طباعة

خطبة العقد

قال أنس: بينما أنا قاعد عند النبي (ص) إذ غشيه الوحي، فلمّا سري عنه قال: «يا أنس! تدري ما جاءني به جبرئيل من صاحب العرش؟» قلت: الله ورسوله أعلم، بأبي واُمّي ما جاء به جبرئيل؟ قال(ص): «إنّ الله تعالى أمرني أن أزوّج فاطمة علياً، انطلق فادع لي المهاجرين والأنصار» قال: فدعوتهم، فلمّا أخذوا مقاعدهم قال النبي(ص):«الحمد لله المحمود بنعمته، المعبود بقدرته، المطاع بسلطانه، المرغوب اليه فيما عنده، المرهوب عذابه، النافذ أمره في أرضه وسمائه، الذي خلق الخلق بقدرته، وميّزهم بأحكامه، وأعزّهم بدينه، وأكرمهم بنبيّه محمد ثمّ إنّ الله تعالى جعل المصاهرة نسباً وصهراً فأمر الله يجري إلى قضائه وقضاؤه يجري إلى قدره فلكلّ قدر أجل، ولكل أجل كتاب{يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ}[1]، ثمّ إنّ الله أمرني أن أزوّج فاطمة بعليّ فاُشهدكم أنّي قد زوّجته على أربعمائة مثقال من فضة إن رضي بذلك علي».
وكان عليّ غائباً قد بعثه رسول الله(ص) في حاجته، ثمّ إنّ رسول الله(ص)‌أمر بطبق فيه بسر فوضع بين أيدينا، ثم قال(ص): «انتهبوا»، فبينا نحن ننتهب إذ أقبل علي(ع)، فتبسّم إليه رسول الله ثم قال: «يا عليّ! إنّ الله أمرني أن أزوّجك فاطمة، فقد زوّجتكها على أربعمائة مثقال فضة إن رضيت» فقال عليّ(ع): «قد رضيت يا رسول الله» ثمّ إنّ عليّاً ما فخرّ ساجداً شكراً لله تعالى وقال:«الحمد لله الذي حبّبني إلى خير البرية محمد رسول الله»، فقال رسول الله(ص): «بارك الله عليكما وبارك فيكما وأسعدكما وأخرج منكما الكثير الطيب»[2].
*************
[1] ـ الرعد: 39.
[2] ـ كفاية الطالب: الباب 78 ص 298، والمناقب 3/351 فصل تزويجها(س)، وكشف الغمة: 1/348 ـ 349، وذخائر العقبى: 41