طباعة

اذْهَبْ إلى كربلاء . . .

اذْهَبْ إلى كربلاء . . .

 

نقل لي مَن أثق فيه ، نقلا عن آية الله السيد مرتضى نجومي الكرمانشاهي ( دام عزّه ) انه سمع المرحوم العلاّمة الاميني صاحب موسوعة ( الغدير ) المعروفة قال :

حينما كنتُ اكتب ( الغدير ) احتجتُ الى كتاب ( الصراط المستقيم ) تأليف زين الدين أبي محمد علي بن يونس العاملي البياضي ، و كان كتاباً مخطوطاً بأيدي أشخاص معدودين ، فسمعتُ ان نسخة منه موجودة عند أحد الأشخاص في النجف ، ذات ليلة و في اول وقت المغرب رأيتُه واقفاً مع بعض أصدقائه في صحن الحرم الشريف ، دنوتُ منه و بعد السلام و الاحترام ذكرتُ له حاجتي للكتاب مجرّد مطالعة لأنقل منه في كتابنا ( الغدير ) ما ذكره المؤلف من فضائل الامام علي (عليه السلام) .

و العجيب أن الرجل فاجأني بالاعتذار ! و هو أمر لم اكن أتوقعه .

قلتُ : إنْ لم تعطني إيّاه إستعارةً اسمح لي أن آتيك منزلك كل يوم في ساعة معيّنة ، اجلس في غرفة الضيوف ( البرّاني ) و أطالع في الكتاب .

و لكنه رفض و أبى !

قلتُ : أجلسُ على الأرض في الممرّ أو خارج المنزل بحضورك إنّ خفتَ على الكتاب او المزاحمة .

الا انه قال بصلافة أكثر : غير ممكن ، و هيهات أن يقع نظرك على الكتاب !

فتأثّرتُ بشدّة و لكن ليس بتصرّفه الجاهلي بل كان تأثري لشدّة مظلومية سيدي و مولاى أمير المؤمنين (عليه السلام) حيث أن مثل هؤلاء الجهلة بؤر التخلف و الرذيلة يدّعون التشيّع لمثل عليّ إمام المتقين !

تركتُه ذاهباً الى داخل الحرم فوقفتُ أمام الضريح الشريف مجهشاً بالبكاء ، حتى كان يهتزّ جسمي لشدّة البكاء الذي انطلق من غير ارادة منّي ، و بينما احدّث الامام (عليه السلام) مع نفسي بتألّم إذ خطر في قلبي : « اذهبْ الى كربلاء غداً في الصباح » .

و مع خطور هذا الأمر في قلبي انحسرت دموعي و شعرتُ بحالة من الفرح و النشاط .

جئتُ الى البيت و قلتُ لزوجتي احضري لي بعض ( فطور الصباح غداً اول الوقت ) فإني ذاهب الى كربلاء .

قالت مستغربة : في العادة تذهب ليلة الجمعة لاوسط الاسبوع ، ما الأمر ؟

قلت : عندي مهمّة .

و هكذا وصلت الى كربلاء صباحاً فذهبتُ الى حرم الامام الحسين (عليه السلام) ، رأيتُ هناك أحد العلماء المحترمين ، تصافحنا بحرارة ثم قال ما سبب مجيئك الى كربلاء وسط الاسبوع ، خيراً إن شاء الله ؟

قلتُ : جئت لحاجة .

قال : أريد أن اطلب منك أمراً ؟

قلت : تفضّل .

قال : ورثتُ من المرحوم والدي كميّة من الكتب النفيسة ، لاأستفيد منها في الوقت الحاضر ، شرّفنا الى المنزل و خذ ما ينفعك منه الى أي وقت تشاء .

قلتُ : جزاك الله خيراً ، متى آتيك ؟

قال : أنا الآن أذهب و اخرجها و احضرها لك و أنت تعال صباح غد لتفطر عندنا أيضاً .

ذهبتُ في الصباح وَ وَضَعَ الكتب بين يديّ و كانت في طليعتها نسخة من الكتاب الذي أريده ( الصراط المستقيم ) ، ما أن وقع نظري عليه و أخذته بيدي حتى انهمرتْ دموعي بغزارة ، فسألني صاحب المنزل عن سبب بكائى ، فحكيت له القصّة ، فبكى هو أيضاً . و هكذا أخذتُ الكتاب و استفدتُ منه و أرجعته اليه بعد ثلاث سنوات .