• شعر الصحابة

وهذا الفصل وحده لو أنصف الناس الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) يكفي حجّة على إمامته (صلوات الله وسلامه عليه)، وتقدّمه على من سواه من الأمة؛ فإنك لو فتشت جميع كتب السير والتاريخ والأدب لم تجد لأحد ممن تقدَّمه أو تأخَّر عنه هذا المديح، من قبل صحابة وتابعين، علماً انه عاش بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) خمساً وعشرين سنة قابعاً في بيته، لا يُزار ولا يزور إلاّ نادراً، وبعد استلامه الحكم يعطي سهل بن حنيف ـ وهو أحد وجوه الأنصار وعظمائهم ـ بالمقدار الذي يعطيه لعبد أعتقه سهل.

وأزيدك أن الكثير من شعرهم ـ كما ستجده ـ يذكر الوصية، وأنه عليه السلام كان الوصي لرسول الله (صلى الله عليه وآله).

ولقائل أن يقول: ما قيمة الشعر ـ وإن جاء من عند وجوه الصحابة ـ بعد ان نزل فيه عليه السلام 300 آية(1) يضاف إليها مئات الأحاديث النبوية الواردة في صحاح السنة والشيعة، والتي هي حجّة على كل مسلم بمتابعته سلام الله عليه (فلله الحجّة البالغة)(2).

نعود فنذكر بعض ما ورد من شعرهم:

1 ـ قال عبد الله بن رواحة(3):

ومشهـــــده بالخيــــر ضـــرباً مرعبلا

يظلّ لــــــه رأس الكـــميّ مــــــجــــدّلا

تخـــــال عليه الزعفــــران المــــــعللا

وتدنو إليه الضبع طوراً لتأكلا(4) (5)  

ليـــهن عــــليّ يــــوم بــــــدر حضوره

كـــأني بـــه فـــي مشـــهد غيــر خامل

وغــــادر كبش القــــوم في القاع ثاوياً

صــــريعـــاً يـــبوء القــشعمان بـرأسه

 

2 ـ وقال الفضل بن العباس(6):

عـــلي وفــي كلّ المـــواطن صــــاحبه

وأوّل مـــن صـــلّى وما ذُمّ جــانبه(7)
  
وكـــان ولـــي الأمر بـــــعد محــــــــمد

وصـــــيّ رســــــول الله حقّاً وصــهره

 

3 ـ وقال عتبة بن أبي لهب بن عبد المطلب(8):

وذادوا عـــلياً عـــن إمـــارته قــــدمـــا

ولـــم ينـــفسوا فيمن تولاهم علما(9)

تـــــولّت بــــنو تيم على هــاشــم ظلماً

ولـــم يحفظوا قربــــى نـــبي قــــــريبة

 

4 ـ وقال المغيرة بن الحارث بن عبد المطلب(10):

جيش ابن حـــرب فـإن الحـق قد ظهرا

أضحى شقيّاً وأمــسى نفـــسه خـــسرا

وصـــهره وكتـــاب الله قـد نشرا(11)

يـــا عصـــبة المـــوت صبراً لا يهولكم

وايقنوا ان مــــن أضــــحى يخـــالــفكم

فيــــكم وصـــيُّ رســــول الله قائـــدكـم

 

5 ـ وقال الحجاج بن علاط(12) يمدح أمير المؤمنين (عليه السلام) ويذكر قتلة طلحة بن أبي طلحة بن عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار صاحب لواء المشركين يوم أحد:

أعـني ابن فـاطــمة المعم المخولا(13)

تـــــركـــت طـــليـحة للجبــيـــن مــجدلا

بالجراذ يهوون أخول اخولا(14) (15)
   
لله أي مـــذبــــب عـــــن حــــــرمــــــة

سبــــــقت يـــداك لـــه بعاجل طــــعــنة

وشــــددت شــــدّة بـــاســـل فكشـفتهم

 

6 ـ وقال مالك بن عبادة الغافقي(16):

إذا مـــا دعــــاه حـــاسراً أو مــسربلا

وأوّل مـــن صـــلى وصـام وهللا(17)
  
رأيــــــت علـــــياً لا يــــــلبّــث قــــرنـه

فهـــذا وفـــي الإســـلام أوّل مــــســـلم

 

7 ـ وقال نافع بن الأسود بن قطبة بن مالك التميمي(18):

فـــــقد قـــبل الصـــــمَّاء لمّـــا استــــقلت

وقامت عليه قصرة فاستقرّت(19) (20)

