بطاقات الكترونية إسلامية

بطاقات الكترونية إسلامية

التاريخ: 2009/11/03
شرح فقرة: "يا من يقلب الليل والنهار، ..."
بقلم الدكتور محمود البستاني
نواصل حديثنا عن الأدعية المباركة، ومنها دعاء الجوشن الكبير، حيث حدثناك عن مقاطع متسلسلة، منه ونحدثك الآن عن احد مقاطعه الجديدة حيث بدأ بهذا النحو: (يا من يقلّب الليل والنهار، يا من جعل الظلمات والانوار، يا من خلق الظل والحرور، ويا من سخّر الشمس والقمر،...).
هذه الفقرات من المقطع تتحدث عن ابداع الله تعالی وتسخير ذلك لنا، حيث ذكر اولاً تقلب الليل والنهار، ثم اردفه بالظلمات والانوار.
والمستخلص هنا هو: ان الليل والنهار في الفقرة الاولی ترتب عليهما الظلام والنهار في الفقرة الثانية.
حينئذ نستخلص صلة هاتين الفقرتين مع بعضهما الآخر، الا ان السؤال هو: ما هي النكات الكامنة وراء هاتين الفقرتين اللتين تتحدثان عن الليل والنهار والظلام والانوار؟
قبل ان نجيب عن السؤال المذكور نلفت نظركم الی ان معطيات الله تعالی في ابداعه للوجود لا يمكن لأحد ان يلمّ بها بقدر ما يستطيع الملاحظ ان يستخلص البعض منها. هذا من جانب، امّا من جانب آخر، فان ثمة خصائص بلاغية او فنية ينبغي لفت الانتباه اليها أيضاً، وهذا ما نبدأ بملاحظته الآن، فنقول او نتساءل: ما هي النكتة الكامنة وراء الصياغة الذاهبة الی ان عبارة (يقلّب الليل والنهار) قد انتخبها دون غيرها من العبارات المشيرة الی حدوث الليل والنهار متعاقبين مثلاً؟
الجواب: في تصورنا ان (التقلّب) لليل والنهار ينطوي علی نكتة بلاغية هي: ان التقلب لا يأخذ رتابة دائمية بقدر ما يرمز الی دلالة اخری، والّا فان نصوصاً قرآنية ودعائية وحديثية طالما تشير الی مصطلحات مثل «يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ» مثلا أو «وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ» قد تشير الی التعاقب الرتيب، وهكذا طبيعتاً: لكل صياغة سياقها الذي يتجانس مع الموضوع المطروح، بيد ان (التقلّب)، هنا هو صرف الشيء عن وجهه: كصرف الباطن الی الظاهر او العكس الخ، ومثل تحويل النوم من اليمين الی اليسار مثلاً، نحو «وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ»، وهذا يعني ان التقليب اعم من سائر الحالات التي ورد فيها ذكر الليل والنهار، حيث يردان حيناً من خلال مصطلح «يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ» وحيناً من خلال مصطلح الغشية، مثل «يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ»، وحيناً من خلال التعاقب.
بينما يظل التقلب شاملاً للحالات المذكورة جميعاً، ولذلك يظل المصطلح (يقلّب) عاماً او كليا، لتأتي الظواهر المترتبة علی ذلك ثانوية، وهذا ما لاحظناه، عندما رأينا ان العبارة التالية (يا من يقلّب الليل والنهار) قد اعقبتها عبارة (يا من جعل الظلمات والانوار). وهذا من الوضوح بمكان كبير، اي: ان الظلام والنور هما صفة لليل والنهار ومن ثم يستطيع قارئ الدعاء ان يتداعي بذهنه من كلمتين (الظلمات والانوار) الی المعطيات المترتبة علی كل منهما، بصفة ان الليل سكن، والنهار عمل، ما ورد من النصوص المشيرة الی فاعلية كل من الليل والنهار، او الظلمات والانوار مما لا يحصی عدد معطياتهما في مختلف ميادين الحياة كما هو واضح.
بعد ذلك نواجه عبارة (يا من خلق الظل والحرور)، وهذه العبارة بدورها مترتبة علی ما سبقها، حيث ان النهار هو المفضي الی هاتين الظاهرتين، بالاضافة الی ان الفقرة اللاحقة وهي (يا من سخّر الشمس والقمر) تلقي بانارتها علی موضوع الظل والحرور، وهما: ظل الليل وتسخير النهار.
اذن اتضح بجلاء: الرابط الفني بين العبارات المتقدمة (الليل والنهار)، (الظلمات والانوار)، (الظل والحرور)، وهو اثر يكشف عن الاحكام الذي يطبع الدعاء، فضلاً عن دلالاته التي تمت الاشارة اليها بالنحو المتقدم.

الأدعية والزيارات الصوتية

loading...

أدعية فلاشية

loading...

شرح الأدعية

loading...