بطاقات الكترونية إسلامية

بطاقات الكترونية إسلامية

موضوع البرنامج: شرح فقرة: "اللهم أسألك صبر الشاكرين وعمل الخائفين منك ويقين العابدين لك"
بقلم: الدكتور محمود البستاني
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته احييكم اطيب تحية ونتابع حديثنا عن الادعية المباركة وما تتضمنه من بلاغة ونكات متنوعة في ميدان المعرفة العبادية

ومن ذلك ما حدثناك عنه بالنسبة لأدعية شهر رجب المكرم حيث ورد فيه «اللهم اسألك صبر الشاكرين وعمل الخائفين منك ويقين العابدين لك» وقد حدثناك عن هذا المقطع بعبارته القائلة «أسألك صبر الشاكرين» وعبارته «اسألك عمل الخائفين منك» ويبقى الآن ان نحدثك عن العبارة الثالثة وهي «أسألك يقين العابدين لك» فماذا نستخلص من هذا الدعاء؟
قد يسأل سائل فيقول، هل ان العابد من الممكن ان يمارس عمله العبادي وهو على غير يقين من ذلك؟ طبيعياً يمكن ان يكون الامر كذلك، بيد ان المطلوب هو تحديد الدلالة العبادية من حيث مصلحها، حتى نتبين من خلال ذلك معنى ظاهرة اليقين العبادي. ان العابد لله تعالى لا ينحصر في دلالته المغبوطة الى دعوى للناس بل يقصد به مطلق السلوك الصادر من العبد حيال الله تعالى فالصلاة والصوم والحج... الخ عبادة والاكل والشرب والنسوم عبادة والكسب والتعلم والسفر عبادة وكذلك التفكير والتخيل عبادة‌ في ضوء ذلك نتساءل هل ان العابدين لله تعالى‌ يملكون يقيناً كاملاً حيال ممارستهم العبادية؟
لقد مر الامام علي (عليه السلام) على حفنة من الخوارج ووجدهم قائمين الليل فعلق قائلاً ما معناه «نوم على يقين خير من عبادة مع شك» ترى ماذا يعني مثل هذا التعبير، واضح ان الامام علي (عليه السلام) اراد ان يبين ان الخوارج وسواهم مما لا ينتسب الى مصدر الحق النبي (صلى الله عليه وآله) واهل بيته (عليهم السلام) من حيث التلقي للمعرفة العبادية انما يمارسون عبادة مشكوكة، من جانب آخر من الممكن ان يحيا العابد يقيناً في بعض ممارساته ولا يحياه في ممارسات اخرى ان حفنة من الناس يمارسون عملهم العبادي وهم يشكون في صحة ذلك حتى ان البعض يمارس عبادته من خلال قناعته ان ممارسته هذه العبادة قد تنعكس معطياتها اخروياً وقد لا يكون ثمة اساساً للانعكاس النفسي ويكون مثله مثل من يعبد ان الحياة الآخرة لو تحققت لربح بعبادته ولو لم تتحقق لما خسر شيئاً، هذا وان نمطاً ثالثاً من الناس يشكك مثلاً في عصمة النبي (صلى الله عليه وآله) وآل بيته (عليهم السلام) مصافاً الى الغالبية من الناس ممن لا يملك يقيناً بظاهرة الرزق مثلاً او من لا يؤمن بظاهرة التوكل... الخ، ان امثلة هؤلاء لا يملكون يقين العابدين في الله تعالى، الذي يخيل اليه ان ذكاءه وقابليته مثلاً هي المحددة لرزقه متناسياً ان الله تعالى هو الذي وسع في رزق الحمقى حتى يعتبر الآخرون بذلك.
نستخلص مما تقدم ان ظاهرة اليقين تعني على ان العبد على وعي حاد بما يمارسه من العمل العبادي، سواء كان ذلك في النطاق العقائدي او الاحكامي او الافعال الفردية والاجتماعية مع ملاحظة ان اليقين درجات متفاوتة فمثلاً ان ابراهيم (عليه السلام) حينما أعلم جبرئيل (عليه السلام) ان الله تعالى يعلم بحاله ولا حاجة لابراهيم بجبرئيل كان يمارس يقيناً لا يتوفر عند غالبية الناس بل ان اليقين يدفع الشخصية متعاملة مع قنوات الاعجاز وهذا من نحو ما المح اليه النبي صلى الله عليه وآله لان التعامل الحق مع الله تعالى يخترق الحجب تماماً، من هنا يمكننا ان نربط بين ظاهرة اليقين العبادي وبين ظاهرة عمل الخائفين فيما لاحظناها في لقاءاتنا السابقة حيث قلنا ان الخائف يتعامل مع الله تعالى من خلال ملاحظته لعظمة الله وهذا لا يحصل الا من خلال اليقين الكامل بمختلف مستويات العظمة ومنها المباديء التي رسمها الله تعالى لعباده وامرنا بممارستها حيث ان اليقين بها يقين بالحكمة الالهية كما هو واضح.
المهم ان قاريء الدعاء ان يستثمر قراءته بهذه الفقرات من الدعاء وذلك بتدريب ذاته وشكره لله تعالى والصبر على ذلك ومن ثمة ممارسة عمله على الخوف منه تعالى اي ملاحظة عظمته تعالى ثم اليقين بجميع ما رسمه للعبد والتصاعد بهذا السلوك الى‌ النحو المطلوب.
نرجو ان نلتقيكم في موعد لا حق حتى ذلك الموعد نستودعكم بحفظ الله ورعايته وفي امان الله.

الأدعية والزيارات الصوتية

loading...

أدعية فلاشية

loading...

شرح الأدعية

loading...