهُوَ مَعَكُم أَينَ مَا كُنتُمْ]([4]).
ولكن الإنسان يغفل عن الله تبارك وتعالى لا أنّه يبتعد عنه بما ان الإنسان جبل على الغفلة واليقظة فمثل له حالة الصحو وبداية مشوار الحركة والسلوك الفضيل.
فالإنسان يغفل عن جليسه الذي جلس معه في الغرفة فلا يراه ولا يحسّ به ولا يسمعه إذا أبحر في عالم تصوري آخر، وهذا برغم كون الجليس بمقربة منه فأزمة الإنسان السلوكية تكون في الغالب ناشئة عن الغفل، وإلا فإنّ الله قريب وموجود وتنتظرنا آخرته وجزاءه ولكنّنا نغفل عن كل ذلك.
ولذلك قيل: «الموت هو رجوع الإنسان إلى نفسه» أو هو «انقطاع الإنسان عن غير الله».
والمراد بهذا الكلام بيان أنّ الموت يوقظ الإنسان من غفلته.
[فَكَشفنَا عَنكَ غِطَاءَكَ فَبَصرُكَ اليَوْمَ حَدِيدٌ..]([5]).
وأساس حركة الفرد للتيقظ واستحصال القرب من الله سبحانه وتعالى هو ذكر الله.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] - سورة ق: 16.
[2] - سورة الأنفال: 24.
[3] - سورة الحديد: 4.
[4] - سورة ق: 22.
[5] - سورة البقرة: 52.