طباعة

دور زيارة جابر بن عبد الله الأنصاري (ره) في تثبيـت النهضة الحُسـينيّة

زيارة الأربعيـن
الأربعون من أيام الله المهمة والقيِّمة التي فيها يتوجَّه عشاق سيد الشهداء أبي عبد الله الحسين عليه السلام إلى حرمه المقدَّس ويجتمعون تحت قُبَّته المباركة، ويقيمون مراسم العزاء عليه ويذكرون تلك المواقف البطولية ويرددون المصائب المؤلمة التِّي وردت عليه، تلك المصائب التِّي ارتكبتها الزمرة الطاغية من آل أمية عليهم لعائن الله.
الأربعون من السنن التي تبين وتشخِّص هويَّة الشيعة الإمامية..
إن هذه السنَّة قد أسَّسها الإسلام حيث تحريضه على الاهتمام بزيارة قبور الأولياء والشهداء، وقد كان يُحييها أولياء الدين حيث كانوا يزورون قبور الرموز الدينية من الأنبياء والأولياء والشهداء والصالحين.
ولكن في هذه المرَّة، وفي خصوص زيارة قبر سيد الشهداء، أهمية الموضوع قد تضاعفت وأخذت طابعاً مميَّزاً وعلى ضوء ذلك أصبحت أوَّل زيارة لقبره عليه السلام مصيريَّة، ولأهمِّيتها صار هذا الأمر على عهدةِ شخصيَّةٍ متميِّزة ألا وهو جابر بن عبدالله الأنصاري وصاحبه عطية العوفي رضوان الله تعالى عليهما وهما أوَّل من طبَّقا هذه السنَّة المباركة، ألا وهي زيارة قبر الإمام الحسين عليه السلام، ومن ثمَّ صارت هذه الزيارة من علامات المؤمن (ويعنى به الشيعي الإمامي) حيث الحديث المعروف عن الإمام العسكري عليه أفضل التحيَّة والثناء المنقول في المصباح للشيخ، أنه عليه السلام قال:
علامات المؤمن خمس صلاة الإحدى والخمسين وزيارة الأربعين والتختم باليمين وتعفير الجبين والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم (بحار الأنوار ج 85 ص75 رواية7 باب 24)
إن هذه الخطوة التِّي خطاها هذا الصحابي الجليل رضوان الله تعالى عليه كان لها الأثر البالغ في إحياء شريعة النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم كان لها دور عظيم في تثبيت النهضة المباركة الحسينية وتركيز جذورها مدى الأعصار والقرون.
لو أردنا أن نتعرف على أهمية هذه الحركة الثورية وخطورة هذا الموقف وتأثيره في تحطيم وإبادة جميع ما أحاكته بنو أميَّة من الباطل، ينبغي لنا أن نتعرف على مطالب ثلاثة:
الأوَّل: الإعلام المناوئ ضد الإمام الحسين عليه السلام وأصحابه من قبل الطاغية يزيد وذلك قبل قتله عليه السلام وبعده.
