• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

حديث الولادة مجمعٌ عليه

لعلّ الباحث لا يعروه الشكُّ في ذلك، بعدما وقف على عناوين هذه الرسالة في إثبات الحديث، وما سلف النصّ به من علماء الفريقين.
كقول الآلوسيّ فيه 'إنّه أمر مشهور في الدنيا' وذكر في كتب الفريقين السنّة والشيعة.
وما سبق عند السيد حيدر الآملي من عدّه في المناقب المتسالم عليها، التي لا يفتقر ناقلها إلى كتاب وما عرفته عن ابن اللوحيّ من إسناد روايته إلى الفريقين وهصفاقهم على نقله وما سلف عن العلّامة النوري قدس سره أنّ تلك الفضيلة لا يبعد كونها من ضروريات مذهب الإمامية، وأ نّها جاء في أخبار غير محصورة، ومنصوص بها في كلمات العلماء، وفي ضمن الخطب والأشعار في جميع الأعصار.
إلى غير هذه من كلمات كثيرة تؤدّي ذلك المؤدّى على أنّ البحث لا يعدمنا النصّ الصريح بذلك.
قال العلّامة السيد هاشم البحراني، المتوفّى سنة "1107 ه" في "مدينة المعاجز": 'قال محمّد بن علي بن شهر آشوب في "مناقبه": أجمعت الشيعة على أ نّه عليه السلام ولد في الكعبة' [مدينة المعاجز: 7.] والظاهر أنّ النقل عن كتاب "المناقب" نفسه الذي لم نقف عليه لا منتخبه المعروف المطبوع المشهور بمناقب ابن شهر آشوب، وهو لابن جبر [الثابت عند المتخصّصين أنّ المطبوع هو 'مناقب آل أبي طالب' لابن شهر آشوب، وأنّ منتخبه الموسوم ب "نخب المناقب" لأبي عبد اللَّه الحسين بن جبر، ما يزال مخطوطاً، وموجوداً في بعض المكتبات اُنظر الذريعة 22.] فلا تذهب المذاهب بالقارى ء.
وفي "مناقب المعصومين عليهم السلام" عن "المناقب" أ نّه إجماع أهل البيت عليهم السلام [في الذريعة 334:22 مناقب المعصومين "للشيخ عبد الخالق بن عبد الرحيم اليزدي" المتوفى سنة "1268 ه".] ورأيت في موسوعة لبعض الفضلاء المتأخّرين، أنّ ولادته فيها هو الأشهر بل عليها الإجماع، وإلى الآن لم يولد فيها غيره ولنا أن نثبت إجماع الشيعة على ذلك طوراً، واتفاقها مع أهل السنّة تارةً.
أمّا اتفاق الشيعة: فلا يعزب الجزم به أيّ باحث منقّب، وقف على كلماتهم، وسبر أخبارهم، واطّلع على تواريخهم.
وقد عرفت في تضاعيف هذه الرسالة طرفاً من أحاديث الباب وكلمات العلماء وقد أرسلوا فيها حديث الولادة إرسال المسلّم، نافين عنه أيّ شبهة وارتجاف.
وهناك جموع آخرين نوقفك على بعض عبائرهم أو مضامينها: فمنهم العلّامة الأوحد قطب الدين محمّد ابن الشيخ عليّ الشريف اللاهيجي، تلميذ المحقّق الداماد المترجم في "أمل الآمل" [أمل الآمل 285:2 /849.] في كتابه القيّم الفخم "محبوب القلوب".
فقد نصّ كما عرفته من علماء اُمّته قبله وبعده- بولادة الإمام عليه السلام داخل الكعبة، يوم الجمعة في الثالث عشر من رجب، قبل الهجرة بثلاث وعشرين عاماً قال: 'ولم يُولد في البيت الحرام قبله أحدٌ سواه، وهي فضيلةٌ خصّه اللَّه تعالى بها، إجلالاً له وإعلاءً لمرتبته وإظهاراً لكرامته'.
