ع ـ أ ـ ج ـ السوري موظّف في دائرة رسميّة في حلب([1])
إعتنق مذهب الشيعة الإماميّة معتقداً أنـّها هي الفرقة الناجية من الفرق الإسلاميـّة، لتمسّكها بالثقلين، كتاب الله وعترة رسوله(صلى الله عليه وآله) دون غيرها من الفرق الحائدة عنها.
تسلّمت منه كتاباً في 3/1/1386 هـ حدّثنا فيه عن الأسباب التي دعته إلى اختيار مذهب الشيعة الإماميّة فقال مذهب الشيعة الإماميّة هو الصراط المستقيم، وعليه الفرقة الناجية([2]) بإذن الله، لأنّ تعدد المذاهب الإسلامية وكثرتها معناه الإختلاف في الدين، والله أمرنا أن لا نفترق فيه([3]) وبيّن لنا على لسان نبيّه(عليه السلام)الطريق الواضح حتى لا نضلّ، وذلك باتباع الأئمـّة المعصومين([4]) فاوصى بالإمامة لعليّ(عليه السلام) من بعده، والأئمـّة من ولده([5]).
إنّ الأحاديث الصحيحة والآيات من قبل كلّها تحثّ على مولاة أهل البيت من بعد الرسول(عليه السلام)، والكون معهم وقوله تعالى ) إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ * وَمَنْ يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغالِبُونَ(([6]).
وقوله(عليه السلام): من كنت مولاه فعليّ مولاه، اللهمّ وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله.
وقال له رسول الله(صلى الله عليه وآله): أنت وليّ كلّ مؤمن بعدي. وقوله(عليه السلام) مخاطباً عليّاً أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي([7]).
ومن وعى حديث المنزلة الدال على مكانة عليّ(عليه السلام) من النبيّ ومن الإسلام([8])وقد اختاره أخاً([9]) وزوجاً لبضعته الزهراءووزيراً له([10]) وخليفة من بعده([11]) وإماماً للمتقين([12]) (كفاه).
إنّ الآيات والأحاديث النبويّة تثبت عصمة أهل بيت النبيّ(صلى الله عليه وآله) عليّ(عليه السلام)والأئمة من ولده(عليهم السلام)، وهذا يؤهلهم للولاية والتشريع، وتطبيق السنّة المطهّرة وتفسيرها...
الأئمـّة الإثنا عشر الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً شجرة مباركة وعترة كريمة، منهجها الحقّ([13]) وقولها الصدق، وقد أمرنا الله جلّ شأنه أن نكون معهم إذ يقول: ) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَْمْرِ مِنْكُمْ(([14]).
وقد قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): إنّي تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي، وإنّهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض([15]).
موالي صدق، وقادة خير، حسدهم الناس على ما آتاهم الله من فضله([16])، مودّتهم مفترضة بالقرآن([17]) الصراط الذي لا يضلّ سالكه، أهل الذكر([18])، الراسخون في العلم([19])، عاشوا غرباء بين قومهم، وماتوا مظلومين مزالين عن حقّهم، وتركوا آثاراً وهدياً ونوراً لا يزال يشعّ ضياؤه، ويطلع سناه، في كلّ يوم تشرق شمسه، تركوا فقها، وحكمة، ومنهاجاً للناس، وسنّة مطهّرة، اُسوة حسنة، وكرام بررة، شهداء، وصدّيقون عند الله، اُولوا تقوى وإمامة في الدين بأمر من الله ورسوله الذي لا ينطق عن الهوى، فهم أمان الأمّة من الإختلاف، وباب حطّة يغفر لمن دخله، والعروة الوثقى، وحبل الله الذي أمرنا بالإعتصام به.
فأساس العمل في هذا الدين الحنيف النيّة الصادقة، وميزان التقوى العمل بكتابه، وسنّة نبيّه، والإقتداء بآله الأكرمين.
وبهذا النجاة إلى الله يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون، إلاّ من أتى الله بقلب سليم.
أمانة في عنقنا أن نحذو حذوهم، وأن نسلك سبيلهم ما دام الإسلام كلمة حقّ أوحاها الله إلى نبيّه محمد (صلى الله عليه وآله)...
اللّهم لا تجعل في قلوبنا غلاّ للذين آمنوا إنّك رؤفٌ رحيم، وابعثنا مع نبيّك وآله الأكرمين: يوم تقوم الساعة وتذهل كلّ مرضعة عمّا أرضعت، مع الذين وقيتهم شرّ ذلك اليوم، ولقّيتهم نضرةً وسروراً، وجزيتهم بما صبروا جنّةً وحريراً، متّكئين فيها على الأرائك لا يرون فيها شمساً ولا زمهريراً، ويطوف عليهم ولدان مخلّدون إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤاً منثوراً.