وأما بالنسبة إلى المطلب الأوَّل :
إنَّ الإعلام الأموي قد نشر بين الناس أنَّ هناك خارجي خرج على الحكم وقد خالف الإسلام فقتل:
أقول رأيت في بعض الكتب المعتبرة روى مرسلا عن مسلم الجصاص قال دعاني ابن زياد لإصلاح دار الإمارة بالكوفة فبينما أنا أجصص الأبواب وإذا أنا بالزعقات قد ارتفعت من جنبات الكوفة فأقبلت على خادم كان معنا فقلت: ما لي أرى الكوفة تضج قال الساعة أتوا برأس خارجي خرج على يزيد فقلت من هذا الخارجي فقال الحسين بن على عليه السلام قال فتركت الخادم حتى خرج ولطمت وجهي حتى خشيت على عيني أن يذهب وغسلت يدي من الجص وخرجت من ظهر القصر (بحار الأنوار ج 45 ص 112 رواية 1 باب 39)
فدخل عليه (يزيد) زيد بن أرقم و رأى الرأس في الطست و هو يضرب بالقضيب على أسنانه فقال كف عن ثناياه فطالما رأيت النبي يقبلها فقال يزيد لو لا انك شيخ كبير خرفت لقتلتك و دخل عليه راس اليهود فقال ما هذا الرأس فقال رأس خارجي قال و من هو قال الحسين قال ابن من قال ابن على قال و من أمه قال فاطمة قال و من فاطمة قال بنت محمد قال نبيكم قال نعم قال لا جزاكم الله خيرا الخ الرواية (بحار الأنوار ج 45 ص 186 رواية 31 باب 39)
إثبات أنَّ الحسين قد قتل:
بهذا الإسناد عن احمد عن الهروى في خبر طويل عن الرضا عليه السلام في نفى قول من قال أن الحسين عليه السلام لم يقتل و لكن شبه لهم قال عليه السلام و الله لقد قتل الحسين عليه السلام و قتل من كان خيرا من الحسين أمير المؤمنين و الحسن بن على و ما منا إلا مقتول و إني و الله لمقتول بالسم باغتيال من يغتالني اعرف ذلك بعهد معهود إلىّ من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلَّم اخبره به جبرائيل عن رب العالمين عز و جل (البحار ج 49 ص 285 رواية 5 باب 19)
محمد بن يعقوب الكلينى عن إسحاق بن يعقوب قال سألت محمد بن عثمان العمري رحمه الله أن يوصل لي كتابا قد سألت فيه عن مسائل أشكلت على فورد التوقيع بخط مولانا صاحب الزمان ع أما ما سالت عنه خير مما آتاكم و إما ظهور الفرج فانه إلى الله و كذب الوقاتون و أما قول من زعم أن الحسين ع لم يقتل فكفر و تكذيب و ضلال و أما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواه حديثنا فانهم حجتي عليكم و أنا حجه الله عليهم و أما محمد بن عثمان العمري رضى الله عنه و عن أبيه من قبل فانه ثقتي و كتابه كتابي و أما محمد بن على بن مهزيار الاهوازي فسيصلح الله قلبه و يزيل عنه شكه و أما ما وصلتنا به فلا قبول عندنا إلا لما طاب و طهر و ثمن المغنين حرام و أما محمد بن شاذان بن نعيم فانه رجل من شيعتنا أهل البيت و أما أبو الخطاب محمد بن أبى زينب الأجدع فانه ملعون وأصحابه ملعونون فلا تجالس أهل مقالتهم فإني منهم (البحار ج 53 ص 180 رواية 10 باب 31)
الثاني: العقائد الفاسدة التِّي نشرتها بنو أميَّة في أفكار المسلمين عامَّة وأهل الشام خاصّة.
عقيدة أهل الشام الجبر
قال المفيد فادخل عيال الحسين بن على صلوات الله عليهما على ابن زياد فدخلت زينب أخت الحسين ع في جملتهم متنكرة و عليها ارذل ثيابها و مضت حتى جلست ناحية و حفت بها إماؤها فقال ابن زياد من هذه التي انحازت فجلست ناحية ومعها نساؤها فلم تجبه زينب فأعاد القول ثانيه و ثالثه يسال عنها فقالت له بعض إمائها هذه زينب بنت فاطمة بنت رسول الله ص فاقبل عليها ابن زياد و قال الحمد لله الذي فضحكم و قتلكم و اكذب احدوثتكم فقالت زينب الحمد لله الذي أكرمنا بنبيه محمد ص و طهرنا من الرجس تطهيرا إنما يفتضح الفاسق.