ويقربُ منه ما ذكره البارع الجليل السيد عباس بن عليّ بن نور الدين الموسوي الحسيني المكّي في رحلته المسماة ب "نزهة الجليس ومنية الأديب الأنيس" [نزهة الجليس 103:1.] وما قاله العالم الناقد المتبحّر السيد نعمة اللَّه الموسوي الجزائري، المتوفى سنة "1112 ه" في "الأنوار النعمانية" ناهيك به ناقداً للأخبار، متبصراً فيها [الأنوار النعمانية 370:1.] ومنهم نظام الدين، محمد بن الحسين التفرشيّ الساوجي، تلميذ الشيخ بهاء الدين العاملي، ومتمّم "جامعه العبّاسي" بعده بأمر الملك السعيد الشاه عباس الصفوي.
قال في الباب السابع من تكملة "الجامع" المذكورة: 'إنّ ولادته عليه السلام في جوف الكعبة'.
وكذلك أرسله إرسال المسلّم شيخنا الفقيه الأوحد الشيخ خضر بن شلال آل خدام العفكاوي النجفي، المتوفى سنة "1255 ه" في مزاره المسمّى ب "أبواب الجنان وبشائر الرضوان" قال: 'ومولده الشريف في الكعبة الحرام بعد عام الفيل بثلاثين سنة'.
ومثله في الجزم بذلك العلّامة المشارك في العلوم الحاج المولى الشريف الشيرواني، نزيل تبريز، من تلمذة سيّد الرياض، وهو من ثقات علمائنا، في كتابه "الشهاب الثاقب" فقال: 'إنه ولد في مكّة ببيت اللَّه الحرام'، قال: 'ولم يولد فيه قطّ سواه، ولا قبله ولا بعده'.
وعيّن التأريخ بليلة السبت لثلاث وعشرين من رجب قال: 'وقيل: يوم الجمعة' [الشهاب الثاقب: فصل 2.]
ومنهم المحقّق الحكيم العارف الأخلاقي الفقيه المحدّث الشاعر المولى محمّد ابن المرتضى المدعو بالمحسن الفيض الكاشاني، المتوفّى سنة "1091 ه" فقد أثبت ذلك في كتابه "تقويم المحسنين" في حوادث شهر رجب: 'أنّ في ثالث عشرة يوم الجمعة على الأشهر ولد عليّ بن أبي طالب عليه السلام في الكعبة، قبل النبوّة باثنتي عشرة سنة، وللنبيّ صلى الله عليه و آله يومئذ ثمان وعشرون سنة' [تقويم المحسنين: 17.] وماثله في ذكر الفضيلة بصفة الجزم بها الشيخ ابو محمّد الحسن بن أبي الحسن محمّد الديلمي في "إرشاده" وكذلك في تأريخ الاُسبوع والشهر، وذكر أ نّها كانت سنة ثلاثين من عام الفيل، ونفى أن يكون قبله عليه السلام أو بعده أحدٌ في البيت، وأ نّها إحدى فضائله الجمّة المخصوصة به [إرشاد القلوب: 211.] ومثله العلّامة الأوحد، الجامع للمعقول والمنقول، الحاج السيد ميرزا حبيب اللَّه ابن محمّد بن هاشم الموسوي الخوئي في شرح نهج البلاغة، المسمّى "منهاج البراعة".
