موقف طلحة والزبير بعد بيعتهما لعلي (عليه السلام) ونكثهما البيعة
بعد ما تمّت البيعة لعلي (عليه السلام) وبايعه المهاجرون والأنصار ومنهم طلحة والزبير أخذ الندم والحسرة يغليان في قلبي طلحة والزبير، فعملا على إخراج نفسيهما من تلك البيعة بشتّى الوسائل وذلك لأن العدالة الاسلاميّة التي أراد تطبيقها في حكومته ثقيلة على نفوس كثير من المنتفعين والانتهازيين ومنهم طلحة والزبير اللذان كانا يتمنيان على الإمام الامارة والولاية والأموال الطائلة؛ ولهذا أنكرا على الإمام (عليه السلام) سياسته تلك واعتبراها مخالفة للنهج الذي ألفه الناس. ولهذا نرى طلحة يقول: «ما لنا في هذا الأمر إلاّ كحسّة أنف الكلب».
وقال بعض المؤرخين: «ذكروا أنّ الزبير وطلحة، أتيا عليّاً بعد فراغ البيعة، فقالا له: هل تدري على ما بايعناك يا أمير المؤمنين؟
قال علي (عليه السلام): نعم.. على السمع والطاعة، وعلى ما بايعتم عليه أبا بكر... وعمر... وعثمان. فقالا: لا... ولكنّا بايعناك على أنّا شريكاك في الأمر...
قال علي (عليه السلام): لا ولكنكما شريكان في القول والاستقامة والعون على العجز والأولاد. وكان الزبير لا يشك في ولاية العراق، وطلحة في اليمن.
فلمّا استبان لهما أنّ عليّاً غير موليهما شيئاً، أظهرا الشكاة ، فتكلّم الزبير في ملأ من قريش وقال: هذا جزاؤنا من عليّ، قمنا في أمر عثمان حتى أثبتنا عليه الذنب وسببنا له القتل، وهو جالس في بيته ـ لم يشاركنا في شيء من ذلك ـ فلمّا تولى أمر الخلافة جعل دوننا غيرنا. وتكلم طلحة بقريب من هذا. فانتهى قولهما إلى عليّ.
كما ان عبد الله بن عباس تكلّم في ذلك فأشار عليه بتوليتهما البصرة والكوفة ، لكنّ الإمام (عليه السلام) رفض ذلك. وبعدها جاءا إلى الإمام وقالا: يا أمير المؤمنين إئذن لنا إلى العمرة ، فنظر إليهما الإمام وقال: نعم، والله ما العمرة تريدان وإنما تريدان أن تمضيا إلى شأنكما... فمضيا. وفي شرح النهج: إنما تريدان الغدرة ، ونكث البيعة... وبعدها [1] أذن لهما الإمام فخرجا إلى مكة ولم يلقيا أحداً إلاّ وقالا له: ليس لعليّ في أعناقنا بيعة وإنّما بايعناه مكرهين [2]. وبهذا نكثا البيعة لعلي (عليه السلام).
--------------------------------------------------------------------------------
[1] انظر الإمامة والسياسة لابن قتيبة 1: 51.
[2] انظر شرح نهج البلاغة 1: 231 ـ 232.