قال السيد و ابن نما ثم التفت ابن زياد إلى على بن الحسين فقال من هذا فقيل على بن الحسين فقال ا ليس قد قتل الله على بن الحسين فقال على قد كان لي أخ يسمى على بن الحسين قتله الناس فقال بل الله قتله فقال علي الله يتوفى الأنفس حين موتها و التي لم تمت في منامها فقال ابن زياد و لك جرأه على جوابى اذهبوا به فاضربوا عنقه فسمعت عمته زينب فقالت يا بن زياد انك لم تبق منا أحدا فان عزمت على قتله فاقتلني معه و قال المفيد و ابن نما فتعلقت به زينب عمته و قالت يا بن زياد حسبك من دمائنا و اعتنقته و قالت و الله لا أفارقه فان قتلته فاقتلني معه فنظر ابن زياد إليها و إليه ساعة ثم قال عجبا للرحم و الله إني لأظنها ودت إني قتلتها معه.
الثالث: شخصية كل من جابر بن عبد الله الأنصاري و عطية العوفي.
من هو هذا الصحابي؟
هو جابر بن عبدالله الأنصاري ابن عمرو بن حزام المدني العربي الخزرجي. نزل المدينة، شهد بدراً وثماني عشرة غزوة مع النبي صلى الله عليه وآله مات سنة ** . وهو من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ومن الأصفياء من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام ومن شَرطة خميسه، ومن أصحاب الإمام الحسن عليه السلام والإمام الحسين عليه السلام والإمام السجاد عليه السلام والإمام الباقر عليه السلام.

مواصفاته :
1 ولائه البالغ القلبي والعملي لأهل البيت :

أنَّه كان له ولاء وحبّ مميَّز بالنسبة إلى أهل البيت عليهم السلام، يلاحظ من خلال الأحاديث الآتية:
قال الإمام الصادق:
إن جابر بن عبدالله كان آخر من بقي من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وكان رجلا منقطعا إلينا أهل البيت.
وهذه العقيدة كان يُبَّينها بين آونة وأخرى خصوصاً في المواقف الخاصَّة التِّي تتطلَّب دفاعاً عنهم عليهم السلام ، وقال الكشي حدثنا أيوب بن نوح عن صفوان بن يحيى "عن عاصم بن حميد عن معاوية بن عمار عن أبي الزبير المكي قال: سألت جابر بن عبدالله فقلت: أخبرني أي رجل كان علي بن أبي طالب قال: فرفع حاجبه عن عينيه وقد كان سقط على عينيه قال: فقال ذاك خير البشر أما والله إن كنا لنعرف المنافقين على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله ببغضهم إياه .
والجدير بالذكر أنَّ الإمام الباقر عليه السلام يمدح جابراً ويُرَّفع من شأنه ويميّزه من بين أصحاب رسول الله حيث أنَّه يودُّ علياً عليه السلام كما في الحديث التالي:
عن موسى بن جعفر عن أبيه عن جده أبي جعفر عن أبيه عليه السلام و حدثنيه الحسين بن زيد على ذو الدمعة عن عمه عمر بن على عن أخيه عن أبيه عن جده الحسين صلى الله عليهم و قال أبو جعفر عليه السلام حدثني عبد الله بن العباس و جابر بن عبد الله الأنصاري وكان بدريا أُحُديا شجريا و ممَّن يحظُّ من أصحاب رسول الله صلي الله عليه وآله في مودّة أمير المؤمنين عليه السلام (بحار الأنوار ج 70 ص 20 رواية 17 باب 43)

2 ارتباطه المباشر بالأئمة (عليهم السلام)

