• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

اعتقال الإمام (عليه السلام)

اعتقال الإمام  (عليه السلام)

لما ذاع فضل الإمام  (عليه السلام) بين أهل الشام، أمر الطاغية باعتقاله في السجن, وفي السجن بدأ يلقي بمحاضراته وعلومه وآدابه أمام السجناء الذين احتفوا به وقدروه تقديراً عظيماً. ولما علم بذلك هشام أمر بإخراجه من السجن وإرجاعه إلى المدينة خوفاً من الفتنة. هذا ما ألمحنا إليه في الرواية الأولى.

أما الرواية الثانية التي رويت عن عمارة بن زيد الواقدي فتقول: حج هشام سنة من السنين، وفي السنة نفسها حج الإمام محمد الباقر وابنه الإمام جعفر الصادق  (عليهما السلام). فقال الإمام جعفر الصادق أمام حشد من الناس بينهم مسلمة بن عبد الملك أخو هشام:

 (الحمد لله الذي بعث محمداً بالحق نبياً، وأكرمنا به، فنحن صفوة الله على خلقه، وخيرته من عباده، فالسعيد من تبعنا، والشقي من عادانا وخالفنا) ولما سمع مسلمة بادر إلى أخيه هشام وأخبره بمقالة الإمام الصادق. فأسرها هشام في نفسه، ولم يتعرض للإمامين بسوء في الحجاز، إلا أنه لما قفل راجعاً إلى دمشق أمر عامله على يثرب (المدينة) بإحضارهما إليه. ولما انتهيا إلى دمشق حجبهما ثلاثة أيام، ولم يسمح لهما بمقابلته استهانة بهما. وفي اليوم الرابع أذن لهما، وكان مجلسه مكتظاً بالأمويين وسائر حاشيته. وقد نصب ندماؤه برجاصاً [1]  وأشياخ بني أمية يرمونه. يقول الإمام الصادق  (عليه السلام) فلما دخلنا، كان أبي أمامي وأنا خلفه فنادى هشام:  (يا محمد ارم مع أشياخ قومك).

فقال أبي:  (قد كبرت عن الرمي، فإن رأيت أن تعفيني).

فصاح هشام:  (وحق من أعزنا بدينه، وبنيه محمد  (صلّى الله عليه وآله) لا أعفيك) وظن الطاغية أن الإمام سوف يخفق في رمايته فيتخذ ذلك وسيلة للحط من شأنه أمام الغوغاء من أهل الشام، وأومأ إلى شيخ من بني أمية أن يناول الإمام  (عليه السلام) قوسه، فناوله، وتناول معه سهماً فوضعه في كبد القوس، ورمى به الغرض فأصاب وسطه، ثم تناول سهماً فرمى به فشق السهم الأول إلى نصله، وتابع الإمام الرمي حتى شق تسعة أسهم بعضها في جوف بعض، ولم يحصل بعض ذلك إلى أعظم رام في العالم، وجعل هشام، يضطرب من الغيظ وورم أنفه، فلم يتمالك أن صاح:

 (يا أبا جعفر أنت أرمى العرب والعجم!! وزعمت أنك قد كبرت!!) ثم أدركته الندامة على تقريظه للإمام، فأطرق برأسه إلى الأرض والإمام واقف، ولما طال وقوفه غضب  (عليه السلام) وبان ذلك على سحنات وجهه الشريف وكان إذا غضب نظر إلى السماء، ولما بصر هشام غضب الإمام قام إليه واعتنقه، وأجلسه عن يمينه، وأقبل عليه بوجهه قائلاً:

 (يا محمد لا تزال العرب والعجم تسودها قريش، مادام فيها مثال لك لله درك!! من علمك هذا الرمي؟ وفي كم تعلمته؟ أيرمي جعفر مثل رميك؟).

فقال أبو جعفر  (عليه السلام):  (إنا نحن نتوارث الكمال).

وثار الطاغية، واحمر وجهه، وهو يتمزق من الغيظ، وأطرق برأسه إلى الأرض، ثم رفع رأسه، وراح يقول:

 (ألسنا بنو عبد مناف نسبنا ونسبكم واحد؟).

