عبد اللطيف بن محمد شفيع الباكستاني
إعتنق مذهب الشيعة الإماميّة عام 1948 م، بعد دراسة وتحقيق كشف له عن حقيّة مذهب الشيعة الإماميّة وإصالته.
تسلّمت منه كتاباً في (ملتان ـ الباكستان) في 12/6/1383 هـ ، جاء فيه: كانت عقيدتي سابقاً في الإمام عليّ(عليه السلام) أنـّه رابع الخلفاء، ولم أكن أرى له أي فضل سوى ذلك.
كنت معتقداً بفضل أبي بكر وعمر وعلوّ شأنهما، غير أنّي لمّا قرأت تفاسير القرآن الكريم، وطالعت كتب التواريخ والسير لا سيّما كتاب الفاروق للشبلي، انكشفت الأستار عن وجه الحقيقة.
وعندما قرأت كتاب نور الايمان اندهش عقلي ولم أتمالك من البكاء، فسألت الله تعالى أن يكشف لي الحقّ أكثر ويهديني إلى الصراط المستقيم. فلمّا جنّ الليل، وغلبني النوم رأيت في المنام أنّ عزاء الامام الحسين(عليه السلام) اُقيم في محلة الشيعة، والناس يلطمون بكل حماس وشدّة. فدنوت منهم للنظر إليهم كما ينظر إليهم السنّة في مواكب العزاء. فوقفت في مكان فتوجّهوا إليّ بأنظارهم، فقال أحدهم: من هذا؟ مشيراً إليّ، فأجابه آخر: إنّه رجل شيعي. فقال: كيف يمكن أن يكون هذا من الشيعة؟ فأخرج له دفتراً، وقال له انظر في هذا الدفتر، فإنّ اسمه سجّل فيه، فقرأ الرجل اسمي، وقرأت أنا أيضاً اسمي مع اسم والدي مكتوباً بخط جليّ عبد اللطيف ابن محمد شفيع). فلأجل ذلك لم أغيّر اسمي بعد التشيّع([1]) لأنّ المذكور في فهرست أمير المؤمنين هو ذلك الاسم.
أعتقدت بفضله تعالى بفضل الإمام عليّ(عليه السلام)، وأنـّه أعلم الناس بعد رسول الله، وأعلمهم بتفسير القرآن، وأفصحهم وأبلغهم في فنون الفصاحة والبلاغة كما تدلّ على ذلك خطبه([2])، وكلماته المدوّنة([3])، وأنا في حيرة وذهول من أنـّهم كيف اختاروا أبا بكر خليفةً وعليّ بن أبي طالب موجودٌ فيهم([4]).
وهو أفضلهم في الشجاعة والخطابة، والزهد والورع والعفّة، وأقربهم من رسول الله قرابة، وقد وفى بما وعده النبيّ، ومن بعده أولاده المعصومون قد اتمّوا العهد ، ووفوا بالوعد.
ولعمري لو جُعلت سيرة عليّ بن أبي طالب وأولاده منفصلة عن التاريخ لما بقي في الإسلام من يفتخر باسمه ويعتزّ بسيرته([5])، وهذه حقيقة تاريخيّة لا يمكن انكارها أو اخفاؤها لمن يعتقد غير ذلك، فإنّ العقيدة شيء والحقائق شيء آخر.
كانت عقيدتي سابقاً في الخلافة هي حسب الترتيب المعروف عند السنّة([6])، والآن لا أعتقد بخلافتهم لما علِمت من أعمالهم السيّئة، وأفعالهم القبيحة، وجناياتهم الشنيعة التي ارتكبوها باسم الإسلام والدين([7])، والتاريخ خير شاهد على ذلك.
ولو كان زمام الخلافة بيد الإمام عليّ بن أبي طالب(عليه السلام) في بداية أمرها لكان الإسلام غير الإسلام الذي عرفه الناس اليوم، وكان التاريخ الإسلامي غير التاريخ المتداول اليوم بين المسلمين، ولانقاد الناس كلهم للحقّ، مخلِصين في الدين، موالين لآل البيت(عليهم السلام) فلم يكن لنا إلاّ ذكراً جميلا في التاريخ، أقول: آسفاً أنّ تاريخنا ليس بتاريخ اسلامي، بل تاريخ ملوك وسلاطين حيث مسخ فيه الدين الإسلامي مسخاً، وموّهت فيه الحقائق تمويهاً.
