[ديوان الربيعي "للشاعر الشيخ عبد العظيم الربيعي": 50-46، "1323-1399ه"] بعنوان:
للشاعر الشيخ العلّامة عبد العظيم الربيعي
يهتزُّ بيتُ اللَّه بالأركان طرباً بمقدمِ خيرة النسوانِ
هذي عقيلةُ هاشمٍ من شبله أسدٍ حصانٌ بنتُ خيرِ حصانِ
حملتْ أميرَ المؤمنين فأصبحت في قدرها تسمو على كيوانِ
يتلو كتابَ اللَّهِ وهو ببطنِها إذْ بطنُها للعرشِ كالبُطنانِ
فتلا بها البيت الحرام صحيفة لكنّما التقديرُ للعنوانِ
قالت إلهي إنَّ قلبي مؤمن بكَ يا عطوفُ حقيقةَ الإيمانِ
سهّلْ عليّ بحقّ سرّكَ مودعا بضمائري فاعتزّ فيه كياني
البابُ سُدَّ بوجهها بيمين ذي كفرٍ هوى في الشركِ للأوثانِ
لو يفتحُ اللَّهُ الرِتاجَ لها غدت تعزى الفضيلة للإله الثاني
أي الأصنام بزعم المشركين لأن الذي سد الباب من بني عبد الدار عبدها والرتاج: الباب العظيم.]
فلذلكَ انشقّ البناءُ لها وهل يعصي بناءُ البيت أمرَ الباني
وكذلك التأَمَ البناءُ كأصلِه والغيبُ تشهدُ صنعهُ العينانِ
فتخالُ بيتَ اللَّه ساعةَ سدِّه بعدَ انفتاحِ البيتِ كالقرآنِ
عبثاً يحاولُ فتحَ بابٍ سيّدُ البطحا بمولدِ قالعِ البيبانِ
العالَمُ العُلويُّ هيّأَ جندَه مستبشراً بصنيعةِ الرحمانِ
وانظرْ إلى الملكوتِ لا تلقى بِه إذْ ذاكَ غيرَ بشائرٍ وتهاني
أمّا السماءُ فقد تضاعَفَ نورُها وكذاكَ ضوءُ نُجومِها النُوراني
وكذاك يُظهرُ ذُو الجلال سُرُورَه في الخلق جلّ جلاله السبحاني
لو لم تكنْ حوريّةٌ في جنّة الفردوسِ لم تطعمْ ثمارَ جنانِ
هبطتْ لها حوّاءُ تزجي مريم العذراء تقفو إثرَها امرأتانِ
ألستُّ آسيةٌ واُمُّ ربيبِها وحبيبِها موسى فتى عمرانِ
وعلى الرخامةِ تمَّ مولدُ حيدر في البيتِ ربَّةِ أحمر الألوانِ
واذكرْ لهُ مذ خرَّ في محرابِه صَبَغَ الرُخامَ بفيضِ هامٍ قاني
وُلِدَ ابنُ فاطمة الفخارِ مطهّرا عفَّ المآزرِ طاهرَ الأردانِ
ما بينَ أحضانِ الحرائرِ خيرِ مَن خلقَ الإلهُ مفاخرِ النسوانِ
حوّاءُ أتحفها السلامَ تحية إنّ السلام تحيّةُ الرضوانِ
وتشهّدَ الهادي شهاداتِ الهدى والدين وهي ثلاثةٌ لا اثنانِ
هذي الفضيلة لم ينلْها قبلَه أو بعدَهُ في الوضعِ من إنسانِ
بقيتْ ثلاثاً اُمّهُ في الكعبةِ ال غرّا وقرّتْ بابنها العينانِ
وهنالكَ انفتحَ البِنا لِخروجِها فدخولُها وخروجُها سيّانِ
سمّتْهُ حيدرةً لِما وجدتْ بِه "أثرَ الشجاعةِ ساطع البرهانِ"
لا تُوثقيهِ بِستّةٍ أو سبعة قمطاً ولو في قوّةِ الأشطانِ
قطعَ القيودَ يقولُ كفّي إنّني حُرٌّ وما قيدُ الورى من شاني
هذا ولكن قيّدتْهُ وصيّة بنجادِ ماضيهِ فتى الفتيانِ
حملتْ وصيَّ محمّدٍ بِذِراعها حملَ الذِراع الشمسَ ذات الشانِ
فليهنَ والدَهُ وعُذراً لو قضى يوم البشارة ميتة الجذلانِ
لا سيّما لمّا دعاهُ ذُو العلى وأمدّهُ بنواله الربّاني
إنّي العَليُّ فسمِّهِ باسمي لكي يعلُو فيعلمُ قدرَهُ الثقلانِ
لو لم تلدْهُ فتاةُ هاشمَ لم تجد لمحمّدٍ في الناسِ من أقرانِ