عن أبى جعفر محمد بن على ع إن فاطمة بنت على بن أبي طالب لما نظرت إلى ما يفعل ابن أخيها على بن الحسين بنفسه من الداب في العبادة أتت جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاري فقالت له يا صاحب رسول الله إن لنا عليكم حقوقا من حقنا عليكم إن إذا رأيتم أحدنا يهلك نفسه اجتهادا إن تذكروه الله و تدعوه إلى البقيا على نفسه وهذا على بن الحسين بقيه أبيه الحسين قد انخرم انفه و ثفنت جبهته و ركبتاه و راحتاه ادءابا منه لنفسه في العبادة فأتى جابر بن عبد الله باب على بن الحسين ع و بالباب أبو جعفر محمد بن على ع في اغيلمه من بنى هاشم قد اجتمعوا هناك فنظر جابر إليه مقبلا فقال هذه مشيه رسول الله ص و سجيته فمن أنت يا غلام قال فقال أنا محمد بن على بن الحسين فبكى جابر رضى الله عنه ثم قال أنت و الله الباقر عن العلم حقا ادن منى بأبي أنت فدنا منه فحل جابر أزراره و وضع يده على صدره فقبله و جعل عليه خده و وجهه، وقال له أقرئك عن جدك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم السلام و قد أمرني إن افعل بك ما فعلت و قال لي يوشك إن تعيش و تبقى حتى تلقى من ولدى من اسمه محمد يبقر العلم بقرا و قال لي انك تبقى حتى تعمى ثم يكشف لك عن بصرك ثم قال لي ائذن لي على أبيك فدخل أبو جعفر على أبيه فاخبره الخبر و قال إن شيخا بالباب و قد فعل بي كذا و كذا فقال يا بنى ذلك جابر بن عبد الله ثم قال أمن بين ولدان اهلك قال لك ما قال و فعل بك ما فعل قال نعم قال أنا لله انه لم يقصدك فيه بسوء و لقد أشاط بدمك ثم أذن لجابر فدخل عليه فوجده في محرابه قد انضته العبادة فنهض على ع فسأله عن حاله سؤالا حفيا ثم أجلسه بجنبه فاقبل جابر عليه يقول يا ابن رسول الله أما علمت أن الله تعالى إنما خلق الجنة لكم و لمن احبكم و خلق النار لمن أبغضكم و عاداكم فما هذا الجهد الذي كلفته نفسك قال له على بن الحسين ع يا صاحب رسول الله ا ما علمت جدي رسول الله ص قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه و ما تأخر فلم يدع الاجتهاد و تعبد بأبي هو وأمي حتى انتفخ الساق و ورم القدم و قيل له ا تفعل هذا و قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك و ما تأخر قال أفلا أكون عبدا شكورا (بحار الأنوار ج 46 ص 60 رواية 18 باب5)
حديث اللوح
عن أبى بصير عن أبى عبد الله عليه السلام قال :
قال أبي لجابر بن عبد الله الأنصاري أن لي إليك حاجه فمتى يخف عليك أن أخلو بك فأسألك عنها قال له جابر في أي الأوقات شئت فخلا به أبي ع فقال له يا جابر أخبرني عن اللوح الذي رايته في يدي أمي فاطمة بنت رسول الله ص و ما أخبرتك به أمي إن في ذلك اللوح مكتوبا قال جابر اشهد بالله إني دخلت على أمك فاطمة في حياة رسول الله ص أهنئها بولادة الحسين عليه السلام فرأيت في يدها لوحا اخضر ظننت انه زمرد و رأيت فيه كتابا ابيض شبه نور الشمس فقلت لها بأبي أنت و أمي يا بنت رسول الله ما هذا اللوح فقالت هذا اللوح أهداه الله عز و جل إلى رسوله فيه اسم أبي و اسم بعلي و اسم أبني و أسماء الأوصياء من ولدى فاعطانيه أبي ليسرني بذلك قال جابر فاعطتنيه أمك فاطمة فقراته و انتسخته فقال أبي ع فهل لك يا جابر إن تعرضه على قال نعم فمشى معه أبي ع حتى انتهى إلى منزل جابر فاخرج إلى أبي صحيفة من رق قال جابر فاشهد بالله إني هكذا رايته.

