طباعة

ثانياً ـ أسباب الكفر: إنكار الضروري من الدين

ثانياً ـ أسباب الكفر: إنكار الضروري من الدين

 

هل هناك أمر آخر يعتبر الإعتراف به في تحقّق الإسلام على وجه الموضوعية ، ويكون إنكاره سبباً للكفر بنفسه ؟ فيه خلاف بين الأعلام ، فنسب في مفتاح الكرامة إلى ظاهر الأصحاب أنّ إنكار الضروري سبب مستقلّ للكفر بنفسه ، وذهب جمع من المحقّقين إلى أنّ إنكار الضروري إنّما يوجب الكفر والإرتداد فيما إذا استلزم تكذيب النبي(صلى الله عليه وآله) وإنكار رسالته ، كما إذا علم بثبوت حكم ضروري في الشريعة المقدّسة ، وأنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) أتى به جزماً ومع الوصف أنكره ونفاه ; لأنّه في الحقيقة تكذيب للنبيّ (صلى الله عليه وآله) وإنكار لرسالته ، وهذا بخلاف ما إذا لم يستلزم إنكاره شيئاً من ذلك ، كما إذا أنكر ضرورياً معتقداً عدم ثبوته في الشريعة المقدّسة وأنّه ممّا لم يأت به النبي(صلى الله عليه وآله) إلاّ أنّه كان ثابتاً فيها واقعاً ، بل كان من جملة الواضحات ، فإنّ إنكاره لا يرجع حينئذ إلى إنكار رسالة النبي ، فإذا سئل أحد ـ في أوائل إسلامه ـ عن الربا فأنكر حرمته بزعم أنّه كسائر المعاملات الشرعية فلا يكون ذلك موجباً لكفره وارتداده وإن كانت حرمة الربا من المسلّمات في الشريعة المقدّسة ; لعدم رجوع إنكارها إلى تكذيب النبي (صلى الله عليه وآله) أو إنكار رسالته ، وممّا ذكرنا يظهر أنّ الحكم بكفر منكر الضروري عند استلزامه لتكذيب النبي (صلى الله عليه وآله)لا يختص بالأحكام الضرورية ; لأنّ إنكار أي حكم في الشريعة المقدّسة إذا كان طريقاً إلى إنكار النبوّة أو غيرها من الاُمور المعتبرة في تحقّق الإسلام على وجه الموضوعية فلا محالة يقتضي الحكم بكفر منكره وارتداده .