بطاقات الكترونية إسلامية

بطاقات الكترونية إسلامية

التاريخ: 2009/11/08
شرح فقرة: "يا من له الخلق الامر، ..."
بقلم الدكتور محمود البستاني
نواصل حديثنا عن الادعية المباركة، ومنها دعاء الجوشن الكبير، حيث حدثناكم عن مقاطع متسلسلة منه، ونحدثكم الآن عن احد مقاطعه الذي ورد فيها: (يا من لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ، يا من لم يتـّخذ صاحبة ولا ولداً، يا من لا شريك له في الملك، يا من لم يكن له وليّ من الذلّ). بهذه الفقرات ينتهي احد مقاطع الدعاء، وهي فقرات تتحدث عن ظاهرة التوحيد بعد ان كانت الفقرات السابقة عليها تتحدث عن الابداع، وعن ايكاله تعالی المهمة العبادية للخلق، وها هو الآن - اي مقطع الدعاء - يتحدث عن مظاهر للتوحيد بدأها بعبارة (يا من لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ). فماذا نستخلص منها؟
لقد ورد في تفسير الآية المباركة، وهي (ألا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) بان المقصود من ذلك هو: ان الله تعالی هو المبدع والمخترع للخلق، كما انه هو الأمر خلقه بما يشاء وبما يحبّ وهذا يعني ان العبارة المذكورة في الدعاء (يا من لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ) هي اقتباس او تضمين او تناصّ (في اللغة الأدبية المعاصرة)، كما ان العبارة التي تليها وهي (يا من لم يتخذ صاحبة ولا ولداً) تظل بدورها اقتباساً او تضمناً او تناصاً من القرآن الكريم، والمهم هو ان الفقرة الاولی وهي (يا من لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ) جاءت في سياق سبقها وهو عبارة (يا من خلق الموت والحياة) حيث ان هذه العبارة تضمين لعبارة قرآنية كريمة هي «الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ»، وهذا ما يتساوق في دلالته مع الآية الاخری (ألا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ)، بصفة ان التجربة العبادية هي الاختبار والامتحان والابتلاء، وهذا يتساوق مع عبارة لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ حيث يأمر خلقه الذي (أو كل) اليه التجربة او الابتلاء العبادي، يأمره بما رسم له من المبادئ التي تتمثل في السلوك، الإلهي المطلوب منّا، اي الالتزام بما هو واجب او مندوب، والانتهاء مما هو محرم او مكروه.
بعد ذلك تواجهنا عبارة (يا من لم يتخذ صاحبة ولا ولداً) هذه العبارة بدورها اقتباس او تضمين أو تناص من القرآن الكريم، وهي ايضاً متجانسة مع ما سبقها، حيث ان الله تعالی وهو الخالق والأمر خلقه بما يشاء، انما يتسم بالله الواحد الأحد الذي لا يشاركه غيره في الفاعلية الوجودية، ولذلك فان الاتهام الصادر من المشركين بان لله تعالی زوجة او ولداً هو: تخرص محض لا واقع له البته، هنا تذكر النصوص المفسّرة بان الأية التي تتحدث عن نفي الصاحبة والولد انها تهدف الی الاشارة بان الله تعالی الخالق لكل شئ لا يتعزز بالزوجة التي هي (صاحبة) ولا بـ (الولد) الذي يتكثر بواسطة الصاحبة، والمهم، ان النص يعرض لهذه الجوانب لانها افراز للبينة التي نزل القرآن الكريم خلالها، حيث تكشف عن تفاهة المشركين وتدنّي افكارهم وانحطاطها: كما هو واضح.
اخيراً: ختم مقطع الدعاء بعبارة (يا من لا شريك له في الملك، ولم يكن له ولي من الذل)، هذه العبارة بدورها اقتباس او تضمين او تناص من القرآن الكريم، الأمر الذي يكشف عن جمالية الصياغة القرآنية التي تتجانس - عبر الدعاء - في انه (اي: الدعاء) قد انتخب من النصوص القرآنية المتنوعة في مختلف سورها: ما يناسب مقطع الدعاء من حيث عملية الاقتباس من جانب، ومن حيث الدلالة من جانب آخر، حيث ختم المقطع دلالة بما يتناسب مع ما تقدّم فيه من النصوص الدعائية الكريمة، وما يهمنا هو: ان نعقب علی العبارة الأخيرة، وهي: (يا من لا شريك له في الملك، ولم يكن له ولي من الذلّ)، حيث تعني (الاشراك) في الخلق، وهو ما عرضت له العبارات السابقة النافية للصاحبة والولد، اي النافية للاشراك، ثم ما تعنيه الفقرة الاخيرة، (لم يكن له ولي من الذل)، حيث تعني ان الله تعالی لا حليف له ينصره، لان الضعيف هو المحتاج الی من ينصره، والله تعالی منزّه من ذلك، وهذا ايضاً جواب لاولئك المتخلفين في ذهنياتهم حيث يشركون مع الله تعالی سواه، تعالی الله عن ذلك: كما هو واضح.

الأدعية والزيارات الصوتية

loading...

أدعية فلاشية

loading...

شرح الأدعية

loading...