طباعة

سياسات(الجندي التائب)

سياسات
الجندي التائب [50]

لمّا رأى الحرّ ان القوم في يوم عاشوراء قد صممَّوا على قتال الحسين (عليه السلام) ولم تؤثر فيهم مواعظه وما عرضه عليهم ضرب فرسه ولحق الحسين (عليه السلام) فقال له: جعلت فداك يابن رسول الله أنا صاحبك الذي حبستك عن الرجوع، وسايرتك في الطريق، وجعجعت بك في هذا المكان، وما ظننت أنّ القوم يردّون عليك ما عرضته عليهم، ولا يبلغون منك هذه المنزلة، والله لو علمت أنّهم ينتهون بك إلى ما أرى ما ركبت مثل الذي ركبت، فإنّي تائب إلى الله ممّا صنعت، فترى لي من ذلك توبة؟ فقال له الحسين (عليه السلام):
نعم يتوب الله عليك، فانزل.
قال: فأنا لك فارساً خير منّي راجلاً اقاتلهم لك على فرسي ساعة، وإلى النزول آخر ما يصير أمري.
فقال له الحسين (عليه السلام): فاصنع يرحمك الله ما بدالك.
فاستقدم أمام الحسين (عليه السلام) فقال: يا أهل الكوفة لامّكم الهبل والعبر أدعوتم هذا العبد الصالح حتّى إذا جاءكم أسلمتموه؟ وزعمتم أنّكم قاتلو أنفسكم دونه ثمّ عدوتم عليه لتقتلوه؟ وأمسكتم بنفسه، وأخذتم بكظمه، وأحطتم به من كلّ جانب لتمنعوه التوجّه في بلاد الله العريضة، فصار كالأسير في أيديكم، ? يملك لنفسه نفعاً ولا يدفع عنها ضرّاً وجلأتموه ونساءه وصبيته وأهله عن ماء الفرات الجاري يشربه اليهود والنصارى والمجوس، وتمرغ فيه خنازير السواد وكلابه، فهاهم قد صرعهم العطش، بئسما خلفتم محمداً في ذرّيته، لاسقاكم الله يوم الظمأ.
فحمل عليه رجال يرمونه بالنبل، فأقبل حتى وقف أمام الحسين (عليه السلام).

_________________________________________
[50] إرشاد المفيد 235 ـ 236:...