بطاقات الكترونية إسلامية

بطاقات الكترونية إسلامية

التاريخ: 2009/12/17
شرح فقرة: "يا من اعزّني و اغناني، ..."
بقلم الدكتور محمود البستاني
نتابع حديثنا عن الأدعية المبارکة، ومنها دعاء (الجوشن الکبير)، حيث حدثناک عن مقاطع متسلسلة منه، ونحدثک الآن عن أحد مقاطعه الذي ورد فيه: (يا من اعزّني واغناني)، حيث حدثناک عن هذه الفقرة، وبدأنا ذلک بالحديث عن (الغنی) وصلته بالله تعالی ومن ثم بالآخرين. اما الآن فنحدثک عن العزّ وصلته بالآخرين، وهذا ما نبدأ به: (العزّ) کما المحنا في الحديث السابق هو: ان الشخصية الاسلامية تتسم بالعزّ، لانّ الاسلام اساساً يعلو ولا يعلی عليه، ولان الشخصية الاسلامية تتعزّر بالله تعالی، من هنا ورد في الحديث ان الله تعالی فوّض للمؤمن کلّ شيء الا اذلال نفسه وهذا ما حدثناک عنه في لقاء سابق. اما الآن فنحدثک عن العز من حيث صلته بالآخرين، فماذا نستلهم منه؟
جاء في دعاء مکارم الآخلاق (واعزّني ولا تبتليني بالکبر) وجاء ايضاً (و لا تحدث لي عزاً ظاهراً الّّا احدثت لي ذلة باطنة في نفسي)، هاتان العبارتان توضحان لنا بجلاء معنی (العزّ) وصلته بالشخصية الاسلامية من حيث نظرتها الی ذاتها، ونظرة غيرها اليها. العبارة الاولی تقول (واعزّني ولا تبتليني بالکبر). تری ماذا نستخلص منها؟
الجواب: انّ بين العز والکبر خيطاً رفيعاً اذا لم تميّزه الشخصية وقعت في الکبر، والفارق هو: ان الشخصية العزيزة هي التي تتعزز - کما قلنا بعزّ الله تعالی - بمعنی ان الله تعالی عزيز ويريد لعباده العزة، لانهم ينتسبون اليه بالعبودية وهذا يعني الانسمح الشخصية الاسلامية لذاتها بان تصبح ذليلة مهانة بسبب - غبائها مثلاً او بسبب حاجتها الی الآخرين، لذلک ورد في النصوص الشرعية بان المؤمن لا يذلّ نفسه، اي لا يعرّضها لواقع الذّل الا في حالات نادرة، خارجاً عن ذلک فان المؤمن عزيز: له کرامته ولکن هذا العز ينبغي الّا يتحوّل الی کبرياء اي: هناک فارق بين مؤمن عزيز النفس لا يهبط بسلوکه الی الهوان من اجل المال أو الطعام، وبين متکبّر يری نفسه اعلی من سواه فيتکبر علی الاخرين.
وهذا فيما يتصل بعبارة (اعزّني ولا تبتليني بالکبر،...) واما عبارة (لا تحدث لي عزاً ظاهراً الّا احدثت ذلة باطنة في نفسي).
من البين، ان العزّ الذي حدثناک عنه يعني: ان الشخصية لا تذّل ذاتها من اجل الحاجات، وفي نفس الوقت ينبغي الّا تتعالی علی الآخرين، وهذا هو ماعبّرت العبارة المتقدمة عنه، حينما قالت: ان العزّ الذي يطبع الشخصية ينبغي، ان يقابله ذلّ في الباطن، اي: عدم التکبّر وعدم الزهد وعدم الاحساس بالرفعة علی الآخرين، بل ينبغي ان يکون العزّ الظاهر وهو کرامة المؤمن مقرونا بذلّ النفس امام الله تعالی، بذلّ النفس امام النفس، لان الانسان مهما مارس من الطاعة يظل مقصراً في حق الله تعالی دون ادنی شک، لذلک ثمة توازن بين عزّ خارجي وبين ذلّ داخلي، فتکون النتيجة ان تصبح الشخصية الاسلامية عزيزة لدی الآخرين، وتحس بقصورها امام الله تعالی وامام ذاتها ايضاً.

الأدعية والزيارات الصوتية

loading...

أدعية فلاشية

loading...

شرح الأدعية

loading...