قال: 'وقد خصّه اللَّه بهذه الفضيل على سائر الأنام، ولم يولد في البيت أحدٌ قبله ولا بعده، وفي ذلك يقول أبوه أبو طالب عليه السلام:

أنتَ الذي فرضَ الإله ولاءَه                            ونطقتَ حقّاً بالجوابِ الصائبِ
أنتَ الذي رفعَ الإله محلّه                              وعَلا عُلاك على الشهابِ الثاقبِ
وولدتَ في البيت الحرام وخصّك                  الباري بكلّ مكارمٍ ومواهبِ
[علّق المولّف: أنا لا يروقني إثبات هذه الأبيات لشيخ الاُمة وأب الأئمة عليهم وعليه السلام، فإنّ شعره أفحل من أن تعدّ هذه في عداده، والعبرة هنا بكلام هذا السيّد الجليل لا الشعر المنقول، ولا بأس بأن تكون لبعض الشعراء.] [منهاج البراعة 216:1.] ومنهم العلّامة الفقيه السيّد حيدر الحسني الحسيني الكاظمي، المتوفّى سنة "1265 ه" قال في كتابه "عمدة الزائر": وأ نّه ولد بمكّة في البيت الحرام، يوم الجمعة لثلاث عشر ليلة خلت من رجب، بعد عام الفيل بثلاثين سنة، وهو المشهور والأقوى عندي ما رواه الشيخ في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال: كانت ولادته يوم الأحد، لسبع خلون من شعبان، وكان بين مولده ومولد رسول اللَّه صلى الله عليه و آله ثلاثون سنة، ولم يولد قبله ولا بعده في بيت اللَّه الحرام سواهُ، إكراماً له وتعظيماً له من اللَّه تعالى بذلك وإجلالاً لمحلّه' [عمدة الزائر: 54.] وقال سيّد الفقهاء، الآية الباهرة، السيد مهدي القزويني قدس سره، المتوفّى سنة "1300 ه" في "فلك النجاة": 'ولد يوم الجمعة، ثالث عشر رجب، وروي سابع شعبان، والأول أشهر، بعد مولد رسول اللَّه صلى الله عليه و آله بثلاثين سنة، في الكعبة البيت الحرام، هو أوّل من أسلم يوم مبعث النبي صلى الله عليه و آله وهو ابن عشر سنين، وأوّل من صدّق به' [فلك النجاة: 326.] وفي "عدّة الرجال" للعلّامة المحقّق السيد محسن الأعرجي: 'ولد أمير المؤمنين عليه السلام بعد عام الفيل ومولد النبي بثلاثين سنة، في أيّام هِرَقل، يوم الجمعة في رجب، وقيل في شعبان في البيت الحرام، ولم يولَد في البيت أحدٌ قبله ولا بعده' [عدّة الرجال] ثمّ ذكر حديث يزيد بن قَعنب كما مرّ عن الصدوق.
وهذا العالم البّحاثة النيقد وجد خلافاً في شهر الولادة فأوعز إليه، لكنّه لم يجد في حديث البيت أيّ ترديد، فلم ينبس عنه ببنتِ شَفَةٍ، ولو كان مثله يجد شيئاً لما آثر تركه، وهو ذلك الصريح الشديد في البحث والشيخ عبد النبي الجزائري في "حاوي الأقوال" والشيخ أبو علي الرجالي في "منتهى المقال" وإن نقلا هذه الحقيقة الراهنة عمّن قبلهما من العلماء، وقد أثبتنا في هذه الرسالة مقاله، لكن العبرة في المقام بإخبات الرجلين- وهما من أعلام علماء الدين- بها وبخوعهما لصحّتها ومنهم البحر الخضمّ علّامة العصور السيّد عليّ خان المدني الشيرازي، المتوفى سنة "1210 ه" في "الحدائق الندية في شرح الفوائد الصمدية"فقد نقل عن "الفصول المهمة" عبارته الآتية مكتفياً بها، مذعناً بحقيقتها وحقّيتها [الحدائق الندية: 10، والفصول المهمة: 30.]
وهناك من مؤلّفي العصور الأخيرة العالم النيقد المولى عليّ أصغر البروجردي، الذي أطلق القول الصراح في كتاب "عقائد الشيعة": بأنّ 'مولده عليه السلام في وسط البيت، ضحى الجمعة، بعد ثلاثين عاماً من ولادة النبيّ الأعظم' [عقائد الشيعة: 31.]
ولغيره كتاب آخر في المعارف الإلهية أحسنَ فيه وفي مبحث الإمامة، لم يشكّ بأنّ مولد الإمام عليه السلام في الكعبة، بعد عام الفيل بثلاثين عاماً في الثالث عشر من رجب يوم الجمعة قال: 'ولم يولد فيها أحد سواه، لا قبله ولا بعده'.
إلى هنا نكتفي من نماذج هذا الفصل بما ذكرناه، على أنّ جميع ما وقفت عليه تحت عناوين هذه الرسالة شروى هذه النقول، فيمكننا في هذا الموقف الاحتجاج بكلّ ذلك، ولعلّها جمعاء كقطرٍ من بحرٍ، بالنسبة إلى ما يجده السابر لكتب علمائنا.
وأ مّا إصفاق علماء أهل السنّة ومحدّثيهم وعرفائهم معنا في إثبات هذه المأثرة الفاضلة، فمن أجلى الحقائق وأثبتها.