ورد عليه الإمام مزاعمه قائلاً:

 (نحن كذلك ولكن الله اختصنا من مكنون سره وخالص علمه بما لم يخص به أحد غيرنا). وطفق هشام قائلاً:

أليس الله بعث محمداً  (صلّى الله عليه وآله) من شجرة عبد مناف إلى الناس كافة أبيضها وأسودها وأحمرها، فمن أين ورثتم ما ليس لغيركم؟ ورسول الله  (صلّى الله عليه وآله) مبعوث إلى الناس كافة، وذلك قوله عز وجل (ولله ميراث السماوات والأرض)[2]  فمن أين ورثتم هذا العلم؟ وليس بعد محمد نبي، ولا أنتم أنبياء).

ورد عليه الإمام ببالغ الحجة قائلاً:

 (من قوله تعالى لنبيه:  (لا تحرك به لسانك لتعجل به)[3]  فالذي لم يحرك به لسانه لغيرنا أمره الله تعالى أن يخصنا به من دون غيرنا. فلذلك كان يناجي أخاه علياً من دون أصحابه وأنزل الله به قرآناً في قوله:  (وتعيها أذن واعية)[4]  فقال رسول الله  (صلّى الله عليه وآله): سألت أن يجعلها أذنك يا علي، فلذلك قال علي: علمني رسول الله  (صلّى الله عليه وآله) ألف باب من العلم يفتح من كل باب ألف باب، خصه به النبي  (صلّى الله عليه وآله) من مكنون سره، كما خص الله نبيه، وعلمه ما لم يخص به أحداً من قومه، حتى سار إلينا فتوارثناه من دون أهلنا)

التاع هشام، والتفت إلى الإمام وهو غضبان قائلاً:

 (إن علياً كان يدعي علم الغيب؟ والله لم يطلع على غيبه أحداً فمن أين ادعى ذلك؟).

وأجابه الإمام  (عليه السلام) بالواقع المشرق من جوانب حياة الإمام أمير المؤمنين  (عليه السلام)  (إن الله أنزل على نبيه كتاباً بين دفته فيه ما كان، وما يكون إلى يوم القيامة في قوله تعالى:  (ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء)[5] .

وفي قوله تعالى:  (وكل شيء أحصيناه في إمام مبين)[6]  وفي قوله تعالى:  (ما فرطنا في الكتاب من شيء)[7]  وفي قوله تعالى:  (وما من غائبة في السماء والأرض إلا في كتاب مبين)[8]  وأوحى الله إلى نبيه أن لا يبقي في غيبة سره، ومكنون علمه شيئاً إلا يناجي به علياً، فأمره أن يؤلف القرآن من بعده، ويتولى غسله وتحنيطه من دون قومه، وقال لأصحابه: حزم على أصحابي وقومي أن ينظروا إلى عورتي غير أخي علي، فإنه مني، وأنا منه، له ما لي وعليه ما علي، وهو قاضي ديني، ومنجز وعدي، ثم قال لأصحابه: علي بن أبي طالب يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله ولم يكن عند أحد تأويل القرآن بكماله وعامه إلا عند علي، ولذلك قال رسول الله  (صلّى الله عليه وآله):  (أقضاكم علي) أي هو قاضيكم، وقال عمر بن الخطاب: لولا علي لهلك عمر، يشهد له عمر ويجحده غيره) وأطرق هشام برأسه إلى الأرض، ولم يجد منفذاً يسلك فيه للرد على الإمام فقال له:

 (سل حاجتك).

قال الإمام  (عليه السلام):  (خلفت أهلي وعيالي مستوحشين لخروجي) قال هشام: آنس الله وحشتهم برجوعك إليهم، فلا تقم وسر من يومك)[9] .
 

 

 

--------------------------------------------------------------------------------

[1] هدف يرمونه بالسهام.

[2] سورة آل عمران، الآية 180.

[3] سورة القيامة، الآية 16.

[4] سورة الحاقة، الآية12.

[5] سورة النحل، الآية 89.

[6] سورة يس، الآية 12.

[7] سورة الأنعام، الآية38.

[8] سورة النمل، الآية 75.

[9] حياة الإمام محمد الباقر ج 2 ص 64 عن ضياء العالمين ج 2 ودلائل الإمامة ص 104 ـ 106.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page