ألا ابــــلــــغا عـــنّي عـــليـــــاً تـــــحـيـــة

بـــــنى قبــّـــة الإســلام بعــــد انـــهدامها

 

8 ـ وقال ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب(21):

عـــن هاشـــم ثــم منها عن أبي حسن

وأعــــــلم النـــاس بالآيـــات والســـنن

جبريل عـــــون لــه في الغسل والكفن

وليس في القـــوم مــا فيه من الحسن

ها ان بيعتـــــكم مــــن أوّل الفتنِ(22)
   
مــــا كنــــــت أحســـب أن الأمر منتقل

أليـــــس أوّل مـــــن صـــلى لقــــبلتهم

وآخــــر النــــاس عـــهداً بالنــبي ومن

مــــن فيــــه مـــا فيــــه ما تمترون به

مــــاذا الـــــذي ردَّكـــم عــــنه فنـعلمه

 

9 - شعر: عبد الحسين خلف الدعمي

أنا عاشقٌ

أنــا عــاشقٌ والعـشـقُ يَسري في دَمي واللهُ يشـــــهَدُ مـــا بـقــــلبي فـي فمي

أنـا عــاشــقٌ مَــنْ للمــــــعـاجــزِ آيــــةٌ وعَلـــــى فُــــــتاتٍ عــــــاشَ كـالمُتنعمِ

ليـــــثُ الهــــواشِم سَــــيفُها إن أقدمَتْ وكــــــــتابُها إن أحـــــجمَت عَـن مقدَم

فــــي العـــرشِ قد نقشَ الملائِكُ اسمهُ مِـــــن قــــــبلِ أن تــسري الحياةَ بآدَمِ

بـــالحقِ بـــابُ مــــدينةِ العــــلِم اغتدى ولحـــــربــــها ســـــيفاً شـديدَ المعصَم

ركــبَ المــــنايا فــــي الــحياةِ كــــــأنَهُ للمـــــوتِ يَـــــمضي ســــاعياً كالمُغرَم

قَـــد قـــالَها عمـــــر وفــــي حَـقِ الذي لــــولاهُ مـــــامُدَ البــــــساطُ لمُــــســـلِم

لــــولا عــــــليٌ هـــــالِكٌ عــــــمرٌ وَمــا دانــــــــتُ لَــــــهُ الدنـــــيا بثـــغرٍ باسِم

* * *

مَــــــنْ بــالشَجاعةِ مِثلُ حيـــــدرَ خَيبرٍ قَـــــد رَدَ مَرحــــــبها خَضــــــيبا بالدَمِ

مَــــــنْ شمـــس هذا الكون قد ردت لهُ وســـــقى رؤوسَ الكفُِر كــــأسَ العَلَقِم

مَــــن بــــانَ فــــي محـــــرابهِ مُتخِشعاً وُهـــــوَ الأمــــــيرُ يَئـِــــنُ كـــــالمُتَظِلم

خَـــــشِنُ الثيابِ قضــــى الحـياةَ تقشُفاً والتـــــبرُ بــــينَ يَـــديهِ ما قالَ أغنمي

هُــــــوَ للـــــــرعية والـــــدٌ لا حــــــاكِمٌ نَـــــــهجُ البــــــلاغةِ فــــهوَ خيرُ مُعَلِمِ

مَــــــنْ مِثلَهُ يــــــا مَــــنْ أراكَ مُصفِحاً كُــــــتُباً عَـــــــليٌ مـــــــالَهُ مـــــن تؤامِ

هُـــــوَ فــي البلاغةِ نَهجُها صَعبٌ على مَـــــن لــــــم إلى نبع الرسالة يـــنتمي

هـــــوَ فــي الفصاحَةِ سَيدٌ حَيثُ إرتقى مِـــــنها رُقــــيّ الصــــــادع المُتــــــكلِم

هُـــــوَ فـــارسُ الهيجاءِ سَــــيدُها الذي هُــــوَ ذو الــفقار على المدى لم يُهزَم

صَـــــرعَ ابـــــنُ ودِّ العـــامريِّ بخندَقٍ وهـــــوَ ابــــنُ عشـــرينَ فتىً لم يَسأمَ

يَـــــدعوا إلـــــى التــوحيدِ وهو موحَدٌ عـــــــاشَ الحـــــياةَ مُـــجالداً كالمُرغَمَ

يـــــا نَـــفسُ جودي وأجهري في حُبهِ لا تَـــــلوِ جــــيداً أو لِـــــحُبهِ تكـــظُمَي

* * *

يــــــا أيُــــها الأفــــقُ المُقــــدسُ كُلــما مَــــــضت الســـنونَ تـــعيدها (للأرقم)