لقد أسمعناك كلمة الحاكم في "المستدرك" وحكمه بتواتر النقل به.
ثمّ نقل الحافظ الكنجيّ الشافعيّ عنه ذلك بصفة اُخرى.
وحكم آخر بالتواتر عن المحدّث الدهلويّ.
وكلام الآلوسي بما يوافقهم ونصّه ب 'أنّ ذلك مشهور في الدنيا'.
وما عن الصفوريّ الشافعي في ذلك.
وعن "تاريخ گزيده" لحمد اللَّه المستوفي.
وعن "مطالب السؤول" لابن طلحة الشافعي.
وعن "مرآة الكائنات" لنشانجيّ زاده.
و "سير الخلفاء" للدهلويّ المعاصر.
وكتاب "الحسين" للسيد علي جلال الدين الحسيني.
وعن عبد الباقي أفندي العمري في قصيدته.
وعن المولى الروميّ.
ومعين الدين الجشتيّ.
وعبد الرحمن الجامي في شعرهم.
والأمير محمد صالح الترمذي في "مناقبه".
بل ذكر العلّامة الشيخ أبو الحسن الشريف العامليّ في "الفوائد الغروية والدرر النجفية" أ نّه 'روى حديث الولادة أكثر العامّة، وأ نّه يوم الجمعة، ولم يولد فيها أحد غيره'.
وإليك أسماء آخرين منهم لم يمتاروا في صحّة الخبر، فسردوه خاضعين لأميره: قال نور الدين عليّ بن محمد بن الصبّاغ المكّي المالكي، المتوفى سنة "855 ه" في "الفصول المهمة": ولد عليّ عليه السلام بمكة المشرفّة بداخل البيت الحرام، يوم الجمعة الثالث عشر من شهر اللَّه الأصمّ رجب الفرد، سنة ثلاثين من عام الفيل، قبل الهجرد بثلاث وعشرين سنة وقيل: بخمس وعشرين سنة وقبل المبعث باثني عشرة سنة، وقيل: بعشر سنين.
ولم يولد في البيت الحرام قبله أحدٌ سواه، وهي فضيلة خصّهُ اللَّه تعالى بها إجلالاً له وإعلاء لمرتبته، وإظهاراً لتكرمته' [الفصول المهمة: 30.] كما عرفت نقلها كذلك عن العلامة السيد علي خان المدني في "الحدائق الندية" قبيل هذا [الحدائق الندية: 10.] والسيد مؤمن بن الحسن بن مؤمن الشَّبلنجي الشافعي في "نور الأبصار" قال: ولم يولد في البيت الحرام قبله أحد سواه، قاله ابن الصباغ' [نور الأبصار: 156.] ونقل عن "الفصول" هذه مع نسبتها إلى مؤلّفها غيرُ واحد من أثبات أهل السنّة غير هؤلاء، كالسّمهودي في "جواهر العقدين" وبرهان الدين الحلبيّ في "إنسان العيون" [إنسان العيون: 165.] وقال شمس الدين أبو المظفر يوسف بن قزأُوغلي الشهير بسبط ابن الجوزي في "تذكرة خواصّ الاُمّة": 'روى أنّ فاطمة بنت أسد كانت تطوف بالبيت وهي حامل بعليّ عليه السلام فضربها الطَلقُ، ففُتِحَ لها باب الكعبة، فدخلت فوضعته فيها.
وكذا حكيم بن حزام ولدته اُمه فيها قلت: وقد أخرج لنا أبو نعيم الحافظ حديثاً طويلاً في فضلها.
إلّا أ نّهم قالوا: في إسناده رَوح بن صلاح، ضعّفه ابن عَديّ فلذلك لم نذكره [قال العسقلاني في لسان الميزان 465:2: رَوح بن صلاح المصري، ضعّفه ابن عدي، وقد ذكره ابن حبّان في الثقات، وقال الحاكم: ثقة مأمون انتهى.
