بطاقات الكترونية إسلامية

بطاقات الكترونية إسلامية

التاريخ: 2010/04/13
شرح فقرة: "يا من لا تحصی الآؤه، ..."
بقلم الدكتور محمود البستاني
لا نزال نحدثك عن الأدعية المباركة، ومنها دعاء ( الجوشن الكبير )، حيث حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه، ونحدثك الآن عن احد مقاطعه الذي ينتهي بهاتين الفقرتين: ( يا من لا تحصی الآؤه ) و ( يا من لا تعد نعماؤه ) ان هاتين الفقرتين من الفقرات الملفتة للنظر من حيث اتسامها بالتزاوج وبالتجانس وبالتوازي الفني او الجمالي مما يضفي علی الموضوع طابعاً خاصاً.
هاتان الفقرتان تخضعان اولاً للتوازن اللفظي ثم للتوازن الدلالي، فأنت تری ان طرفي كل فقرة يتضمنان مقدمة ونتيجة، وكل منهما يتوازن مع الآخر في ذلك.
ان المفردات المستخدمة علی نحو تبدو وكأنها مترادفة تماما، فهناك مفردة ( يا من لا تحصی ) وتقابلها مفردة ( يا من لا تعد )، ومن الواضح، ان الاحصاء والعد بمعنا واحد، ولكن النص - بطبيعة الحال - يستخدمهما مختلفين دلالة، والامر كذلك بالنسبة الی عبارتي ( الاؤه ) و ( نعماؤه ) فالالاء والنعماء بمعنی واحد ولكن الدعاء يستخدمهما مختلفين كذلك وما نقدمه الآن هو: ملاحظة استخدام هذه الفقرات المترادفة في بعض الاستخدام، والمتفاوتة في استخدام آخر. كيف ذلك؟
ان قارئ الدعاء مدعو الی تأمل هذه الجوانب، لان قراءة هاتين الفقرتين اذا كانت علی نحو من ترادفهما فهذا ما لا يتناسب مع عصمة الدعاء فنياً ولغوياً. اذن كيف ننظر الی الفقرتين المتقدمتين؟
اولاً: من حيث المفردتين ( لا تحصی ) و ( لا تعد )؟
الجواب: ان ( لا تعد ) وافتراقها عن ( لا تحصی ) تتمثل في ان العدد هو مجرد الوحدات التي يتألف منها الشيء: كالواحد والاثنين والثلاث، اما الاحصاء فهو العدد نفسه ولكن مع ضبطه، وهذا ما تشير اليه اللغة، في ضوء الفارق المتقدم يمكننا ان نميز بين دلالة ( العدد ) ودلالة ( الاحصاء ) ولكن بعد ان ننظر الی الفارق المترتب عليها من حيث النتيجة وهي عبارة ( آلاؤه ) وعبارة ( نعماؤه ) حيث نتساءل: ما الفارق بين النعم والالاء؟
في تصورنا - من خلال الاستخدام المتنوع للنصوص - ان ( النعم ) تختلف عن ( الالاء ) باتساع دلالة النعمة، وما يواكبها من اللين والطيب والحسن، وبذلك تكون ( الاؤه ) بمعنی النعمة بعامة، و ( نعماؤه ) بمعنی اكثر نعمة، وهذا ما نلحظه مثلاً في سورة «الرَّحْمَنُ» حيث استخدمت «آلاَءِ» في آية «فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ» بمعنی عام، اي النعم بعامة في كل ما اشار النص اليه بحيث شملت «آلاَءِ» حتی ما هو الجزاء السلبي مثل «يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالأَقْدَامِ» وفي ضوء الفارق المشار اليه يمكننا ان نعقب علی عبارة ( يا من لا تعد نعماؤه ) وافتراقها عن ( يا من لا تحصی آلاؤه ) ان الالاء بما انها مطلق النعم حينئذ لا تحصی من حيث ضبطها وذلك لشموليتها العامة، بينما عبارة: ( يا من لا تعد نعماؤه ) تشير الی مجرد الاحصاء المتمثل في تعدد النعم المتنوعة: كالنعومة واللين والحسن والطيب.
اذن امكننا ان نتبين الی حد ما، بعض الفارقية بين عبارتي: ( يا من لا تحصی آلاؤه ) و ( يا من لا تعد نعماؤه ) وبذلك نتبين ايضاً ان رحمته تعالی تشمل كل المستويات التي يمكن تصورها، ( سائلين الله تعالی ان يزيدنا من نعمائه وآلائه ) وان يوفقنا الی ممارسة الطاعة، والتصاعد بها الی النحو المطلوب.

الأدعية والزيارات الصوتية

loading...

أدعية فلاشية

loading...

شرح الأدعية

loading...