محمد عليّ حمتّو([1]) الشافعي السوري
إعتنق مذهب الشيعة الإماميّة في مطلع عام 1949 م بعد أن اتّضح له بعد التنقيب في المذاهب الأربعة السنّية تخبّط ائمتها في دياجير الظلاّم، واعتمادهم على التلفيق من الأحاديث والمزوّر من الروايات، وأنّ الدين الصحيح الأصدق نقلا عن الرسول(صلى الله عليه وآله) هو مذهب الشيعة الإماميّة.
يقول في كتاب بعثه الينا من سورية بتاريخ 20/5/1963 م: اذكر أنّني قبل تشيّعي سألت الشيخ مرعي([2]) عن أسباب تفرّق المذاهب([3])، فأجابني هي كثرة التضارب والاختلاف بين ألتآويل والأحاديث التي يرويها كلّ راو حسب هواه وأطماعه أو حسب اهواء الخلفاء والأمراء والملوك والسلاطين الذين كان يخدمهم، ويخدم شهواتهم وهو في نفس الوقت يخدم جمعه للمال وحبّه للشهرة، وارضاءه لشهواته([4]).
ولمّا تفحّصت المذهب الذي انتمي إليه على ضوء رأي الشيخ مرعي المذكور، رأيت الشيخ على حقّ، ولذلك عدت إلى المنبع وهو رسول الله(صلى الله عليه وآله)، ومنذ ذلك الحين صدفت نفسي([5]) عن مذاهب السنّة وتمرّست في مذهب الأئمـّة من آل البيت(عليهم السلام)([6]) يقول تحت عنوان:
(الأسباب الباعثة لي على إعتناق مذهب الشيعة الإماميّة
دون غيره من المذاهب)
لمّا اتّضح لي تخبّط أئمـّة المذاهب الأربعة في دياجير الظلام واعتمادهم على المُلفَّق من الأحاديث والمزوّر من الروايات ممّا جعل مذاهبهم وآراءهم والأحاديث التي يزعمون نسبتها لرسول الله موضع شك كبير، ومجال ظنّ واسع، ربأْتُ بنفسي([7]) عن التقيّد بأحكامها.
ثمّ لمّا غلبتني الحيرة على أمري لجأت إلى مذهب الشيعة الإماميّة من أهل البيت التمس على هدى الحقيقة، وافتّش في ثناياه عن الدين الصحيح، فوجدته اقرب المذاهب لرسول الله(صلى الله عليه وآله) وأصدقها نقلا عنه([8]) وأثبتها ركائز في الدين والعقل وكان دليلي ومرشدي في هذه الدراسة الشيخ مرعي المذكور.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] ـ اسرة آل حمتو هي فرع الأسرة آل عيدو، وهي من الأسر التي مضى عليها خمسة قرون على ضفاف العاصي.
[2] ـ هو العلامة المجاهد صاحب كتاب (لماذا اخترت مذهب الشيعة الإماميّة مذهب أهل البيت(عليهم السلام)) المتقدم حديث تشيعّه في صفحة 162.
[3] ـ في حين أنّ الدين واحد، والكتاب واحد والنبيّ واحد، والقِبلة واحدة، فما معنى تعدّد المذاهب في الدين الوأحد. وهو سؤال وجيه به تنكشف الحقيقة ويتوصل إلى معرفة الحقّ من الباطل. الرضوي.
[4] ـ وليس في اتِّباع مذهب الشيعة الإماميّة خدمة للملوك والسلاطين بل الأمر على العكس من ذلك، كما لا تخفى على الخبير مواقف علمائهم مع معاصريهم منهم في مختلف العصور.
[5] ـ اعرضت.
[6] ـ على نحو مرست التمر في الماء، ولكته به حتى يتخلل اجزاؤه، كناية عن توغّله فيه.
[7] ـ رفعتها.
[8] ـ لأنّ مذهب الشيعة الإماميّة يعتمد في الأحكام الشرعيّة الإسلاميّة على كتاب الله وسنّة رسوله (صلى الله عليه وآله) والأئمة المعصومين من آله(عليهم السلام)، وهم: أحد الثقلين الذين أمر الرسول(صلى الله عليه وآله)بالتمسّك بهما وضمن النجاة والأمن من الضلال لمن تمسّك بهما. وهم عترته أهل بيته، (وأهل البيت ادرى بما في البيت من الأجانب والاغيار) فلا رأي لهم ولا اجتهاد في دين الله عندهم يقول الرابع من ائمتهم(عليهم السلام): اللّهمّ... وتوفنا على ملّتك وسنّة نبيّك صلواتك عليه وآله (زاد المعاد ويقول أيضاً: اللّهمّ صلّ على محمد وآل محمد... وأحينا على سنّته وتوفنا على ملّته، وخذ بنا منهاجه، واسلك بنا سبيله (الصحيفة الكاملة السجاديّة) ويقول اللّهم فأعنا على الاستنان بسنّته (تفصيل وسائل الشيعة) ويقول أيضاً: إنّ أفضل الأعمال عند الله ما عمل بالسنّة وإن قلّ (الكافي): ويقول ابنه الإمام الخامس محمد بن عليّ الباقر(عليه السلام): انّ الفقيه حق الفقيه الزاهد في الدنيا، الراغب في الآخرة المتمسّك بسنة النبيّ(صلى الله عليه وآله) (الكافي) ويقول أيضاً(عليه السلام): كلّ من تعدّى السنّة ردّ الى السنّة (الكافي). وقال(عليه السلام): إذا حدثت بالحديث فلم اسنده فسندي فيه أبي زين العابدين عن أبيه الحسين الشهيد عن أبيه عليّ بن أبي طالب عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) عن جبرئيل عن الله عز وجل (إعلام الورى بأعلام الهدى) وقال(عليه السلام): انّما نتحدث عن رسول الله(صلى الله عليه وآله)، وعن الله، فإذا كذُبنا فقد كُذّب الله ورسوله (بحار الأنوار ج1). وقال(عليه السلام): «والله لو كنّا نحدّث الناس أو حدثناهم برأينا لكنّا من الهالكين، ولكنّا نحدّثهم بآثار عندنا من رسول الله(صلى الله عليه وآله) يتوارثها كابر عن كابر (بحار الأنوار ج1). وقال(عليه السلام) لعبد الله بن عمير الليثي لمّا استفتاه في متعة النساء فأفتى(عليه السلام) بالجواز استناداً إلى الكتاب والسنّة فاعترض عليه الليثي بأن عمر حرّمها. فقال(عليه السلام): أنا على قول رسول الله(صلى الله عليه وآله) فهلم اُلاعنك أنّ القول ما قال رسول الله(صلى الله عليه وآله) وأنّ الباطل ما قال صاحبك (الوافي ج12) ويقول ابنه الإمام السادس جعفر بن محمد الصادق(عليه السلام): حديثي حديث أبي، وحديث أبي حديث جدّي، وحديث جدّي حديث الحسين وحديث الحسين حديث الحسن، وحديث الحسن حديث أمير المؤمنين، وحديث أمير المؤمنين حديث رسول الله(صلى الله عليه وآله) وحديث رسول الله(صلى الله عليه وآله) قول الله عزّ وجلّ. (الكافي).
الرضوي: وأيُّ نقل عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) أصدق واوثق من نقل هؤلاء الأئمة من عترته؟ فهل من مدّكر؟.