فعليّ والأئمة من ولده: ضمن الله لهم الجنّة، ولأتباعهم الصادقين الذين
لا يتقدّمون عليهم ولا يتأخّرون عنهم، لأنّ في ذلك الهلكة، فهم أهل بيت النبوّة ومهبط الوحي ومعدن الرسالة، وقد قال الإمام الشافعي فيهم:
ولمّا رأيت الناس قد ذهبت بهم***مذاهبهم في أبحر الغيّ والجهل
ركبت على اسم الله في سفن النجا***وهم أهل البيت المصطفى خاتم الرسل
وامسكت حبل الله وهو ولاؤهم***كما قد اُمرنا بالتمسّك بالحبل([20])
وقد قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): لا يحبّنا إلاّ مؤمن تقيّ ولا يبغضنا إلاّ منافق شقيّ. ولذا قال فيهم الفرزدق:
من معشر حبّهم دين وبغضهم***كفر وقربهم منجى ومعتصم
إنّ عدّ أهل التقي كانو أئمّتهم***أو قيل من خير أهل الأرض قيل هم
هكذا علمت أنّ الفضل والإمامة لعليّ(عليه السلام) والأئمـّة من ولده(عليهم السلام) من بعد النبيّ الكريم(صلى الله عليه وآله) فأحببتهم حبّاً يوازي نفسي لأنّ حبّهم حبّ النبيّ، وهديهم من هديه، فطوبى للمتحابّين في الله، وفي نبيّه، وفيهم، ومنجاة للمتحابين فيهم، فإنـّهم بررة أتقياء أوفياء، علماء، حكماء، أصدقاء لهذه الأمّة، رحماء، يعبدون الله ما أمرهم ويفعلون ما يُؤمرون. والحمد لله ربّ العالمين.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] ـ لم يسمح لنا بذكر اسمه لذلك لم نصرّح به.
[2] ـ أي الشيعة الإماميّة اتباع عليّ أمير المؤمنين(عليه السلام) والأئمة من ولده: لقول النبيّ(صلى الله عليه وآله) شيعة عليّ هم الفائزون يوم القيامة. وقوله(صلى الله عليه وآله) له(عليه السلام): أنت وشيعتك يوم القيامة راضين مرضيّين. وقوله: أنت وشيعتك تردون عليّ الحوض رواء. وقوله(صلى الله عليه وآله) انّك ستقدم على الله وشيعتك راضين مرضيّين. تجد مصادر هذه الأحاديث من كتب السنّة في كتابنا (هذه أحاديثنا أم أحاديثكم؟).
[3] ـ فقال عزّ من قائل (وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذلِكُمْ وَصّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) الأنعام: 153، وقال أيضاً: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا)آل عمران: 103.
[4] ـ فقال(صلى الله عليه وآله) انّي تارك ما تمسّكتم به لن تضلّوا بعدي الثقلين، أحدهما أعظم من الآخر كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي، ولن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما. الصواعق المحرقة ص 136، النصائح الكافية ط الهند ص 207 وراجع صفحة 68.
[5] ـ فقال (صلى الله عليه وآله) له: أنت أخي وخالصتي أنت أخي ورفيقي. أنت أخي ووارثي. أنت أخي ترثني وأرثك. أنت أخي وأبو ولدي، تقاتل على سنّتي وتبرّء ذمّتي. أنت أخي في الدنيا والآخرة. تجد مصادر هذه الأحاديث من كتب السنّة في كتابنا (هذه أحاديثنا أم أحاديثكم؟).
[6] ـ المائدة: 55.
[7] ـ تجد مصادر هذه الأحاديث من كتب السنّة في كتابنا (هذه أحاديثنا أم أحاديثكم؟).
[8] ـ ذكرنا أكثر من عشرين مصدراً لحديث المنزلة (وهو قوله(صلى الله عليه وآله) لعليّ(عليه السلام): أنت منّي بمنزلة هارون من موسى...) من كتب السنّة في كتابنا (هذه أحاديثنا أم أحاديثكم؟) قال ابن عبد البر في الاستيعاب: رواه جماعة من الصحابة وهو من أثبت الآثار وأصحّها.
[9] ـ في منتخب كنز العمّال ص45 على هامش مسند أحمد ج5 عن عليّ: آخى رسول الله(صلى الله عليه وآله)بين الناس وتركني، فقلت: يا رسول الله آخيت بين اصحابك وتركتني، قال: ولم تركتك إنّما تركتك لنفسي، أنت أخي وأنا أخوك فإن حاجّك أحد فقل انّي عبدالله وأخو رسوله لا يدّعيها أحد بعدك إلاّ كذّاب.