وقد أخرج المتقي الهندي في كنز العمال 636:13 حديثاً في فضلها عليهاالسلام عن أبي نعيم الحافظ في المعرفة والديلمي، وقال: سنده حسن.] [تذكرة الخواص: 10.] عرفت أنّ ولادة حكيم فيها، على تقدير صحّتها، من جملة الصدف والإتفاقات غير القصدية، فليس فيها فضل ما غير تلويث البيت بالمخاض، ويجب تطهيره وأين هذه من ولادة أمير المؤمنين عليه السلام الذي فُتح لاُمّه الباب كما في عبارة السبط نفسه ولم يُفتح لغيرها، بالرغم من جهدهم في ذلك، كما سبق في أحاديث كثيرة أو انشقّ لها جدار البيت فدخلته كما في أحاديث الشيعة ولا يعدو ذلك أن يكون الأمر إلهيّاً قصد به التنويه بِشَرَف المولود المبارك الذي شرَّف البيت بولادته فيه.
وقوله: 'فيما رواه ابو نعيم من الرواية المحكوم عليها بالضعف'.
فسياق العبارة يعطي أ نّها في فضل فاطمة بنت أسد فحسب، غير متضمّنة لحديث الميلاد الشريف، فلا يهمنا إذن ضعيفةً كانت هي أو قوية.
وإن كانت تتضمن شيئاً من ذلك فهو غير ضائر لنا، فإنّ مستند السبط في أمر الولادة غيرها، ولو كان مأخوذاً منها لتركه كما تركها لضعفها، فإنّ الضعف إن كان مسقطاً لجميع الرواية عن الاعتبار وموجباً للتحرّج عن إيرادها، فليس للاستناد إلى بعضها مبررٌ يرتضيه عالمٌ يترفّع عن التعويل على الأخبار الضعيفة.
فليس في نقله الحديث 'يروى' بصيغة المجهول أيّ هيعاز إلى الوهن فيه، بعد ما عرفت حال الرجل في خصوص المقام، وهو المعهود منه في غير مورد من هذا الكتاب من إرداف الحديث بنقده، أو تصحيحه، أو حذفه رأساً لضعفه.
وإنّما جاء به كذلك لتكثّر طرقه الموجب للإطناب إذا تصدّى لسردها، ولشهرته المغني عن ذكر الأسانيد.
وإنّما الغرض الإشارة إلى إحدى المسلمات بأوجز بيان.
ومثله من علمائنا ما وقع في عبارة السيد رضي الدين ابن طاوس، المتوفّى سنة "664 ه" في "الإقبال".
قال: 'روي أنّ يوم ثالث عشر رجب كان مولد مولانا عليّ بن أبي طالب عليه السلام في الكعبة قبل النبوة باثنتي عشر سنة' [الإقبال: 655.] فالمسند فيه إلى تلك الرواية هو يوم الولادة ثالث عشر رجب الذي وقع الخلاف فيه، لا محلّها المجمع عليه، الذي تضافرت الروايات به وتواترت الأسانيد.
وما كان مثل السّيد ابن طاوس بالذي يخفى عليه جليّة الحال في المقامين، وهو نابغة العلم وبحاثة الحديث، ورواية السير.
وقال أحمد بن منصور الكازروني في "مفتاح الفتوح": 'ولدت فاطمة عليّاً عليه السلام في الكعبة.
ونقل عنها أ نّها كانت إذا أرادت أن تسجد لصنم وعليّ في بطنها لم يمكّنها، ولذا يقال عند ذكر اسمه: 'كرّم اللَّه وجهه' أي كرّم اللَّه وجهه عن أن يسجد لصنم' أنا لا أُحاول تصديق الرجل في كل ما يقول غير ما أتيت به من كلامه شاهداً لموضوع الرسالة، فإنّي لا اُصافقه على أنّ فاطمة كانت تسجد للصنم، وإن كان ابنها أكبر وازع عن عبادة الأوثان ولو كانت اُجوّز لها تلكم الاُسطورة، لما عداني اليقين بما ذكره من أمر جنينها.
لكنّي اعتقد أنّ كون الإمام سلام اللَّه عليه في بطنها حملاً، وتقدير كونها حاملاً له عليه السلام من اللَّه سبحانه منذ الأزل، كان عاصماً لها عن عبادة الأصنام كبرهان الربّ "العصمة" المانع يوسف عن الزنا.
وهذا هو الذي نعتقده في آباء النبيّ والأئمة عليهم وعليه السلام واُمهاتهم، فهم مبرّءون عمّا يصمهم في دين أو دنيا.
