بطاقات الكترونية إسلامية

بطاقات الكترونية إسلامية

التاريخ: 2010/01/16
شرح فقرة: "يا من وفـّقني وهداني، ..."
بقلم الدكتور محمود البستاني
لا نزال نحدثک عن الأدعية المبارکة، ومنها دعاء الجوشن الکبير، حيث حدثناکم عن مقاطع متسلسلة منه، ونحدثکم الآن عن احد مقاطعه الذي ختم بهذه العبارات: (يا من وفـّقني وهداني، يا من آنسني وآواني، يا من أماتني واحياني). تری، ماذا نستخلص اولاً من عبارة (يا من وفـّقني وهداني)؟
ان التوفيق والهداية يصبّان في معنی مشترک: کما هو واضح. فاذا قلنا ان الله تعالی (وفقنا) للاسلام، حينئذ تکون النتيجة مشترکة في الدلالة. ولکن - في الآن ذاته - ثمة فارق بين التوفيق وبين الهداية، مادمنا نعرف تماماً ان بلاغة الاحاديث الواردة عن المعصومين (عليهم السلام) معصومة بدورها عن الاخطاء الفنية، وحينئذ لا يکتب المعصوم شيئاً لا ضرورة له، اي: لا يکتب شيئاً عبثاً، مادمنا نعرف بان الهداية والتوفيق اذا کانا بدلالة واحدة، فهذا لا يتسق مع عصمة الکلام.
اذن ثمه فارق بين (التوفيق) وبين (الهداية).
التوفيق هو ان ننجح في مسعانا (کما لو سلکنا الطريق فوصلنا الی المکان المطلوب، ولکن (الهداية) شيء آخر وهو مرحلة ما بعد التوفيق، ولذلک ذکر مقطع الدعاء عبارة (يا من وفـّقني) قبل عبارة (هداني)، والسؤال هو الآن عن معنی الهداية، فماذا تعني؟
الجواب: الهداية هي: ان نظفر بالشيء الذي سعينا إليه، اي: عندما ننجح في طريقنا الی المکان المطلوب، حينئذ نطمح الی ان نحقق ما هو الموجود في المکان المطلوب وما وراءه.
ان الشخصية العادية مثلاً: تسعی للحصول او الظفر بالمعرفة التي تحقق لها قناعة بالشيء: کما لو کانت تسعی للظفر بالعقيدة الاسلامية، فتنجح في الوصول اليها بعد مقارنتها بالديانات السابقة مثلاً، ولکن وصولها الی ان الدين عند الله الاسلام لا يستکمل حقيقة الا في حالة (حدايتها) الی الاسلام الاصيل المتمثل في الالتزام بمبادئ الله تعالی ورسوله، واولي الأمر الذين هم اهل البيت (عليهم السلام). اذن التوفيق هو الوصول الی تشخيص الاسلام، اما الهداية فهي: الوصول الی المذهب الحق في الاسلام.
ونعتقد ان المثال المتقدم کافٍ في تحديد الفارق بين عبارتي (يا من وفقني وهداني، ...).
بعد ذلک نواجه عبارة (يا من آنسني وآواني). هذه العبارة بدورها امتداد للسابق من العبارة، فاذا عدنا الی العبارة السابقة (يا من وفّقني وهداني) رأينا ان مرحلة ما بعد الهداية هي: ان الشخصية الاسلامية ستحقق طموحاتها بالنحو المطلوب حينما تتجه الی الله تعالی ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) واهل البيت (عليهم السلام) وتخلص في سلوکها حيال الالتزام والتمسک بهم، عندئذ (تأنس) الشخصية بالقرب من الله تعالی من خلال القرب المتمثل في التمسک بهم. فاذا تم التمسک حينئذ فان الله تعالی (يؤوي) الشخصية إليه، ويمنحها من الرعاية ما يجعلها في مکان آمن بعقيدتها ومعرفتها، فتصل الی مرحلة المکاشفة والعرفان، وهي اعلی درجات الطاعة: کما هو واضح.
بعد ذلک، نواجه عبارة (يا من أماتني واحياني)، وهي عبارة تتطلب مزيداً من التوضيح، حيث نؤجّل الحديث عنها الی لقاء لاحق ان شاء الله تعالی.

الأدعية والزيارات الصوتية

loading...

أدعية فلاشية

loading...

شرح الأدعية

loading...