[10] ـ فقال له: أنت اخي وصاحبي ووزيري (مناقب سيّدنا عليّ ص29 ط الهند).
[11] ـ فقال له أنت اخي ووصيّ ووارثي وخليفتي من بعدي (الإمام عليّ رجل الإسلام المخلّدص49 طبع النجف عام 1387 مطبعة النعمان راجع ص38 و43 و159 .
[12] ـ قال (صلى الله عليه وآله) له: مرحبا بسيّد المسلمين وإمام المتقين. مصادر هذا الحديث من كتب السنّة تجدها في كتابنا (هذه أحاديثنا أم أحاديثكم؟).
[13] ـ فلا تتعدى في ذلك كتاب الله، وسنّة رسول الله(صلى الله عليه وآله) بحال قولاً ولا عملاً.
يقول الإمام الباقر(عليه السلام) الخامس من أئمـّة أهل البيت(عليهم السلام): «إذا حدّثتكم بشيء فاسئلوني من كتاب الله. ثمّ قال في بعض حديثه: إنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) نهى عن القيل والقال، وفساد المال، وكثرة السؤال.فقيل يا ابن رسول الله اين هذا من كتاب الله؟
قال: إنّ الله عزّوجل يقول: (لا خَيْرَ فِي كَثِير مِنْ نَجْواهُمْ إِلاّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَة أَوْ مَعْرُوف أَوْ إِصْلاح بَيْنَ النّاسِ) النساء: 113. وقد تقدّم في ص197 قوله(عليه السلام): «إذا حدّثت بالحديث فلم أسنده فسندي فيه أبي زين العابدين عن أبيه الحسين الشهيد عن أبيه عليّ بن أبي طالب عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) عن جبرئيل عن الله عزّوجل، ونحوه قول ابنه الإمام الصادق فراجع.
[14] ـ النساء: 58 وقال تعالى ايضاً (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّهَ وَ كُونُوا مَعَ الصّادِقِينَ) التوبة: 119 وقد ورد في عدّة من كتب السنّة نزول هذه الآية في أمير المؤمنين(عليه السلام) ذكرنا أسمائها والأحاديث الواردة في ذلك في كتابنا (عليّ في القرآن فأين تذهبون؟).
[15] ـ تقدّم حديث الثقلين في ص29 و 39 و 68.
[16] ـ ذكر ابن حجر في (الصواعق المحرقة) ص150 ط مصر عام 1375 قوله تعالى (أَمْ يَحْسُدُونَ النّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللّهُ مِنْ فَضْلِهِ) النساء: 54 قال: أخرج أبو الحسن المغازلي عن الباقر(رضي الله عنه) أنـّه قال في هذه الآية: نحن الناس والله.
[17] ـ في قوله تعالى (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) الشورى: 23.
[18] ـ ورد في عدّة من روايات السنّة أنّ آية (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) النحل: 43 نزلت في أمير المؤمنين(عليه السلام) والأئمة من ولده(عليهم السلام).
[19] ـ تقدم في ص 68 و 182 و 195 أنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله) قال فيهم(عليهم السلام): (ولا تعلّموهم فانهم أعلم منكم).
[20] ـ وله أيضاً على مافي (نور الأبصار) للشبلنجي ص104 ط مصر واسعاف الراغبين ص121 ط مصر
يا آل بيت رسول الله حبّكم***فرض من الله في القرآن أنزله
يكفيكم من عظيم الفخر أنّكم***من لم يصلّ عليكم لا صلاة له
وقال محمد بن طلحة الشافعي:
هم العروة الوثقى لمعتصم بها***مناقبهم جائت بوحي وانزال
مناقب في (الشورى) و(هل أتى)***وفي (الأحزاب) يعرفها التالي
وهم أهل بيت المصطفى فودادهم***على الناس مفروض بحكم وإسجال
فضائلهم تعلو طريقة متنِها***رواة علو فيها بشدّ وترحال
وقال أيضاً:
يا رب بالخمسة أهل العبا***ذوي الهدى والعمل الصالح
ومن هم سفن نجاة ومَن***وليّهم ذو متجر رابح
ومن لهم مقعد صدق اذا***قام الورى في الموقف الفاضح
لا تخزني واغفر ذنوبي عسى***أسلم من حرّ لظى اللاّفح
فانني ارجو بحبّي لهم***تجاوزاً عن ذنبي الفادح
فمن لمن والاهم جُنّةً***تنجيه من طائرة البارح
وقد توسلت بهم راجياً***نجح سؤال المذنب الطالح
لعلّه يحضى بتوفيقه***فيهتدي بالمنهج الواضح
مطالب السؤول ص26.
