بطاقات الكترونية إسلامية

بطاقات الكترونية إسلامية

التاريخ: 2009/09/02
شرح فقرة: "يا من لا تحصي العباد نعمه، ..."
بقلم الدكتور محمود البستاني
لا نزال نحدثک عن الأدعية المبارکة ومنها دعاء (الجوشن الکبير)، حيث حدثناک عن مقاطع متسلسلة منه، ونحدثک الآن عن احد مقاطعه الذي ورد فيه: (يا من لا تحصي العباد نعمه، يا من لا تبلغ الخلائق شکره، يا من لا تدرک الاوهام جلاله، ...).
ان هذه العبارات امتداد لعبارات سابقة حيث تتناول مختلف مظاهره تعالی، ومنها: عبارة (يا من لا يحصي العباد نعمه) وهي عبارة تتحدث عن نعمه تعالی مشيرة بذلک الی نعمه التي لا يمکن ان يحصيها العادّون، وهي عبارة مقتبسة من القرآن الکريم في ذهابها الی ان نعمه تعالی لا تحصی متمثلة في الآية الکريمة «وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا»، وفعلاً لو أراد الانسان ان يحصي ذلک بدء من ولادته مرورا بنشأته وانتهاء برحيله الی الله تعالی، تظل النعم من السعة بمکان لا تحصی مسافته.
بعد ذلک نواجه عبارة (يا من لا تبلغ الخلائق شکره) وهذه العبارة امتداد لسابقتها، من حيث تجانسهما، فالنعم اذا کانت غير قابلة للاحصاء، فان الشکر عليها من العبد لا يبلغ مداه المطلوب اي: ان کان بعد نعمة شکرها فحينئذ مادامت النعم غير محدودة کذلک شکرنا عليها غير محدود. فما أحرانا ان نعترف بعجزنا عن الشکر ولکن في الآن ذاته أن نقّر بان شکرنا لله تعالی يحتاج الی شکر ايضاً: کما ورد ذلک في احاديث المعصومين (عليهم السلام).
بعد ذلک نواجه عبارة (يا من لا تدرک الافهام جلاله) هذه العبارة تتحدث عن عظمة الله تعالی من حيث الصفات الکلية لله تعالی، وان کان هناک تصنيف لخط الصفات الجلالية والجمالية، حيث يقصد باولاها: الصفات الدالة علی کمال الله تعالی في العلم والارادة والقدرة الخ. ويقصد بالاخری: الصفات التي يجل تعالی عن الوصف بها الا ان هذا المصطلح هو: کلام فلسفي بينما المقصود من (الجلال) في الدعاء هو العظمة الالهية بنحو عام والمهم هو: ان العبارة تشير الی ان الافهام البشرية وغيرها تعجز عن الادراک لعظمته التي لا حدود لتصورها.
من هنا نجد ان هذه العبارة سوف تتجانس مع لاحقتها القائلة (يا من لا تدرک الاوهام کنهه)، فکما لاحظنا ان النعم والشکر عليها تتجانسان في العبارتين القائلتين: (يا من لا تحصي العباد نعمه) وعبارة (يا من لا تبلغ الخلائق شکره) کذلک تتجانس عبارة (يا من لا تدرک الافهام جلاله) مع عبارة (يا من لا تدرک الاوهام کنهه) حيث ان العبارة الاولی تتحدث عن عجزنا عن ادراک عظمته تعالی بينما تتحدث الثانية عن عجزنا عن ادراک کنهه من خلال عنصر التخيل، وهذا الفارق بين (الافهام) و (الاوهام) يحتاج الی توضيح.
(الفهم) هو الادراک الفکري للشيء وامّا (الوهم) فهو الادراک (التخيلي) للشيء اي: ان الشخصية عندما تفهم الشيء فانما يتحقق ذلک بواسطة الادراک الحسي او المعنوي، ولکن عندما (تتخيل) الشيء، فانما تسمح للخيال بان يرکب ويحلل، اي يتناول ما هو (التجريدي) غير القابل لما هو (واقعي)، من هنا، فان العبارة القائلة: (يا من لا تدرک الاوهام کنهه) تعني: ان الانسان مهما سمح لخياله بالتحليق لادراک کنه الله تعالی لا يمکنه ذلک، وکذلک عبارة (يا من لا تدرک الافهام جلاله) تعني: ان الانسان حتی لو استخدم قواة الادراکية غير التخيلية: لا يستطيع ان يدرک ويفهم عظمة الله تعالی.

الأدعية والزيارات الصوتية

loading...

أدعية فلاشية

loading...

شرح الأدعية

loading...