ولهذا البحث مقالٌ ضافٍ لا يسعه المقام، وإنّما المراد هنا فذلكة [الفذلكة: مجمل ما فُصل وخلاصته. المعجم الوسيط- فذلك- 678:2.] المقام من أ نّا لا نقيم لهاتيك الرواية الساقطة وزناً، وإن وافق راويها في إخراجها ابن حجر في "الصواعق".
ولقد أُسرَّ ناقلها حَسوا في ارتغاء يزيد وقيعة في اُمّ الإمام، كما تحامل على أبيه المقدّس، فحكم بكفره لأمر دبِّرَ بليل، فصبّها في قالب الفضيلة له وتلقّاها الغير في غير ما رويّة وأسند عبد الرحمن الجاميّ في "شواهد النبوّة" [شواهد النبوة: 198، ط. المطبعة الحيدرية بومباي سنة "1288 ه".] حديث ولادة الكعبة إلى بعضهم غير أ نّه خلط الحابل بالنابل، وجاء بعثرات لا تقال فحدّد عام المولد الشريف بالسابعة من عام الفيل، عن الضدّ من ضرورة التاريخ والحديث، وعلم النسب، المثبتة أ نّه في الثلاثين، وشذّ من أرّخه بالثامن والعشرين منه.
ثمّ ذكر على ذلك: أ نّه كان عند بعثة النبي صلى الله عليه و آله ابن خمسة عشر عاماً.
وعليه يجب أن تكون البعثة في الثاني عشر من عام الفيل، أو أن يكون الإمام عندها إبن ثلاثة وثلاثين عاماً.
وكلاهما مخالف للضرورة والإجماع.
وعلى العلّات، فالغرض من نقل ما ذكره الرجل هو ما عزاه إلى البعض من حديث الولادة نفسه، فلا يقصر أن يكون إحدى روايات الباب.
وللجامي رباعية في حديث الولادة، والشعراء تلمح إلى هذه الفضيلة بما يكاد أن يبلغ مبلغ الصراحة.
وقال الشيخ عبد الحقّ بن سيف الدين المحدّث الدهلوي في "مدارج النبوة" ما ترجمته: 'قالوا: إنّه سمّته يعني الإمام عليه السلام اُمّهُ فاطمة بنت أسد "حيدرة" موافقة لاسم أبيها أسد، فإنّ حيدرة اسم للأسد، ولمّا جاء أبو طالب كره ذلك، فسمّاه "عليّاً".
وسمّاه رسول اللَّه صلى الله عليه و آله بالصديق كذا في "الرياض النضرة" [انظر الرياض النضرة 104:3 و 107.]: وكنّاه بأبي الريحانتين.
ولقّبه ب "بيضة البلد" و "الأمين" و "الشريف" و "الهادي" و "المهتدي" و "ذي الاُذن الواعية" و "يعسوب الاُمة".
وقالوا: إنّ ولادته كانت في جوف الكعبة' [مدارج النبوة 531:2، ط. لول كشور، 1914 م.]
مترجماً من الفارسية ولا منافاة بين ما ذكره من أنّ أبا طالب عليه السلام سمّاه عليّاً، وبين ما مرّ من أنّ التسمية كانت من عند اللَّه سبحانه، وأُنهيت إلى أبي طالب بطريق غير عادي وقد علمت أن شيخ الأبطح لما بلغه الأمر الإلهي سمّاه "عليّاً" فهي في الظاهر منسوبة إليه.
وأمّا تسرّع فاطمة بالتسمية فلا تصحّ عندي.
والأمير محمد صالح بن عبد اللَّه الكشفيّ التّرمذي الأكبر آبادي، بعد أن ذكر حديث يزيد بن قَعنب السابق ذكره بأسانيد متكرّرة مرسلة له إرسال المسلّم في كتابه "المناقب" نقل عن أبي داود البناكتي أ نّه 'لم يحظَ أحدٌ قبلَ الإمام عليه السلام ولا بعده بشرف الولادة في البيت' [مناقب مرتضوي: 87، ط. بومباي، سنة "1321 ه".] مترجماً من الفارسية.