3 الكرامات التِّي صدرت من الرسول في شأنه:

إطعام جميع من في الخندق بشاة واحدة
عن جابر قال علمت في غزوه الخندق إن رسول الله ص مقوى أي جائع لما رأيت على بطنه الحجر فقلت يا رسول الله هل لك في الغداء قال ما عندك يا جابر فقلت عناق و صاع من شعير فقال تقدم و اصلح ما عندك قال جابر فجئت إلى أهلي فأمرتها فطحنت الشعير و ذبحت العنز وسلختها و أمرتها إن تخبز و تطبخ و تشوى فلما فرغت من ذلك جئت إلى رسول الله ص فقلت بأبي و أمي أنت يا رسول الله قد فرغنا فاحضر مع من أحببت فقام ص إلى شفير الخندق ثم قال يا معشر المهاجرين و الأنصار أجيبوا جابرا و كان في الخندق سبع مائة رجل فخرجوا كلهم ثم لم يمر بأحد من المهاجرين و الأنصار إلا قال أجيبوا جابرا قال جابر فتقدمت و قلت لأهلي قد و الله أتاك رسول الله ص بما لا قبل لك به فقالت أعلمته أنت ما عندنا قال نعم قالت فهو اعلم بما أتى قال جابر فدخل رسول الله ص فنظر في القدر ثم قال اغرفي و أبقى ثم نظر في التنور ثم قال اخرجي و أبقى ثم دعا بصحفه فثرد فيها و غرف فقال يا جابر ادخل على عشره عشره فأدخلت عشره فأكلوا حتى نهلوا و ما يرى في القصعه إلا آثار أصابعهم ثم قال يا جابر على بالذراع فأتيته بالذراع فأكلوه ثم قال ادخل عشره فأدخلتهم حتى أكلوا و نهلوا و ما يرى في القصعه إلا آثار أصابعهم ثم قال على بالذراع فأكلوا و خرجوا ثم قال ادخل على عشره فأدخلتهم فأكلوا حتى نهلوا و ما يرى في القصعه إلا آثار أصابعهم ثم قال يا جابر على بالذراع فأتيته فقلت يا رسول الله كم للشاه من الذراع قال ذراعان فقلت و الذي بعثك بالحق لقد آتيتك بثلاثة فقال أما لوسكت يا جابر لاكل الناس كلهم من الذراع قال جابر فأقبلت ادخل عشره عشره فيأكلون حتى أكلوا كلهم و بقى و الله لنا من ذلك الطعام ما عشنا به أياما.
أداء دين جابر:
روى عن جابر قال استشهد والدي بين يدي رسول الله ص يوم أحد وهو ابن مائتي سنه و كان عليه دين فلقيني رسول الله ص يوما فقال ما فعل دين أبيك فقلت على حاله فقال لمن هذا قلت لفلان اليهودي قال متى حينه قلت وقت جفاف التمر قال إذا جف التمر فلا تحدث فيه حتى تعلمني و اجعل كل صنف من التمر على حده ففعلت ذلك و أخبرته ص فصار معي إلى التمر و اخذ من كل صنف قبضه بيده و ردها فيه ثم قال هات اليهودي فدعوته فقال له رسول الله اختر من هذا التمر أي صنف شئت فخذ دينك منه فقال اليهودي وأي مقدار لهذا التمر كله حتى آخذ صنفا بينه و لعل كله لا يفي بديني فقال النبي ص اختر أي صنف شئت فابتدئ به فاومأ إلى صنف الصيحانى فقال ابتدئ به فقال بسم الله فلم يزل يكيل منه حتى استوفى منه دينه كله و الصنف على حاله ما نقص منه شيء ثم قال ص يا جابر هل بقى لأحد عليك شيء من دينه قلت لا قال فاحمل تمرك بارك الله لك فيه فحملته إلى منزلي و كفانا السنة كلها فكنا نبيع منه لنفقتنا و مؤونتنا و نأكل منه و نهب منه و نهدى إلى وقت التمر الجديد و التمر على حاله إلى إن جاءنا الجديد (بحار الأنوار ج 18 ص 31 رواية 24 باب7)
شموله شفاعة الإمام:
ابن الوليد عن الصفار عن محمد بن عيسى عن بشير عن هشام بن سالم قال قال لي أبو عبد الله ع إن لأبي مناقب ليست لأحد من آبائي إن رسول الله ص قال لجابر بن عبد الله انك تدرك محمدا أبني فاقرأه منى السلام فأتى جابر على بن الحسين ع فطلبه منه فقال نرسل إليه فندعوه لك من الكتاب فقال اذهب إليه فاتاه فاقرأه السلام من رسول الله و قبل رأسه و ألتزمه فقال وعلى جدي السلام و عليك يا جابر قال فأساله جابر إن يضمن له الشفاعة يوم القيامة فقال له افعل ذلك يا جابر
قال : فكان جابر يأتيه طرفي النهار وكان أهل المدينة يقولون:واعجباه لجابر يأتي هذا الغلام طرفي النهار وهو آخر من بقى من أصحاب رسول الله(صلى الله عليه وآله (بحار الأنوارج 46 ص 228 رواية 10 باب3)
