بطاقات الكترونية إسلامية

بطاقات الكترونية إسلامية

التاريخ: 2010/03/17
شرح فقرة: "يا من يحب المحسنين، ..."
بقلم الدكتور محمود البستاني
نوصل حديثنا عن الادعية المباركة، ومنها دعاء ( الجوشن الكبير ) حيث حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه، ونحدثك الآن عن أحد مقاطعه الذي ختم بما يأتي: ( يا من يحب المحسنين، يا من هو أعلم بالمهتدين )، ونقف عند العبارة الاولی وهي: ( يا من يحب المحسنين ). فماذا نستلهم منها؟ 
المحسن هو: كل شخصية تمارس طاعة، سواء اكانت الطاعة سلوكاً اقتصادياً: كالانفاق، أو سلوكاً شعائرياً، كالصلاة ونحوها، او سلوكاً اجتماعياً: كالتعاون والتواصل.
ومما ينبغي لفت النظر اليه، ان هذه العبارة جاءت بعد عبارة حدثنلك عنها في لقاء سابق، وهي: ( يا من يُحِبُّ التَّوَّابِينَ ) وعبارة ( يا من يُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ )، حيث قلنا ان التائب من الذنب يتطهر، وحيث نقول الآن: ان المتطهر: يحسن في سلوكه في شتی الميادين التي اشرنا اليها ولعل النص القرآني الكريم الذي يخلع صفة ( المحسن ) علی أنبيائه يفصح بوضوح عن العبارة المذكورة وهذا من نحو تعقيبه علی الأنبياء الآتية اسمائهم بعبارة «وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ» حيث خلعها علی نوح وإبراهيم وموسی وهارون والياسين ( عليهم السلام ).
اخيراً نجد ان المقطع الذي حدثناك عنه، حيث يصدر كل فقرة منه بعبارة ( يا من يُحِبُّ ) نجده يختم الفقرة الاخيرة بعبارة استثنائية هي: ( يا من هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ).
والسؤال الآن هو: لماذا ختم هذا المقطع بعبارة مستقلة استثنائية، حيث خلع المقطع صفة ( الاعلم )، بينما خلع صفة ( الحب ) علی الفقرات الاخری من المقطع؟
في تصورنا، ان كلا من السمات الاخلاقية التي ربطها المقطع بمحبة الله تعالی اياها بالنسبة الی عباده. مثل: التوبة، الصبر التطهير، الاحسان: هذه السمات الاخلاقية من الممكن ان ينتحلها من لا تتوفر فيه باطناً، الا انها في الظاهر قد تنسحب علی من لا تتوفر فيه الهداية التي ينشدها تعالی لعباده الصالحين. لذلك، فان التزكية تظل لله تعالی وحده بصفته هو أعلم بباطن الامور. من هنا وردت النصوص الشرعية الناهية عن تزكية الأشخاص المطلقة لهذه الشخصية اوتلك، وحصرت التزكية بالله تعالی من حيث اشارتها الی ان الله تعالی هو المزكي للانفس: كما هو واضح.
والآن نتجه الی مقطع جديد من دعاء ( الجوشن الكبير ) حيث يبدأ علی النحو الآتي: ( اللهم اني أسالك باسمك يا شفيق، يا رفيق، ... )، هنا يتحتم علينا ان نحدثك عن العبارات المتجانسة في دلالتها مثل هاتين الصفتين من رحمته تعالی وهما: الشفيق والرفيق، حيث ان كلتيهما تعني: مصاديق من الرحمة الی جانب مصاديق اخری مثل: يا رؤؤف، يا عطوف، يا حنان، يا منان، يا لطيف، يا حليم.
اذن لنتحدث عن الفارق بين صفتي ( الشفيق ) و ( الرفيق ). فماذا نستلهم منهما؟
ان الشفقة ترتبط بالحنو والعطف، بينما الرفق يرتبط بالنفع والاعانة، وهذا ما تقرره النصوص اللغوية، بيد ان ما نعتزم توضيحه هو: بما ان الله تعالی رحيم مطلقا حيث لا حدود لرحمته، فان الانماط المتنوعة من الرحمة تظل هي: ما يفيضه تعالی علی عباده، ان العبد نجده في موقف ما بحاجة الی من ينفعه ويعينه، وفي موقف آخر بحاجة الی من يحنو ويعطف عليه، فالشدة المادية مثلاً تحتاج الی الاعانة، بينما الشدة النفسية تحتاج الی العطف، وهكذا. اذن تبين لنا - ولو عابراً - الفارق بين الشفقة والرفق، سائلين الله تعالی ان يرفق بنا ويشفق علينا، وان يوفقنا الی الطاعة، والتصاعد بها الی النحو المطلوب.

الأدعية والزيارات الصوتية

loading...

أدعية فلاشية

loading...

شرح الأدعية

loading...