صحيفة الموادعة
بعد قبول الإمام (عليه السلام) التحكيم لا بدّ من كتابة صحيفة تتضمن بنود الاتّفاق ، وشروط الموادعة، فجاءت صحيفة الموادعة أوّلاً هكذا:
«هذا ما تقاضى عليه عليّ أمير المؤمنين ، ومعاوية بن أبي سفيان...»
فقال معاوية: بئس الرجل أنا إن أقررت أنّه أمير المؤمنين ثمّ قاتلته... وقال عمرو بن العاص: بل نكتب اسمه واسم أبيه، إنّما هو اُميركم ، فأمّا أميرنا فلا.
فلمّا اُعيد الكتاب إلى عليّ بن أبي طالب أمر بمحوه.
فقال الأحنف بن قيس: لا تمح اسم أمير المؤمنين عنك...
فقال علي (عليه السلام): إنّ هذا اليوم كيوم الحديبيّة حين كتب الكتاب عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ... واخيراً كان نصّ صحيفة الموادعة كما يلي:
هذا ما تقاضى عليه عليّ بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان، قاضي علي بن أبي طالب علي أهل العراق ومن كان معه من شيعته من المؤمنين والمسلمين، وقاضي معاوية بن أبي سفيان على أهل الشام ومن معه من المسلمين ، أننا ننزل عند حكم الله تعالى وكتابه ، ولا يجمع بيننا إلاّ إيّاه. وإنّ كتاب الله بيننا من خاتمته إلى خاتمته، نحيي ما أحيا القرآن ونميت ما أمات القرآن ، فإن وجد الحكمان ذلك في كتاب الله اتبعناه ، وإن لم يجداه أخذاه من السنّة العادلة غير المفرقة.
والحكمان عبد الله بن قيس ، وعمرو بن العاص، وقد أخذ الحكمان من عليّ ومعاوية ومن الجندين أنّهما آمنان على أنفسهما وأموالهما وأهلهما، والاُمّة لهما أنصار، وعلى الذي يقضيان عليه وعلى المؤمنين والمسلمين من الطائفتين عهد الله ان يعملوا بما يقضيان عليه ممّا وافق الكتاب والسنة.
وأنّ الأمن والموادعة ووضع السلاح متّفق عليه بين الطائفتين، إلى أن يقع الحكم، وعلى كلّ واحد من الحكمين عهد الله ليحكمن بين الاُمّة بالحقّ لا بالهوى...
وأجل الموادعة سنة كاملة. فإن أحب الحكمان أن يعجلا الحكم عجلاه... وإن توفي أحدهما فلأمير شيعته أن يختار مكانه رجلاً ، لا يألو الحقّ والعدل.
وإن توفي أحد الأميرين كان نصب غيره إلى أصحابه ممن يرضوا أمره، ويحمدون طريقته...