التعريف بالباقر
حمويه بن على عن محمد بن محمد بن بكر عن الفضل بن حباب عن مكي بن مروك الاهوازى عن على بن بحر عن حاتم بن إسماعيل عن جعفر بن محمد عن أبيه ع قال دخلنا على جابر بن عبد الله فلما انتهينا إليه سال عن القوم حتى انتهى إلى فقلت أنا محمد بن على بن الحسين فأهوى بيده إلى رأسي فنزع زرى الأعلى و زرى الأسفل ثم وضع كفه بين ثديي و قال مرحبا بك و أهلا يا ابن أخي سل ما شئت فأسالته و هو أعمى فجاء وقت الصلاة فقام في نساجه فالتحف بها فلما وضعها على منكبه رجع طرفاها إليه من صغرها و رداؤه إلى جنبه على المشجب فصلى بنا فقلت أخبرني عن حجه رسول الله ص فقال بيده فعقد تسعا و قال إن رسول الله ص مكث تسع سنين لم يحج ثم إذن في الناس في العاشرة إن رسول الله ص حاج فقدم المدينة بشر كثير كلهم يلتمس إن ياتم برسول الله ص و يعمل ما عمله فخرج و خرجنا معه حتى أتينا ذا الحليفة فذكر الحديث و قدم على من اليمن ببدن النبي ص فوجد فاطمة فيمن احل و لبست ثيابا صبيغا و اكتحلت فأنكر على ذلك عليها فقالت أبي ص أمرني بهذا و كان على ع يقول بالعراق فذهبت إلى رسول الله ص محرشا على فاطمة بالذي صنعت مستفتيا رسول الله ص بالذي ذكرت عنه فأنكرت ذلك قال صدقت صدقت (بحار الأنوارج 21 ص 382 رواية 9 باب36)
جابر ينقل حديث النور:
جماعه عن أبي المفضل عن عبيد الله بن الحسين بن إبراهيم العلوى عن محمد بن على بن حمزة العلوى عن أبيه عن الحسين بن زيد بن على قال سالت أبا عبد الله جعفر بن محمد ع عن سن جدنا على بن الحسين ع قال أخبرني أبي عن أبيه على بن الحسين قال كنت أمشي خلف عمى و أبي الحسن و الحسين في بعض طرقات المدينة في العام الذي قبض فيه عمى الحسن و أنا يومئذ غلام قد ناهزت الحلم أو كدت فلقيهما جابر بن عبد الله و انس بن مالك الأنصاريان في جماعه من قريش و الأنصار فما تمالك جابر بن عبد الله حتى أكب على أيديهما و أرجلهما يقبلهما فقال له رجل من قريش كان نسيبا لمروان ا تصنع هذا يا أبا عبد الله في سنك و موضعك من صحبه رسول الله ص و كان جابر قد شهد بدرا فقال له إليك عنى فلو علمت يا أخا قريش من فضلهما و مكانهما ما اعلم لقبلت ما تحت إقدامهما من التراب (بحار الأنوارج 37 ص 44 رواية 22 باب50)
عن الإمام الصادق : إن جابر بن عبدالله كان آخر من بقي من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وكان رجلا منقطعا إلينا أهل البيت وكان يقعد في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وهو معتم بعمامة سوداء وكان ينادي : يا باقر العلم يا باقر العلم وكان أهل المدينة يقولون : جابر يهجر فكان يقول : لا والله لا أهجر لكني سمعت رسول الله صلىالله عليه وآله يقول : إنك ستدرك رجلا من أهل بيتي إسمه إسمي وشمائلي يبقر العلم بقرا فذاك الذي دعاني إلى ما أقول قال : فبينا جابر يتردد ذات يوم في بعض طرق المدينة إذ هو بطريق في ذلك الطريق كتاب فيه محمد بن علي بن الحسين عليهم السلام فلما نظر إليه قال : يا غلام أقبل فأقبل ثم قال: أدبر فأدبر فقال : شمائل رسول الله صلى الله عليه وآله والذي نفس جابر بيده يا غلام ما اسمك فقال: اسمي محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب فأقبل عليه يقبل رأسه وقال : بأبي أنت وأمي رسول الله صلى الله عليه وآله يقرأك السلام (بحار الأنوارج 37 ص 44 رواية 22 باب50)
جابر كان ذخيرة الله حيث طول الله في عمره و بارك فيه و ذلك لإيصال رسالتين إلى البشرية:
1.تثبيت مشروعية خروج الحسين عليه السلام على من كان يطلق على نفسه أمير المؤمنين و هو الفاسق يزيد - وذلك من خلال زيارته يوم الأربعين.
