بطاقات الكترونية إسلامية

بطاقات الكترونية إسلامية

التاريخ: 2009/12/08
شرح فقرة: "يا من خلقني وسواني، ..."
بقلم الدكتور محمود البستاني
نواصل حديثنا عن الأدعية المباركة، ومنها دعاء (الجوشن الكبير)، حيث حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه، ونحدثك الآن عن احد مقاطعه البادئ بما يأتي: (يا من خلقني وسوانّي، يا من رزقني وربّاني، يا من اطعمني وسقاني، ...).
و الآن نبدأ بالعبارة الاولی وهي (يا من خلقني وسوّاني). فماذا نستلهم منها؟
قلنا - في حديث سابق - ان هذه العبارة يطلق عليها مصطلح (التناص) حسب اللغة الأدبية المعاصرة، او التضمين ونحوه، حيث استخدمها الدعاء من خلال ما ورد في سورة الاعلی وهي الآية الكريمة «الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى» حيث ورد في تفسيرها ما مؤدّاه: بأنّ الله تعالی خلق هذا الوجود، واتقن وأحكم صناعته: تعبيراً عن وحدانيته، أو خلق الانسان وعدلّ تركيبته الخارجية، ولم يجعله كالدوابّ، أو خلق كلّ ذي روح فاتقن واحكم يديه وعينيه.
وهذا يعني ان فقرة الدعاء تستهدف لفت نظرناً الی ابداع الله تعالی ورحمته، اما الابداع فالتعبير عن لا محدودية قدرته، وامّا رحمته فلتعديل تركيبة البشر وسواهم.
ومن البيّن، ان النص القرآني الكريم، أو النص الوارد عن اهل البيت (عليهم السلام)، يظلّ - من حيث الاشارة الی مختلف مظاهر الوجود البشري وسواه - موزّعاً في مواقع متنوعة من السور ونصوص الحديث، حيث يرد في كل نصّ ايحاء الی هذا المظهر الابداعي او ذاك: كالشمس وضحاها، والقمر، والليل والنهار والتين والزيتون، والبلد الأمين.
والمهم هو: ان نستحضر دواماً عظمة الله تعالی ورحمته بصفة ان هذه المظاهر تستهدف لفت نظرنا الی قدرته الابداعية من حيث الوجود بعامة، ورحمته تعالی غير المحدودة للبشر وسواهم ممن له روح، مع ملاحظة ان عبارة (خلقني وسوّاني) خاصة بالبشر كما هو واضح. بعد ذلك نواجه عبارة (يا من رزقني وربّاني). فماذا نستخلص منها؟
لقد كانت العبارة الاولی تتحدث عن خلق الانسان واستواء تركيبة، اما الآن فان الدعاء يتحدث عن مرحلة ما بعد الخلق والاستواء البدني ألا وهي: مرحلة الرزق والتربية.
والسؤال المهم جداً هو: لماذا ورد التأكيد علی ظاهرة (الرزق) من جانب، وظاهرة (التربية) من جانب آخر؟
ان استمرارية حياة الانسان لكي يمارس وظيفته العبادية تبعاً لقوله تعالی: «مَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ» تتطلب تأميناً لحاجاته الضرورية في استمرار حياته، وهذا ما يتمثل في الرزق من الله تعالی وقد جعل الله تعالی الرزق طالباً صاحبه حتی لا يحجزه العدم والفقر عن ممارسة وظيفته العبادية. واما (التربية) فانها من الوضوح بمكان كبير، لماذا؟
السبب هو ان الممارسة العبادية هي: مجموعة مبادئ من السلوك المرتبط بالأحكام، والعقائد، والاخلاق، اي: مجموعة مبادئ (تربوية) يتربّي عليها الانسان حتی يمارسها بالشكل الذي يريده تعالی.
اذن عند ما تقول فقرة الدعاء (يا من رزقني وربّاني)، انما تستهدف الاشارة الی انه تعالی عندما خلق الانسان وسوّاه، اراد منه ممارسة العمل العبادي، وهي ممارسة تحتاج الی رزق لاستمراريتها، ومبادئ للعمل بها، وهو ما عبّرت الفقرة المذكورة عنها بعبارة (يا من رزقني وربّاني).

الأدعية والزيارات الصوتية

loading...

أدعية فلاشية

loading...

شرح الأدعية

loading...