طباعة

المناظرة السابعة والأربعون: مناظرة ابن أبي عمير مع هشام بن الحكم في العصمة

مناظرة ابن أبي عمير (1) مع هشام بن الحكم في العصمة
قال الشيخ الصدوق - عليه الرحمة -: حدثنا محمد بن علي بن ماجيلويه قال: حدثني علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير قال: ما سمعت ولا استفدت من هشام بن الحكم في طول صحبتي له شيئا أحسن من هذا الكلام في صفة عصمة الإمام (عليه السلام)، فإني سألته يوما عن الإمام أهو معصوم؟ فقال: نعم. قلت له: فما صفة العصمة فيه وبأي شيء تعرف؟
فقال: إن جميع الذنوب لها أربعة أوجه ولا خامس لها: الحرص والحسد والغضب والشهوة، فهذه منفية عنه لا يجوز أن يكون حريصا على هذه الدنيا، وهي تحت خاتمه لأنه خازن المسلمين فعلى ماذا يحرص، ولا يجوز أن يكون حسودا لأن الإنسان إنما يحسد من فوقه وليس فوقه أحد فكيف يحسد من دونه، ولا يجوز أن يغضب لشيء من أمور الدنيا إلا أن يكون غضبه لله عز وجل، فإن الله فرض عليه إقامة الحدود، وأن لا تأخذه في الله لومة لائم، ولا رأفة في دينه حتى يقيم حدود الله، ولا يجوز له أن يتبع الشهوات ويؤثر الدنيا على الآخرة لأن الله عز وجل قد حبب إليه الآخرة كما حبب إلينا الدنيا، فهو ينظر إلى الآخرة كما ننظر إلى الدنيا. فهل رأيت أحدا ترك وجها حسنا لوجه قبيح، وطعاما طيبا لطعام مر، وثوبا لينا لثوب خشن، ونعمة دائمة باقية لدنيا زائلة فانية (2)؟
************************************
(1) هو: محمد بن أبي عمير زياد بن عيسى الأزدي، الذي أجمع الأصحاب على تصحيح ما يصح عنه، وعد مراسيله مسانيد، ومن الذين أقروا له بالفقه والعلم، عاصر الكاظم والرضا والجواد (عليهم السلام) بغدادي الأصل، جليل القدر عظيم المنزلة، وقد حبس في أيام الرشيد ليدل على مواضع الشيعة وأصحاب موسى بن جعفر (عليهما السلام) وقيل إنه ضرب أسواطا بلغت منه فكاد أن يقر لعظيم الألم فسمع محمد بن يونس بن عبد الرحمن وهو يقول: اتق الله يا محمد بن أبي عمير، فصبر ففرج الله عنه، وقيل إن أخته دفنت كتبه في حال استتاره وكونه في الحبس أربع سنين فهلكت الكتب، وقيل تركها في غرفة فسال عليها المطر فحدث من حفظه، ومما كان سلف له في أيدي الناس، وبهذا سكن إليه بعض الأصحاب في مراسيله، وقيل إنه صنف أربعة وتسعين كتابا، توفي سنة 217 ه‍. راجع: تنقيح المقال للمامقاني: ج 2 ص 61 - 64 ترجمة رقم: 10272، معجم رجال الحديث للسيد الخوئي (قدس سره): ج 14 ص 279، ترجمة رقم: 10018.
(2) علل الشرائع للصدوق: ج 1 ص 204 - 205.