2.التعريف بشخصيه سادس الحجج الإمام الباقر عليه السلام.
لم نشاهد أحدا من المسلمين كان يعادي جابر كان الناس يتسابقون في رؤية جابر فيأتون من جميع أرجاء العالم الإسلامي.
عطيَّـة العوفـي
إسمه :
أقول: قال أبو جعفر الطبري في كتاب (ذيل المذيل): عطية بن سعد بن جنادة العوفي من جديلة قيس و يكنى أبا الحسن.
وجه تسميته:
قال ابن سعد: أخبرنا سعد بن محمد بن الحسن بن عطية قال: جاء سعد بن جنادة إلى علي بن أبي طالب عليه السلام و هو بالكوفة فقال: يا أمير المؤمنين، انه قد ولد لي غلام فسمه، فقال: هذا عطية الله فسمي عطية.
ولائه لعليٍّ:
كتب الحجاج إلى محمد بن القاسم الثقفي إن ادع عطية فإن لعن علي بن أبي طالب و إلا فاضربه أربعمائة سوط و أحلق رأسه و لحيته فدعاه و أقرأه كتاب الحجاج و أبى عطية أن يفعل فضربه أربعمائة سوط و حلق رأسه و لحيته.
عطية مفسِّر القرآن:
تنقيح المقال: عن ملحقات الصراح قال: عطية العوفي ابن سعيد، له تفسير في خمسة أجزاء، قال عطية: عرضت القرآن على ابن عباس ثلاث عرضات على وجه التفسير و أما على وجه القراءة فقرأت عليه سبعين مرة، انتهى.
ينقل الخطبة الفدكيَّة:
أحاديث عطيَّة:
55% من أحاديثه تتعلق بشخص علي عليه السلام حديث المنزله، حديث الثقلين، حديث الغدير 35% من أحاديثه تتعلق بخصوص الأئمة عليهم السلام و الباقي أعنى 15% ترتبط بقضايا أخرى.
الموقف الثوري:
إنها مفاجأة عظيمة! إنه حدث غير منتظر! أين جابر! أين جابر! الكل يتساءل.. الكل يتحسس.. عامة الناس لا يعرفون و لا يدرون عن استشهاد الحسين.. أم سلمة كانت تعرف عن ذلك وذلك من خلال القارورة التِّي كانت تربة كربلاء فيها وربَّما أخبرت جابر بذلك أو أنَّ جابر قد تطلَّع على هذا الأمر من خلال الأحاديث التِّي سمعها عن رسول الله حول استشهاد الحسين وزمان استشهاده ومكانه علماً بأنَّ جابر كان مُطّضلعاً على كثير من الأسرار.
فمن الطبيعي هذه التساؤلات فكان يخطر في أذهان الناس كل شئ إلا هذه الزيارة و ذلك لعلل كثيرة..
منها أصل استشهاده عليه السلام.
ومنها: عجز جابر حيث لا يتمكن من المشي ناهيك عن الذهاب إلى بلاد بعيدة عن المدينة أعني العراق .