جاءتْ إليهِ بهِ فألفتْ توأمي مجدٍ وطرفي حلبةٍ وعنانِ
عرفَ النبيّ وصيّهُ فاهتزّ مِن بشرِ اللقاءِ كلاهما للثاني
إنْ كانَ بالإنجيلِ أصبحَ ناطقا عيسى فحيدرُ قارى ءُ الفرقانِ
لو لم يكنْ للمؤمنينَ أميرَهُم ما اختارَ سورتَهُمْ من القرآنِ
قد أفلحوا بكَ في شهادة أحمد فتميرُهُمْ بالعلمِ والعرفانِ
ولذاكَ غذّاهُ إلى حيث ارتوى إبهامهُ بالعلمِ لا الألبانِ
وأقامَ يتّبعُ النبيَّ كظلّه فهما لإنسانِ الهدى جَفنانِ
ماذا ترى بغذيّ دَرِّ محمّد ونجيّهِ في السرِّ والإعلانِ
أتراهُ لا يرقى إلى أوجِ العُلى هلْ قريةٌ من بعدِ عبّادانِ
ما آيةٌ نزلتْ ولا علمٌ أتى إلّا وكانا فيه كالميزانِ
حتّى إذا صدعَ النبيُّ بأمرِه ودعا العشيرةَ مِن بني عدنانِ
لم يستجبْ إلّا أبو حسنٍ فقد لبّى النّدا قبلَ الصّدا بزمانِ
ولذاكَ كانَ وزيرَهُ وأخاً لَه وخليفةً لخليفةِ الدّيانِ
فهما لدَوحةِ دينهِ جذران وهما لبابِ الرُّشدِ مصراعانِ
مَضيا يشقّانِ الطريقَ كلاهما لم يحفلا بتجمهُرِ العُدوانِ
فالدّينُ منحصرٌ ببيتٍ واحد يحوي خديجة عندها العَلمانِ
أمّا الصلاةُ فإنّها في مكّة قامتْ بهمْ وقيامُها صفّانِ
حتّى إذا رحلتْ إلى دار الجزا خفراً لأكرم ناصرٍ معوانِ
[المراد به: أبو طالب]
هجر النبيُ بلادَهُ وببردِهِ التحفَ الوصيُّ الليثُ ثبتَ جنانِ
لو كانَ أوجسَ خيفةً منهمْ لما ذاقتْ كرىً في ليلهِ العينانِ
وأداةُ مكرٍ في العِدا بثباتِه باهى الإلهُ ملائكَ الرحمنِ
وهُنا أتى دورُ الحُروبِ وإنّما هُوَ مِن رَحاها القُطبُ في الميدانِ
وبراية الإسلامِ خَفَّ مجاهدا من عُمرهِ لم يُنْهِ عقداً ثاني
لم تخلُ منهُ غزوةٌ وسَلِ العِدا مَنْ كانَ ثَمَّ مجدّلَ الشجعانِ
لم يعترضْ إلّا وقطّ وما علا إلّا وقدّ القرنَ دونَ توانِ
سَلْ عنهُ بَدراً في البرازِ وإنّه لمبرّزٌ لمّا التقى الجمعانِ
ولقدْ أطاحَ شباه في أُحُدٍ بمَن حملوا لواءَ الشركِ والطغيانِ
نصرَ النبيّ بِهِ ومذْ أغراهم طمعٌ فباءَ الجيشُ بالخذلانِ
سَلْ مَنْ دعا جبريلُ ثمّةَ باسمِه في حيث تسمعُ صوتَهُ الثقلانِ
"لا سيفَ إلّا ذُو الفِقارِ ولا فَتى إلّا عليٌّ" فارسُ الفرسانِ
عجبتْ ملائكةُ السماءِ لصبرِه ولردّهِ لكتائبِ العدوانِ
وتكشّفَ الأحزابُ رُعباً مذْ برى ساقَ ابنَ وَدٍّ مفرد الأقرانِ
ولمرحَبٍ قسمَ الوصيُّ بسيفه فلذاكَ أصبحَ قاسمَ النيرانِ
وببطشِ حيدرَ تَمَّ نصرُ المصطفى بحنينَ بعدَ تطاحُنٍ وطِعانِ
وتزوّجَ الزهرا فضاعَفَ مجده أعظمْ بهِ صِهراً بخيرِ قِرانِ
مَنْ مثلُهُ شرفاً أنافَ وفرعه سبطا النبيّ المصطفى الحَسَنانِ
هيهاتَ يُحصي فضلَهُ إلّا الذي في بيتَهَ وَلَدْتُه خيرُ حصانِ
وببيتِهِ الثاني بيثربَ قد غدا لأخيهِ أحمدَ ثانيَ السكّانِ
عينانِ أبصرتا الضيا بفنائِه قد أغمضا مذْ فيه أصبح فاني
وعلى الهدى والفوز عند مليكه سهرتْ له في بيتهِ العَينانِ
الفوزُ أدركَهُ لديْهِ موحّد وإليهِ عادَ ورأسُهُ نِصفانِ