وفي "روائح المصطفى" لصدر الدين أحمد البردوانيّ من متأخري علماء القوم: 'كانت ولادته عليه السلام في جوف الكعبة بعد عام الفيل بثلاثين سنة، يوم الجمعة في الثالث عشر من رجب' [روائح المصطفى: 10، ط. كانبور، سنة "1302 ه".] مترجماً من الفارسية.
وفي كتاب "آئينه تصوّف" لشاه محمد حسن الجشتيّ: 'أنّه عليه السلام ولد في الكعبة في الثامن عشر من رجب، سنة ثلاثين من عام الفيل عند الضحى قبل مبعث البي صلى الله عليه و آله بستّ سنين وستّة أيام' [آئينه تصوف: 9، ط. لامپور، سنة "1311 ه".] مترجماً من الهندية.
وفيه من الغرائب تعيينه يوم الولادة بالثامن عشر من رجب، وأغرب منه تحديده الوقت بما قبل البعثة بستّ سنين وستّة أيام.
فإنّ من المتسالم عليه أنّ مولده صلى الله عليه و آله في عام الفيل وأنّ بعثته على رأس الأربعين من عمره الشريف، فيجب أن تكون ولادة الإمام عليه السلام، وهي بعد الثلاثين من عام الفيل قبل المبعث بعشر سنين.
وفي "مفتاح النجا في مناقب آل العبا" لميرزا محمّد بن رستم معتمد خان الحارثيّ البدخشيّ، بعد تحديد شهر الولادة ويومها من الاسبوع وسنتها بالجمعة في الثالث عشر من رجب سنة ثلاثين من عام الفيل، وأ نّها بمكّة في البيت الحرام: 'وسمّته اُمّه حيدرة، وسمّاه النبيّ صلى الله عليه و آله عليّاً، فرضي أبواه بذلك، ولم يولد في البيت الحرام أحدٌ سواه، قبله ولا بعده، وهي فضيلة خصّه اللَّه بها'.
وفي "كفاية الطالب لمناقب علي بن أبي طالب" للعلّامة الشيخ محمد حبيب اللَّه الشنقيطي المدرّس بالأهزر بعد التزامه فيه بشدّة التحرّز من أحاديث الروافض المكذوبة، فيما زعمه، لأنّ الإمام عليه السلام في غنىً عنها لكثرة ما ثبت في السنّة من أحاديث فضائله.
وأرسل إرسال المسلّم: أنّ من مناقبه كرّم اللَّه وجهه أ نّه ولد في داخل الكعبة، ولم يعرف ذلك لأحدٍ غيره، إلّا حكيم بن حزام رضى الله عنه.
ففي "شرح الشفا" للشيخ عليّ القاري، بعد أن قال في حكيم بن حزام: 'ولا يعرف أحدٌ ولد في الكعبة غيره على الأشهر' ما نصّه: 'وفي "مستدرك الحاكم" أنّ عليّ بن أبي طالب كرّم اللَّه وجهه أيضاً ولد في داخل الكعبة' [كفاية الطالب: 25 و 37، وشرح الشفا 151:1، طبع الآستانة، والمستدرك 483:3.]
ليت القارى ء لم يسحب ذيل أمانته على كلمة الحاكم الموجودة في "المستدرك" التي أسلفنا إثباتها عند إثبات تواتر هذا الحديث.
وليته ذكر قوله: 'تواترت الأخبار أنّ فاطمة بنت أسد ولدت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب في جوف الكعبة'.
ليت! وهل ينفع شيئاً ليتُ [مأخوذ من بيت لرؤية من العجّاج، عجزه: ليت شباباً بوعَ فاشتريت.]؟ عذرته.
فهو حين رمى القول على عواهنه في ولادة حكيم بن حزام بإسناده إلى الأشهر المستخرج من علبة مخيلته لم يكن يسعه المصارحة بأنّ خلافه ممّا تواترت به الأخبار فلا أقل من التكافؤ بأن يكون كلّ منهما مشهوراً، فكان الأحفظ لسمعته والأستر لَمينِه [المين: الكذب لسان العرب مين- 425:13.]، أن يمسخ كلمة الإمام الحاكم إلى رأيت وكان من المحتمل القريب أن لا يناقشه أحدٌ الحساب لكن الحقيقة لابدّ وأن تبرز نفسها.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page