نبوغه المبكِّر
تمييّز الإمام الهادي (عليه السلام) منذ طفولته بالذكاء والنبوغ فقد كان ذكاؤه مُفرطاً وفطنته بالغة. فقد ذكر الرواة بوادر كثيرة من ذكائه. ومنها: أنَّ المعتصم بعد اغتياله للأمام الجواد (عليه السلام) عهد إلى عمر بن الفرج أن يشخص إلى يثرب ليختار معلماً إلى أبي الحسن الهادي البالغ من العمر ست سنوات وأشهُر، واشترط المعتصم أن يكون المُعلِّم من الذين يبغضون آل البيت لكي يُغذّي الهادي ببغضهم. فاختار عمرُ الجنيدي بإشارة من والي المدينة، وكان الجنيدي شديد البُغض لآل البيت وأمَرهُ المعتصم بما أراد، ومنع الشيعة من زيارته والإلتقاء به.
وبدأ الجنيدي بمهمته الإجرامية ، إلاّ أنَّهُ قد ذُهل لشدَّة ذكاء الهادي (عليه السلام). وحينما سئل عنه قال: هذا شيخ وليس صبي ، فإني والله حين أذكر له حرفاً في الأدب، وأظُن أني بالغتُ فيه، إلاّ أنّ الهادي يُملي عليَّ أبواباً أنا استفيدُها منه، ثم سأل محمدُ بن جعفر الجنيدي عنه، فقال الجنيدي: والله إنَّهُ خيرُ أهل الأرض وأفضل من بَرأهُ الله تعالى. فإنه حافظ للقرآن ويعلم تأويله وتنزيله ، وكان يقرأ القرآن بصوت أطيب من مزامير داود [1].
وعلى أثر ما شاهد الجنيدي من علم الإمام الهادي (عليه السلام) ومؤهلاته نزع عن نفسه العداء لآل البيت ودان بالولاء لهم. وهنا تجدر بنا وقفة وهي: أنّ الجنيدي المعروف بالبغض لآل البيت قد دان بحبّهم وولائهم فنقول: ألا يجدُر بالسلفية ومبغضي آل البيت أن يتعرّفوا على تراث آل البيت وينهلوا من نبع الرسالة النقيِّ وينزعوا من نفوسهم روح الحقد والأنانية ويعطوا لأصحاب الحقِّ حقَّه ، وهم أحق من الجنيدي في إتباع نهج الهُدى وأئمته، وتكون وجوههم بيضاء يوم لقائهم لجد العترة الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) على الحوض والصراط.
