بطاقات الكترونية إسلامية

بطاقات الكترونية إسلامية

التاريخ: 2009/06/16
شرح فقرة: "يا من أمات وأحيا..."
بقلم الدكتور محمود البستاني
لا نزال نحدثك عن الادعية المباركة، ومنها دعاء الجوشن الكبير، حيث حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه،... ونحدثك الآن عن احد مقاطعه الذي ورد في ختامه ما يأتي: (يا من أَضْحَكَ وَأَبْكَى، يا من أَمَاتَ وَأَحْيَا، يا من خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنثَى). هذه العبارات او المظاهر، حدثناك عن الاول منها وهو (يا من أَضْحَكَ وَأَبْكَى). ونحدثك الآن عن العبارة الثانية وهي (يا من أَمَاتَ وَأَحْيَا). فماذا نستلهم منها؟
مما لا ترديد فيه، ان الاحياء والاماتة او العكس تظل من الظواهر الموضحة عن قدرته تعالى، وأهمية هذه الظاهرة تتمثل ليس في التعبير عن قدراته تعالى غير المحدودة فحسب، بل تسهم في اقامة الدليل على وجوده تعالى بالنسبة الى المشككين. من هنا نجد مثلاً ان سورة البقرة تظل في احد محاورها الفكرية حائمة على ظاهرة الاماتة والاحياء، وهذا ما نجده بوضوح في عدة قصص وعدة مواقع من السورة الكريمة، فمثلاً هناك قصة ذبح البقرة، واحياء القتيل الذي قتله احد الاشخاص وطلب من موسى عليه السلام معرفة القاتل حيث امرهم بذبح البقرة وضرب القتيل بذيلها، فاحييت وكذلك في قصة الذي اماته الله تعالى 100 سنة ثم بعثه، وكذلك في قصة الطيور الاربعة التي قطعت قم عادت بالنسبة الى تجربة ابراهيم (عليه السلام) عندما طلب من الله تعالى ان يصنع ذلك، اي: الاماتة والاحياء.
وهكذا بالنسبة الى قصص اخرى ومواقع اخرى ذكر فيها هذا الموقف. اولئك جميعاً تعني ان القرآن الكريم يستهدف النظر الى هذه الظاهرة تعميقاً للايمان واطمئناناًَ: كما حدث لابراهيم (عليه السلام) او اقناعاً لمن يحتاج الى هذا الموقف
بعد ذلك نتجه الى الظاهرة الثالثة وهي: (يا من خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنثَى). هنا يجدر بنا ان نذكر بان المظاهر الثلاثة المتقدمة اي: الاضحاك والابكاء، والاماتة والاحياء، ثم خلق الذكر والانثى تظل تذكيراً بقدرته تعالى غير المحدودة لمن يشكك بالحياة الاخرى. كيف ذلك؟
ان الاضحاك والابكاء (كما لاحظنا في لقاء سابق) ورد بانهما رمز لمن يدخل الجنة ولمن يدخل النار، وهذا يعني: ان محور الدلالة هو اليوم الآخر، من هما جاءت العبارة الثانية (يا من أَمَاتَ وَأَحْيَا) تجسيداً لهذه الدلالة، حيث ان الاماتة تجربة بشرية اي: تجربة متمثلة في وقائع حسية لا تشكيك فيها، لذلك فان ارداف الاماتة بالاحياء يوم القيامة يظل برهاناً ليقينية اليوم الآخر الذي يشكك فيه المنحرفون واما العبارة الاخيرة، وهي: (يا من خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنثَى) فهي: بالاضافة الى تعبيرها عن القدرة غير المحدودة لله تعالى، تضطلع بوظيفة ثانية هي: التمهيد لليوم الآخر وهو المحور الذي لا نزال نتحدث عنه. كيف ذلك؟
لنلاحظ ان الآية القرآنية الكريمة بعد ان تحدثت عن الزوجين بعبارة: «وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنثَى» وهي العبارة التي اقتبسها الدعاء، وعرضها في المقطع
قد اردفها النص القرآني الكريم بعبارة «وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الأُخْرَى»، اي: ان الحديث عن الذكر والانثى وخلقهما، قد اقترن بالحديث عن الدار الآخرة، وهي: النشأة الثانية الاخروية، بعد النشأة الاولة الدنيوية.
اذن، كم هو مثير للانتباه هذا النمط من العبارات الواردة في دعاء الجوشن حيث اضطلع مقطع الدعاء بالبرهنة على الاحياء والاماتة من خلال الربط بين مواقف واحداث دنيوية وبين انعكاساتها على الحياة الاخروية: كما لاحظنا.

الأدعية والزيارات الصوتية

loading...

أدعية فلاشية

loading...

شرح الأدعية

loading...