بطاقات الكترونية إسلامية

بطاقات الكترونية إسلامية

التاريخ: 2009/11/10
شرح فقرة: "يا من يعلم مراد المريدين، ..."
بقلم الدكتور محمود البستاني
نتابع حديثنا عن الادعية المباركة، ومنها دعاء الجوشن الكبير، حيث حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه، ونحدثك الآن عن احد مقاطعة الجديدة، البادئة بما يأتي: (يا من يعلم مراد المريدين، يا من يعلم ضمير الصامتين، يا من يسمع انين الواهنين). هذه الفقرات وما يليها تتحدث عن جانب من الرحمة الإلهية حيال عباده، حيث تتضمن العلاقة الخفية بين عباده عبر حاجاتهم التي يطلبونها من الله تعالی او عبر اوضاعهم التي يطلع الله تعالی عليها في الحالات جميعاً الخفي منها والعلني. المهم، ان المقطع يتحدث عن ذلك، وهذا ما نبدأ بإلقاء الاضاءة علی دلالاته وفق تسلسل ذلك، حيث نبدأ بعبارة (يا من يعلم مراد المريدين). فماذا نستلهم منها؟
(المريد) كلمة لها اكثر من دلالة، منها: ما يريده العبد من انجاز لحاجاته المختلفة، ومنها: الدلالة العرفانية، الّا ان السياق الذي ورد فيه هذا التعبير يتجانس مع الدلالة الاولی وهي: الحاجة التي يريد العبد بأن تنجز من خلال اطلاع الله تعالی عليها.
طبيعياً، ان ما يريده العبد يتحقق حيناً من خلال النطق به، وحيناً من خلال التفكير به، والنكتة هنا هي: ان عبارة: (يا من يعلم مراد المريدين) تعني النمط الأخير، اي: التفكير بالحاجة التي تخطر في ذهن هذا العبد او ذاك، حيث يريد المقطع من الدعاء ان يشير الی ان الله تعالی مطلع علی ما يريده العبد، حيث يتفضل تعالی بتحقيق ما يريده، وهو منتهی الرحمة من الله تعالی.
طبيعياً الدعاء لم يصرّح بهذا المعنی وهو: تحقيق ما يتطلع اليه العبد، ولكنه يوحي بذلك، وهذا هو احد وجوه البلاغة الشرعية المتمثلة في صياغة الأدعية. بعد ذلك نواجه عبارة جديدة، فما هي العبارة؟
العبارة تقول (يا من يعلم ضمير الصامتين) ثم عبارة تقابلها وهي (يا من يسمع انين الواهنين)، هنا نواجه بلاغة جديدة، وهي: التقابل بين ما يريده العبد وهو صامت، وبين ما يريده العبد وهو في حالة الأنين. والسؤال ما هي النكات الكامنة وراء العبارتين المتقابلتين؟
النكتة هي ان (الصامت) لا يتحدث بشيء، وعلی العكس منه ان ثمة شخصية تتوجع او تئن من الوجع الذي تشكو منه، وكلاهما - بطبيعة الحال - له لسان حاله، كل ما في الأمر ان الاول (صامت) والأخر (باك)، ولكن كليهما تحت رحمة المطّلع عليهما، وهو الله تعالی والسؤال من جديد: ما هي النكتة وراء التقابل المشار اليه؟
النكتة هي ان الصامت والباكي تحمل كلّ شخصية منهما همومها الخاصة، بيد ان الله تعالی يمنح عليهما رحمته، سواء كان الصامت لا كلام لديه، او كان العكس: ان الباكي له انينه المتواصل، بمعنی ان الله تعالی رحيم في الحالات جميعاً، لا يتخلی عن رعاية عبده، وهذا هو منتهی الرحمة: كما هو واضح.
بعد ذلك نواجه عبارة جديدة هي (يا من يری بكاء الخائفين)، وهي عبارة لها نكتتها الملفتة للأنظار، تری: ما هي النكتة الدلالية؟
العبارة التي نواجهها هي: بكاء الخائف من الله تعالی، اما السابقة عليها فهي بكاء او أنين الضعيف الذي يشكو من احدی الشدائد، والنكتة هي: ان الله تعالی مطلّع علی هذين النمطين من الشخصيات، حيث يرحم الباكي من شدائده التي يواجهها، ويرحم الباكي من ذنوبه التي يخاف المحاسبة عليها. اذن للمرة الجديدة: كم هي عظيمة رحمته؟ انه تعالی يرحم عليهما: صاحب الشدة وصاحب الذنب، مرة اخری: كم هي الرحمة من الله تعالی: عظيمة.

الأدعية والزيارات الصوتية

loading...

أدعية فلاشية

loading...

شرح الأدعية

loading...