الإمام السجّاد (عليه السلام) مع يزيد بن معاوية
وقد مرّ في أوّل البحث حوار الإمام (عليه السلام) مع يزيد عندما جيء به أسيراً بعد حادثة عاشوراء وبعدما شاهد يزيد ردود الفعل العنيفة سواء داخل القصر أو خارجه عندما علم الناس أنّ هذه الرؤوس المشالاة هي رؤوس العترة النبوية والسلالة المحمدية، حاول أن يلطف الأجواء ويُحسن إلى بقية آل النبي (صلى الله عليه وآله)، وألقى بعهدة ما وقع على عاتق عبيد الله بن زياد وأنّه استعجل في موقفه ولو كان الأمر إليه لما قتل الحسين (عليه السلام) وأهل بيته وما إلى ذلك من الاعذار الواهية.
وعند زيارة يزيد للمدينة بعد وقعة الحرّة استدعى ما تبقى من وجهائها وشخصياتها للبيعة على انّهم عبيد له، فعن الإمام الباقر (عليه السلام) : «إنّ يزيد بن معاوية دخل المدينة وهو يريد الحجّ، فبعث إلى رجل من قريش فأتاه، فقال له يزيد: أتقرُّ لي أنّك عبدٌ لي إن شئت بعتك وإن شئت استرققتك؟ فقال له الرجل: والله يايزيد ما أنت بأكرم منّي في قريش حسباً، ولا كان أبوك أفضل من ابي في الجاهلية والإسلام ، وما أنت بأفضل منّي في الدين ولا بخير منّي ، فكيف أقرّ لك بما سألت؟! فقال له يزيد : إن لم تقرّ لي والله قتلتك. فقال له الرجل: ليس قتلك إيّاي بأعظم من قتلك الحسين بن علي (عليه السلام). فأمر به فقُتل.
ثم أرسل إلى علي بن الحسين (عليه السلام) فقال له مثل مقالته للقرشي. فقال له علي بن الحسين (عليهما السلام): «أرأيت أن لم أقرّ لك أليس تقتلني كما قتلت الرجل بالأمس؟» فقال له يزيد لعنه الله: بلى. فقال له علي بن الحسين (عليهما السلام): «قد أقررت لك بما سألت، أنا عبد مُكره فإن شئت فامسك، وإن شئت فبع». فقال له يزيد لعنه الله: أولى لك حقنت دمك، ولم ينقصك ذلك من شرفك[1] .
--------------------------------------------------------------------------------
[1] بحار الأنوار 46: 137| 29.