هذا، وإعتقادي الآن بأنّ النجاة في الدنيا والآخرة لا تحصل إلاّ بالتمسك بمحمّد وأهل بيته الأطهار(عليهم السلام). ومن تخلّف عن طريقتهم فأولئك يعيشون حياة المجرمين، وهم في ضلال مبين.
بما أنّ العقيدة تتعلّق بالروح دون الجسد، والأرواح المضطربة الحائرة دائماً تتطلب الحقيقة، حيث لا يحصل لها قرار إلاّ بالوصول إليها، فكانت نفسي أيضاً في قلق واضطراب، إذ كانت غير مطمئنة بالعقيدة التي كنت عليها.
فقرأت كثيراً من كتب السنّة، والمسيحيّة، والقاديانية من سنة 1942 م إلى سنة 1947 م ولكن لم يحصل لقلبي سكون إلى أن أعطاني أحد أصدقائي كتاب (الفاروق) للشبلي، فاندهش عقلي بقرائته، وحثّني ذلك الكتاب على قرائته كتب الشيعة، فقرأت من كتبهم كتاب نور ايمان للعلاّمة خيرات أحمد، وبعد قراءتِه أوردت بعض الأسئلة على اخواننا السنّة.
وأمّا ما جرى بيني وبينهم من المحاورات والكلام فهو حديث ذو شجون، لا يناسب ذكره، وأخيراً إعتنقت مذهب الشيعة أواخر عام 1948 م والآن قلبي يشعر بالسكون والإطمئنان.
أشكر الله تعالى على ما أنعم به عليّ بولاء آل البيت(عليهم السلام). ولمّا اخترت مذهب الشيعة توجّهت اليّ المصائب، والآلام حتى هدّدوني بالقتل مع أولادي([8])، ولكنني لا أرى في ذلك أيّ بأس لما أحمله بين جوانحي من حبّ عليّ بن أبي طالب(عليه السلام)، فإنّ القتل في حبّه ليس إلاّ سعادةً وفوزاً.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] ـ كثيراً ما يغيّر السنّة في الباكستان أسمائهم عندما يتشيّعون إلى أسماء مألوفة عند الشيعة غير مستنكرة عندهم.
[2] ـ في نهج البلاغة وللتعرف على قيمة هذا الكتاب الجليل راجع هامش2 ص41.
[3] ـ في غرر الحكم ودرر الكلم وغيره.
[4] ـ ولعلّ عبد اللّطيف ذهل عن الإسلوب الذي اتخذه عمر في أخذ البيعة من الإمام(عليه السلام)لأبي بكر. وقد أشار إليه الشاعر المصري الحافظ إبراهيم في ديوانه المطبوع بمصر بقوله:
وقولة لعليٍّ قالها عمر***أكرم بسامعها أعظم بملقيها
حرقت دارك لا أبقي عليك بها***إن لم تبايع وبنت المصطفى فيها
[5] ـ وكتابنا سيرة زعماء الإسلام مع الله، ومع المجتمع على إختلاف طبقات أفراده، خير دليل على التعرفة بعظيم شأنهم وجليل خطرهم(عليهم السلام).
[6] ـ اي أنـّها تبتدأ بأبي بكر.
[7] ـ منها كيفية أخذهم البيعة لأبي بكر بالقهر والقوّة، والتهديد باحراق بيت آل الرسول(صلى الله عليه وآله)عليهم، أن امتنعوا من البيعة له مع قوله تعالى (لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ) راجع هامش ص83.
ومنها غصبهم فاطمة بنت رسول الله(صلى الله عليه وآله) حقها ومنعهم ميراثها من أبيها(صلى الله عليه وآله) ومنعهم حقّ ذوي القربى من الخمس المفروض لهم بنص القرآن في قوله تعالى (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْء فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ) الأنفال: 41.
[8] ـ نعم هكذا يعامل السنّة من يعدِل منهم عن مذهبه إلى مذهب الشيعة الإماميّة بعد أن يثبت عنده فساد مذهبه وبطلانه ويرى الحقّ في مذهب الشيعة الإماميّة اتّباع عترة رسول الله(صلى الله عليه وآله)وذريّته فيعتنقه، وقد ذكر العلاّمة الشيخ أحمد أمين الأنطاكي في كتابه في طريقي التشيّع ما لاقاه منهم في بلايا ومصائب عِظام عندما رفض مذاهبهم الأربعة وإعتنق مذهب الشيعة الإماميّة حيث ثبت عنده أنـّه الحقّ (بَعْدَ الْحَقِّ إلاَّ الضَّلالُ) وربك للظالمين بالمرصاد.
