نافع الجملي
و رمى نافع بن هلال الجملي المِذحجي بنبالٍ مسمومةٍ، كتب اسمه عليها،[1] و هو يقول:
أرمي بها مُعلِمَةً أفواقُها[2]
مسمومةً تجري بها إخفاقُها[3]
ليملأنّ أرضها رشاقُها
و النّفس لا ينفعها إشفاقُها
فقتل اثني عشر رجلاً سوى مَن جرحَ، و لمّا فُنيت نِبالُه، جرَّدَ سيفَه يضربُ فيهم، فأحاطوا به يرمونه بالحجارة و النّصال، حتّى كسروا عضديه، و أخذوه أسيراً،[4] فأمسكه الشمر و معه أصحابه يسوقونه، فقال له ابن سعدٍ: ما حملكَ على ما صنعتَ بنفسك؟ قال: إنّ ربّي يعلمُ ما أردتُ، فقال له رجلٌ و قد نظر إلى الدماء تسيل على وجهه و لحيته: أما ترى ما بكَ؟ فقال: و الله لقد قتلتُ منكمك اثني عشر رجلاً سوى مَن جرحتُ، و ما ألوم نفسي على الجهد، و لو بقيت لي عضدٌ ما أسّر تموني[5] و جرّد الشمر سيفه، فقال له نافعٌ و الله يا شمر لو كنت من المسلمين لعظُم عليك أن تلقي الله بدمائنا، فالحمدُ لله الّذي جعلَ منايانا على يدي شِرار خلقه، ثمّ قدّمه الشمرُ و ضربَ عُنقَه. [6]
--------------------------------------------------------------------------------
[1]. تاريخ الطبري، ج 3، ص 328 و الكامل في التأريخ، ج 4، ص 29 و البداية لابن كثير، ج 8، ص 184.
[2]. أفواق جمع الفوق بمعني شقّ رأس السهم حيث يقع الوتر، المنجد.
[3]. اخفاق بمعنى الصرع، يقال أخفق زيد عمرواً في الحرب أي صرعه، فكأنّ النبل يجري بها الصرع، إبصار العين، ص 89.
[4]. مقتل الخوارزمي، ج 2، ص 21.
[5]. تاريخ الطبري، ج 3، ص 328.
[6]. تاريخ الطبري، ج 3، ص 328 و البداية لابن كثير، ج 8، ص 84.