مَـــــنْ يشَـــــهدُ الأعــــداءُ أنــكَ ضيغَمٌ وَبـــــــكَ الضـــياغِمُ تَستجيرُ وَتحتَمي

يـــــا ســـــاقياً مـــن حوضِ كوثرِ جَنةٍ قَـــــد بــــتُ مـن شغفي أعُالج كالظمي

لا لَـــم يــخِبْ من صاحِ بأسمكَ يا علي فالخــــــيل تـــــلكَ الخـــــيل لا لم تُلجَمِ

مُــــنذ الـــــــولادَةِ كُــــــلنا عشـــقٌ إلى يَــــــومِ الـــــــرحيل فـــــإنـــنا لَم نُفطَمِ

مَـــــن لــم يحـــبكَ يـــــا عليُ فقد بغى وجـــــزاؤهُ خــــــلدٌ بــــــنارِ جهـــــــنَمِ



ماذا تعني كلمة (مولاه) في حديث الغدير؟!
حديث انا مدينة العلم
حال مبغضي عليّ(عليه السلام) في الآخرة
حُبُّ الإمام علي (عليه السلام) للـه تعالى
عليّ (عليه السلام) باب علم الوحي
   
الهوامش
-----------------------------------------------------------------------
1 ـ انظر كشف الغمة للأربلي، وبحار الأنوار للمجلسي، ودلائل الصدق للمظفر، وعلي في القرآن للشيرازي، وعلي في القرآن للمؤلف.
2 ـ الأنعام: 149.
3 ـ من السابقين الأولين من الأنصار، وكان أحد النقباء ليلة العقبة، شهد بدراً وما بعدها، وأحد قادة الجيش الذي بعثه رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى مؤتة فاستشهد (رحمه الله)، وذلك في السنة 8 للهجرة. وذكر بعض أهل السيرة عمن شاهده في ذلك اليوم وقد ناوله ابن عم له عظماً عليه لحمة وهو يقول: كل من هذا فقد لقيت هذا اليوم شدة، فأخذه وهو ينهس منه إذ سمع الحطمة في الناس، فألقاه وشد على جمع المشركين يضربهم حتى صرع.
4 ـ القشعمان: النسر الذكر العظيم.
5 ـ مناقب آل أبي طالب: 3 / 120.
6 ـ ابن عم النبي (صلى الله عليه وآله)، ومن أجلاء الصحابة، وفحول الشعراء، لازم النبي (صلى الله عليه وآله) في مرضه الذي توفي فيه، وكان يعين أمير المؤمنين (عليه السلام) على تجهيز النبي (صلى الله عليه وآله). توفي سنة 13 أو بعدها.
7 ـ مناقب آل أبي طالب: 3 / 52.
8 ـ ابن عم النبي (صلى الله عليه وآله)، شهد حنيناً فكان فيمن ثبت.
9 ـ أعيان الشيعة: 8 / 137 عن كتاب المقنع في الإمامة.
10 ـ أبو سفيان، غلبت عليه كنيته، كان يشبه النبي (صلى الله عليه وآله)، واحد من ثبت يوم حنين مع النبي (صلى الله عليه وآله). مات سنة 15 أبو بعدها.
11 ـ شرح نهج البلاغة: 1 / 150.
12 ـ الفهري. قدم على النبي (صلى الله عليه وآله) بخيبر فأسلم، وسكن المدينة، واختط بها داراً ومسجدا. انظر ترجمته في الاستيعاب وغيره.
13 ـ المذب: المحامي. والحرمة: ما يجب على الإنسان ان يدفع عنه. وابن فاطمة: الإمام أمير المؤمنين عليه السلام، أمه فاطمة بنت أسد بن هاشم. والمعم المخول: كريم الأعمام والأخوال.
14 ـ الجر: أصل الجبل. واخول اخولا: واحداً بعد واحد.
15 ـ السيرة النبوية: 3 / 79.
16 ـ أبو موسى حليف حمزة بن عبد المطلب (رضوان الله عليه). شهد حجة الوداع. ونزل مصر، ترجم له ابن حجر في الإصابة.
17 ـ الفصول المختارة: 217.
18 ـ أبو محمد الأسيدي، شاعر مخضرم.
19 ـ قصرة: أي دون الناس.
20 ـ وقعة صفين: 492.
21 ـ أبو أروى، كان أسن من عمه العباس بن عبد المطلب بسنتين. توفي في المدينة سنة 23.
22 ـ الفصول المختارة: 216.

أضف تعليق