إحتياطات:
.. سقط فمات.. أو نام ولم يستيقظ أو ما شابه ذلك!!
فما هي السبل التِّي تحيل دون إحاكة المؤامرات ضدّ هذه الحركة الثوريَّة؟
عطيَّة العوفي هو الرجل الذي بيده سوف تبقي تلك الحركة من غير حدوث أيِّ خطورة عليها فهو الذي سوف يحافظ على جابر وهو الذي سوف ينشر خبر التعدي عليه لو وقع ذلك وهو الذي سوف ينقل خبر زيارته لقبر الحسين إن وصلا إلى كربلاء وبالفعل قد نقل ذلك الخبر بجميع خصوصياته. كيف لا وهو مفسِّر القرآن ومحدِّث الأخبار وحريص على مثل هذه الأخبار والحوادث التِّي تتعلَّق بأهل البيت كما عرفت ذلك.
زيارة الحسين(عليه السلام)
عطيه العوفى قال خرجت مع جابر بن عبد الله الأنصاري رحمه الله زائرين قبر الحسين بن على بن أبي طالب ع فلما وردنا كربلا دنا جابرُ من شاطئ الفرات فاغتسل ثم ائتزر بازار و ارتدى باخر ثم فتح صرة فيها سعد فنثرها على بدنه ثم لم يَخطَّ خطوة إلا ذكر الله حتى إذا دنا من القبر قال إلمسنيه فألمسته فخر على القبر مغشيا عليه فرششت عليه شيئا من الماء فآفاق و قال يا حسين ثلاثا ثم قال حبيب لا يجيب حبيبَه ثم قال وأنّى لك بالجواب وقد شُحطت أوداجك على أَثباجِك و فُرِّقَ بين بدنك و رأسك فأَشهد انك ابنُ النبيين وابن سيد المؤمنين وابن حليفِ التقوى وسليلِ الهدى وخامسِ أصحاب الكساء و ابنُ سيد النقباء و ابنُ فاطمة سيدةِ النساء و ما لك لا تكون هكذا و قد غَذتك كفُّ سيدِ المرسلين و رُبِّيت في حجر المتقين و رضعت من ثديِ الإيمان و فطمت بالإسلام فطبت حيا و طبت ميتاً غير إن قلوبَ المؤمنين غيرُ طيِّبةٍ لفراقك و لا شاكةٍ في الخيرةِ لك فعليك سلام الله ورضوانه واشهد انك مضيت على ما مضى عليه أخوك يحيى ابنُ زكريا ثم جال ببصره حول القبر و قال السلام عليكم أيها الأرواح التي حلت بفناء قبر الحسين وأناخت برحله اشهد إنكم أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وأمرتم بالمعروف ونهيتم عن المنكر وجاهدتم الملحدين وعبدتم الله حتى أتاكم اليقين والذي بعث محمدا بالحق لقد شاركناكم فيما دخلتم فيه قال عطيه فقلت لجابر كيف و لم نهبط واديا و لم نعلُ جبلًا و لم نضرب بسيف و القوم قد فرق بين رؤوسهم و أبدانهم وأولادهم و أرملت الأزواج فقال لي يا عطيه سمعت حبيبي رسولَ الله ص يقول من احب قوماً حشر معهم و من أحب عمل قوم أشرك في عملهم و الذي بعث محمدا بالحق إن نيتي ونيةَ أصحابي على ما مضى عليه الحسين وأصحابه خذوني نحو أبيات كوفان فلما صرنا في بعض الطريق فقال لي يا عطيه هل أوصيك وما أظن أنني بعد هذه السفره ملاقيك احببْ محبَّ آل محمد ص ما أحبهم و ابغض مبغض آل محمد ما ابغضهم وإن كان صواما قواما وارفق بمحب آل محمد فانه إن تزُل قدمٌ بكثرةِ ذنوبهم ثبتت لهم أخرى بمحبتهم فان محبهم يعود إلى الجنة و مبغضهم يعود إلى النار.