طباعة

معركة صفين

 

 

معركة صفين

كان علي (عليه السلام) من أوّل يوم بويع فيه يسعى جاهداً إلى لمِّ شتات المسلمين ، ويعمل على جمع كلمتهم وعدم تفرّقهم ، فلم يبدأ أحداً بقتال حتّى يعذره فيه المرّة تلو الاخرة، وكان هذا شأنه في جميع مواقفه وحروبه، وهو القائل لابنه الحسن (عليهما السلام) : «لا تدعونَّ إلى مبارزة ، وإن دُعيت إليها فأجب، فإنّ الداعي إليها باغ، والباغي مصروع» [1] .

فقد سكت عن حقّه بالخلافة طيلة أيام أبي بكر وعمر وعثمان بن عفّان ، وما كان سكوته إلاّ حفاظاً على الإسلام ، وعلى جمع كلمة المسلمين.

وبعد مقتل عثمان ألحّ عليه المسلمون بأن يكون خليفة عليهم، ولكنّه (عليه السلام) كان يقول: لأن أكون وزيراً خير من أن أكون أميراً. ولكنه بعد الاصرار الشديد على قبول الخلافة قَبِلَها وسعى إلى إحياء شعائر الله والسير بالعدل والمساواة بين جميع المسلمين.

ولكن ذلك العدل وتلك المساواة جرّأت دناة النفوس الطامعين بالدنيا أمثال طلحة والزبير حيث نكثا البيعة، وخرجا مع عائشة على إمام زمانهم، وكانت حرب الجمل التي سلف الكلام فيها.

وكان من بين هؤلاء الطامعين معاوية بن أبي سفيان، الذي أغرّته واقعة الجمل فرفع قميص عثمان مطالباً بدمه كذباً وبهتاناً، فأعلن عصيانه وتمرّده على خليفة زمانه أمير المؤمنين (عليه السلام).

فأرسل إليه امير المؤمنين (عليه السلام) كتاباً مع جرير بن عبد الله البجلي يدعوه فيه إلى البيعة ـ هو وأهل الشام قاطبة ـ حتى لا تكون فتنة وإلاّ اضطرّه لمحاربته ، فمضى جرير ودخل الشام ودفع إلى معاوية الكتاب ، وخطب الناس وطالب معاوية وأهل الشام بالدخول في ما دخل الناس فيه. ولكن معاوية نادى بالناس للصلاة جامعة، وخطب بهم خطبة طويلة حثّهم فيها على المطالبة بدم عثمان، واثار فيهم روح النخوة والحميّة. وأجابوه على ذلك وأنّهم مستعدون للطلب بدم عثمان وبايعوه عليه.

 

 

--------------------------------------------------------------------------------

[1] قصار الحكم: 233.