تحت هذا العنوان كتب سماحته: إنّ أيسر ما يسع الباحث إثباته هو شهرةُ هذه النبأ العظيم بنصوص أئمّة الحديث بذلك من ناحية، وبتداول ذكره في الكتب من ناحية اُخرى وبالتسالم على روايته واطراد أسانيده من جهة ثالثة ولها شواهد أُخرى لعلّك تقف عليها في غضون هذه الرسالة إن شاء اللَّه.
ثمّ راح يذكر أقوال كبار علماء الحديث، نكتفي بأسمائهم وكتبهم وبعض أقوالهم لننتقل بعد ذلك إلى روايات الولادة المباركة للإمام علي عليه السلام:
العلّامة المجلسي في جلاء العيون: 'إنّ ولادته عليه السلام في البيت يوم الجمعة الثالث عشر من رجب، سنة ثلاثين من عام الفيل، مشهورة بين المحدّثين والمؤرّخين من الخاصة والعامة' [جلاء العيون 232:1، فارسي.] المولى محمود بن محمّد باقر في تحفة السلاطين: 'إنّ حديث ولادته عليه السلام في البيت يوم انشقّ جداره لفاطمة بنت أسد فدخلته، مشهور كالشمس في رائعة النهار' [تحفة السلاطين: 2، فارسي.]
السلطان محمّد بن تاج الدين في تحفة المجالس: 'إنّ القريب إلى الصواب أ نّه عليه السلام وُلِدَ في الكعبة' وذكر بعض أخبارها. ثمّ قال: 'وفي الأخبار أ نّه لم يكن شرف الولادة في البيت لأي أحد قبلَه ولا بعدَه' [تحفة المجالس: 64، فارسي.] الشيخ العاملي الأصبهاني "ت 1100 ه" في ضياء العالمين: 'إنّ الولادة في البيت كانت مشهورة في الصدر الأول بحيث لم يكن إنكارها مع أ نّهم- يعني أهل الخلاف- أنكروها أيضاً أخيراً' [ضياء العالمين: 2.]
هذا وإنّ هذه الشهرة في الأخبار لا يبارحها التواتر في الأسانيد.
وانظر العلّامة الحلّي "ت 726 ه" في كشف الحق وكشف اليقين [نهج الحق وكشف الصدق: 232، وكشف اليقين: 5.]
والاربلي "ت 692 ه" في كشف الغمّة حيث قال: 'ولم يولد في البيت أحد سواه قبلَه ولا بعدَه، وهي فضيلة خصّه اللَّه بها إجلالاً له وإعلاءً لرتبته وإظهاراً لتكرمته' [كشف الغمّة 59:1.] ومثله الشيخ ابن الفتّال النيسابوري في روضة الواعظين.
والحافظ ابن شهر آشوب المازندراني "ت 588 ه" في مناقبه وبعد أن روى أحاديث الولادة [مناقب ابن شهر آشوب 175:2.]
العلّامة العاملي في الصراط المستقيم ذاكراً اُرجوزة السيّد الحسيني:
ومولدُ الوصيّ أيضاً في الحرم بكعبة اللَّه العليّ ذي الكرم
[الصراط المستقيم 215:2.] العلّامة الطبرسي الآملي في تحفة الأبرار [تحفة الأبرار، ب 4، ف 2.]
القاضي السعيد الشهيد سنة "1019 ه" التستري حين طفق ينازل ويناضل القاضي روزبهان من علماء المعقول والمنقول حنفي الفروع أشعري الاُصول، في إحقاق الحق حيث قال: 'إنّ الفضيلة والكرامة في أنّ باب الكعبة كان مقفلاً، ولمّا ظهر آثار وضع الحمل على فاطمة بنت أسد رضي اللَّه عنها عند الطواف خارج الكعبة انفتح لها الباب بإذن اللَّه تعالى، وهتف بها هاتف بالدخول.
كما عقّب التستري على مسألة ولادة حكيم قائلاً: وعلى تقدير صحّة تولّد حكيم بن حزام قبل الإسلام في وسط بيت اللَّه الحرام فإنّما كان بحسب الاتفاق كما يتّفق بسقوط الطفل من المرأة، والعجل من البقرة في الطريق وغيره، على أنّ الكلام في تشرّف الكعبة بولادته فيها لا في تشرّفه بولادته في الكعبة' [انظر إحقاق الحقّ] أبو الحسن المالكي في "الفصول المهمة في معرفة أحوال الأئمة" يذهب المذهب نفسه في ولادة حكيم: فبعد أن يذكر ولادة عليّ في جوف الكعبة قال: وأ مّا حكيم بن حزام فولدته اُمّه في الكعبة اتفاقاً لا قصداً'.
وقد أصفق في هذا الكلام معه البحّاثة عبد الرحمن الصفوري الشافعي في نزهة المجالس [الفصول المهمة: 30، وأيضاً نزهة المجالس 204:2.]
بعد هذا فإنّ كتباً كهذه 'المتينة المبنية على الحجاج والنضال لا سيما كتب العلّامة والقاضي التستري وابن البطريق لم يتوخّ مؤرخوها والكلام ما زال للشيخ المؤلف سرد الوقائع التاريخية من أينما حصلت، وإنّما قصدوا فيها إلزام الخصوم بالحجج النيّرة، فهل يمكنهم إذن أن يسترسلوا بإيراد ما توسّع بنقله القالة من دون تثبّت؟ لا ولكن شريعة الحقّ والدين تلزمهم بإثبات الشائع الذائع المتلقّى عند الفريقين بالقبول المشهور نقله، الثابت إسناده بحيث لا يدع للمتعنت وليجةً إلى إنكاره وإلّا لعاد ما يذكره ثلماً في بيانه، وفتّاً في عضد برهانه، فمن الواجب إذن أن يكون هذا الجواب ممّا يخضع له الخصم ولا يتقاعس عن الإخبات به الأولياء لمكان شهرة النقل له.