بطاقات الكترونية إسلامية

بطاقات الكترونية إسلامية

التاريخ: 2009/11/16
شرح فقرة: "يا من لا يبعد عن قلوب العارفين، ..."
بقلم الدكتور محمود البستاني
نتابع حديثنا عن الأدعية المباركة، ومنها دعاء الجوشن الكبير، حيث حدثناكم عن مقاطع متسلسلة منه، ونحدثكم الآن عن احد مقاطعه الذي ختم بهاتين العبارتين: (يا من لا يبعد عن قلوب العارفين، يا اجود الأجودين). ونتحدث اولاً عن فقرة: (يا من لا يبعد عن قلوب العارفين). فماذا نستلهم منها؟
العارف يرشح بعدة دلالات، منها الدلالة العامة وهي: المعرفة الشرعية، اي: معرفة مبادئ الله تعالی بنحو عام ومنها: الدلالة العرفانية التي تعني: ما ينطلق عليه مصطلح (السير والسلوك ونحوهما) وفي الحالتين، فان العبارة المتقدمة تظل موسومة بشيء من الضبابية الممتعة، اي: من التعبيرات التي تحتاج الی بذل جهد فكري لاستخلاص الدلالة المقصودة.
والسؤال الآن هو: ان العبارات السابقة علی هذه العبارة في المقطع من الدعاء وردت علی هذا النحو (يا من يعلم مراد المريدين) الی ان يقول (يا من لا يضيع أجر المحسنين). ان قارئ الدعاء يفهم بوضوح ان الله تعالی عالم بما في الصدور، وانه تعالی لا يضيع أجر من احسن عملاً ولكن قارئ الدعاء ماذا يستخلص من عبارة (يا من لا يبعد عن قلوب العارفين)؟
في تصورنا بما ان (العارف) بمبادئ الله تعالی، أي: بالشريعة وفلسفتها ودقائقها: حينئذ فان درجة المعرفة لديه متفاوت حجماً من انسان الی آخر بطبيعة الحال من هنا، فان العبارة حينما تقول بان الله تعالی لا يبعد عن قلوب العارفين، يمكنه بان يستخلص بان الله تعالی هو علی مقربة من هذا العارف او ذاك، وانه يتعامل بقدر معرفة العبد، وهذا المعنی يتجانس مع العبارة التي سبقته، وهي: (يا من لا يضيع أجر المحسنين) حيث ان هذه العبارة تعني: ان الله تعالی يقدر العمل الحسن، وها هو العارف بدوره يظل موضع تقدير الله تعالی بقدر ما يحمله من المعرفة التوحيدية، فيكون الله تعالی علی مقربة من العبد، معطياً اياه الرعاية المتناسبة مع درجة الوعي.
اخيراً يختم المقطع بعبارة جديدة تختلف عن سابقاتها، حيث ان عبارات المقطع ما عدا الاخيرة صيغت وفق (يا من يعلم)، (يا من لا يبعد)، (يا من لا يضيع)، بينما جاءت عبارة الختام بعبارة (يا اجود الاجودين). فما هي النكتة وراء ذلك؟
في تصورنا، بما ان المقطع كان يتحدث عن الرعاية الالهية في مختلف المجالات، مثل انه تعالی (يسمع انين الواهنين) وانه تعالی (يملك حوائج السائلين) وانه تعالی (يقبل عذر التائبين)، فانه يظل (اجود الاجودين) في رعايته لعباده، بخاصة ان الفقرات الاخيرة من المقطع مثل: (لا يضيع اجر المحسنين) ومثل (لا يبعد عن قلوب العارفين) تضل متناولة عطاء الله تعالی وتقديره لمن يعمل الحسن من الأعمال، ولمن يملك المعرفة الشرعية او المعرفة التوحيدية بعامة: حينئذ فانه جواد يعطي الأجر او يتعامل بعطاء وبرعاية كبيرة، ليس هذا فحسب، بل هو (اجود الاجودين) اي: لا يرعی عباده بنحو عادي بل يمنحهم الاكثر من الرعاية.
وهذا المعنی يمكننا ان نوضحه بنحو أشد، حينما نعرض لمفردة: (الجود) وافتراقها عن مفردة (السخاء) و(الكرم) مثلاً، بما يأتي من الكلام.
ان (الجود) كما ورد في اللغة يفترق عن المفردات المجانسة له كالسخاء مثلاً بانه اعطاء الاكثر، بينما السخاء لا يصل الی الحجم المذكور، وهذا يعني ان فقرة الدعاء تظل متجانسة - كما اشرنا قبل قليل - مع الفقرات السابقة لهذا الختام، اي: ان الله تعالی وهو لا يضيع اجر المحسنين أو لا يبعد عن قلوب العارفين، انما يمنحهم الأجر الاكثر، والقرب الاكثر من الرعاية لعباده.

الأدعية والزيارات الصوتية

loading...

أدعية فلاشية

loading...

شرح الأدعية

loading...