طباعة

في كلام المعصوم عليه السلام محكم ومتشابه

 بعد أن ثبت في محلِّه أنَّ المعصومين عليهم السلام هم عِدل القرآن وهم حملته، بل هم القرآن الناطق، وأنَّهم لا يفترقون عن الكتاب حتَّى يردوا الحوض، فإنَّ النظام العامّ الثابت لكلام الله تعالى يثبت لكلامهم عليهم السلام، كاشتماله على الاطلاق والتقييد، والعموم والخصوص، والمحكم والمتشابه، وكلامنا في الأخيرين منهما. ومن يترك المحكم، أو يعمل بالمتشابه من كلامهم عليهم السلام من دون إرجاعه للمحكم فهو ضالّ وفي قلبه زيغ كما بيَّن الكتاب العزيز، وبيَّنه المعصوم عليه السلام:
فقد روى الشيخ الصدوق رحمه الله عن أبي حيّون مولى الرضا عليه السلام، قال: (من ردَّ متشابه القرآن إلى محكمه هُدي إلى صراط مستقيم)، ثمّ قال: (إنَّ في أخبارنا متشابهاً كمتشابه القرآن، ومحكماً كمحكم القرآن، فردّوا متشابهها إلى محكمها، ولا تتَّبعوا متشابهها فتضلّوا)(٦).
والضلال واضح المعنى إلَّا إذا أراد هؤلاء تأويله، خصوصاً أنَّ من أتباع هذه الدعوات من تجاوز به التسليم والانقياد والافتتان بادِّعاءات قادتهم حدَّ المرض، فقصَّة الشلمغاني معروفة، فإنَّه بعد أن انحرف وضلَّ، وصدر التوقيع بلعنه، لمَّا بلغه الكتاب بكى بكاءً عظيماً، ثمّ قال: (إنَّ لهذا القول باطناً عظيماً وهو أنَّ اللعنة الإبعاد، فمعنى قوله: (لعنه الله) أي باعده الله من العذاب والنار، والآن عرفت منزلتي)، ومرَّغ خدَّيه على التراب، وقال: (عليكم بالكتمان لهذا الأمر)(٧).
***************
(٦) عيون أخبار الرضا ١: ٢٦١/ ح ٣٩.
(٧) الغيبة للطوسي: ٤٠٤/ ح ٣٧٨.