بطاقات الكترونية إسلامية

بطاقات الكترونية إسلامية

تساؤلات حول الدعاء


تساؤلات حول الدعاء:
قد طرحت حول الدعاء تساؤلات عديدة، قديماً وحديثاً، أمثال أن الدعاء لا يتلائم والاعتقاد بالقضاء والقدر، فمع الاعتراف بأن كل شيء محدد وفق القضاء والقدر الإلهي، فما هو أثر الدعاء حينئذٍ؟ وهل يمكن له تغير القضاء والقدر.
وقد يسأل، بأن الدعاء لا يتلائم والاعتقاد بأن الله حكيم، وأنه لا تجري الأمور إلا وفق المصالح، فهل نستهدف بالدعاء أن يغير ما يوافق الحكمة والمصلحة، أو ما يخالفها؟ فإذا
كنا نستهدف تغيير الموافق للحكمة، فكما يلزم علينا أن لا نطلب من الله ما يخالف الحكمة، وكذلك فإن الله لا يستجيب لمثل هذا الدعاء وأما إذا استهدفنا تغيير المخالف لها فذلك يستوجب الاعتراف ضمنياً بوجود ما يخالف الحكمة والمصلحة في هذا العالم، الذي يجري وفق المشيئة الإلهية الحكيمة.
وكذلك قد يسأل بأن الدعاء يخالف الرضا والتسليم، وأنه يلزم على الإنسان أن يرضى بكل ما يحدث.
ولهذه الأسئلة، وما يدور حولها من دراسات وبحوث تاريخ طويل، وحتى أنها تشكل جانباً من أدبنا ولسنا في صدد البحث عنها، وكل هذه الاعتراضات والشبهات ناتجة من هذه الفكرة وهي: ما يتوهم من أن الدعاء خارج عن نطاق القضاء والقدر الإلهي، وخارج عن حدود الحكمة الإلهية، مع أن الدعاء واستجابة
الدعاء من مسائل القضاء والقدر الإلهي، ولا ينافي الدعاء الرضا بالقضاء والقدر الإلهي، ولا مجال لنا للبحث أكثر حول هذا الموضوع.
ليالي القدر:
لا بد أن نحتذي في سلوكنا، وحياتنا، خطى قادة الدين، ولا بد من التزود من هذه الفرصة الثمينة، وهي ليالي القدر، والعشرة لا خيرة من شهر رمضان المبارك.
يقول القرآن الكريم: (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان، فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون) وقد ذكرت هذه الآية الشريفة خلال آيات الصوم، ولعل في ذلك، دليلاً على تميز هذا الشهر المبارك بالدعاء والاستغفار، وكان أئمة الدين يهتمون كثيراً بليالي القدر، والأحياء فيها.
وكان الرسول (صلى الله عليه وآله) لا يمد فراشه في العشرة الأخيرة من شهر رمضان المبارك، وذلك لأنه كان يعتكف بالمسجد، ويتفرغ للعبادة، والدعاء مع خالقه، وكان الإمام زين العابدين (عليه السلام) لا ينام أي ليلة من ليالي شهر رمضان، ويقضي الليل أما بالدعاء أو الصلاة، أو بإعانة الفقراء، والضعفاء، وفي السحر كان يتلو الدعاء الذي يعرف بدعاء أبي حمزة الثمالي.
لذة الدعاء والانقطاع:
أولئك الذين عرفوا وذاقوا لذة الدعاء وحلاوة الانقطاع من الخلق للخالق، لا يرجحون أي لذة عليها، أن الدعاء في تلك اللحظات يسمو، إلى ذروة عزته وعظمته ولذته، ويغرق فيها الداعي بسعادة عامرة، حيث سيرى اللطف والمدد الإلهي الخاص،
وآثار الاستجابة لدعائه في نفسه (وانلني حسن النظر في ما شكوت وأذقني حلاوة الصنع فيما سألت).
ويقول العلماء، هناك فرق بين علم اليقين، وعين اليقين، وحق اليقين، ويضربون لذلك مثالاً، لنفرض أنه كانت هناك نار في موضع ما، فتارة ترى آثار النار، من بعيد، كالدخان الذي يتصاعد منها، وبواسطته تكتشف وجود النار هناك، وهذا يعبر عنه (بعلم اليقين) وأخرى تقع عينك على النار نفسها عن كثب، وهنا ما يعبر عنه (بعين اليقين) والمشاهد أسمى من المعلوم، وثالثة أن تقترب إلى النار أكثر، إلى الحد الذي تصل فيه حرارتها إلى بدنك، وتحتويك النار، وهذا ما يسمى (حق اليقين).
فيمكن للإنسان أن يعرف الله تماماً ويؤمن
بوجوده المقدس، ولكن لا يرى في حياته، آثار لطفه، وعناياته الخاصة، التي تفاض أحياناً لبعض عباده، وهذه مرحلة (علم اليقين)، وأحياناً يشاهد آثار التوحيد عملياً، يدعو الله، ويستجاب دعاؤه، ويرى كل ذلك، ويعتمد على الله، ويتوكل عليه في كل أعماله ولا يعتمد على غيره، ويرى آثار التوكل في حياته، فيشاهد آثار التوحيد وهذه مرحلة (عين اليقين)، وتشعر هذه الفئة باللذة والسعادة، لأنها من أهل القلوب، وأهل التوكل وتبتهج من هذه الحالة، ولكن هناك مرحلة أسمى، أن يرى الداعي نفسه، قد ارتبط بذات الله بصورة مباشرة، بل لا يرى (الأنا)، ولا يبصر نفسه، فالفعل فعله، والصفة صفته، ويراه في كل شيء.
حين يتعلم الإنسان حرفة، أو علماً ما ويصبح طبيباً أو مهندساً مثلاً، وبعد سنين
طويلة، من المتاعب، والمشاق، والجهود المضنية، حين يشاهد، لأول مرة، آثار صنعته، أو عمله، كما لو عالج مريضاً، ويرى نصب عينيه، أن المريض يبرأ من مرضه بسبب علاجه، يغرق هذا الشخص بالسعادة ويمتلكه الفرح، ويشعر بلذة غامرة، فمن أفضل اللذات، أن يرى الإنسان بعينيه نتائج علمه، وصنعته.
فما هي حالة الإنسان، وما هو شعوره، حين يشاهد آثار إيمانه، أي يلمس المدد الإلهي الخاص به، فإنه سيشعر بالعزة، نتيجة نجاحه في طريق التوحيد، ويشعر ببهجة فائقة، تغمر أعماقه، أعذب وأسمى من اللذات جميعها، ندعوه تعالى أن يجعلنا مؤهلين لمثل هذه الألطاف الخاصة.
((انتهى))
وفي نهاية البحث، وبعد هذه الرحلة الممتعة، مع هذه الدراسة الحافلة بالآراء والنظرات العميقة - نحب أن نشير إلى بعض الآثار العملية للدعاء، بغض النظر عن الثواب، أو الاستجابة التي ينشدها الداعي من دعائه.

الأدعية والزيارات الصوتية

loading...

أدعية فلاشية

loading...

شرح الأدعية

loading...