الذي يسمى اليوم بمصطلح ارهاب الدولة، اعتمده معاوية بن أبي سفيان، والوثائق التي تؤكد ذلك هي أنه اعتمد على ولاة ارهابيين يسومون الناس بالتنكيل والتعذيب كزياد بن أبيه والي الكوفة الذي قام خطيباً ومهدداً لأهلها بأنه سيأخذ البريء بالمسيء وإن حادثة حجر بن عدي الكندي واعدامه مع أصحابه شاهد على ذلك وقتل ميثم التمار وقطع لسانه وأطرافه، تلك أعمال ارهابية كان يعتمدها ولاة معاوية لاخضاع الاُمة الى سلطانه عن طريق القهر والقسوة.
ذكر الثقفي في كتاب الغارات ما نصّه: «أرسل معاوية عام 40 للهجرة بُسر بن ارطأة على رأس جيش من ثلاثة آلاف مقاتل، وأمره أن يأخذ طريق الحجاز والمدينة ومكة حتى ينتهي الى اليمن، وقال له: لا تنزل على بلد أهله على طاعة علي إلاّ بسطت عليهم لسانك حتى يرو أنه لا نجاة لهم منك، وأنك محيط بهم، ثم الحفن عنهم وأدعهم الى البيعة لي، فمن أبى فاقتله واقتل شيعة علي حيث كانوا»(1).
فأقبل بُسر بن أرطاة ينفذ أوامر معاويه بحرق دورهم ويخرّبها وينهب أموالهم، فقتل أثناء ذهابه ورجوعه الى الشام ثلاثين ألفاً، وعندما توجّه الى حضرموت قال: «اُريد أن أقتل ربع حضرموت».
وبهذه السياسة نجح معاوية في فرض سيطرته كأمر واقع، فاستخدم جميع وسائل الارهاب والارعاب من قتل وتخريب وحرمان وطرد وتهجير، فقد أجبر زياد بن أبيه والي العراق خمسين ألفاً على النزوح من الكوفة الى خراسان بهدف القضاء على المعارضة في الكوفة وخراسان»(2).
وبذلك حاول معاوية أن يسلب إرادة الاُمة ويكم أفواهها لاشاعة سياسة ارهاب الدولة المنظّم، بالاضافة الى اُسلوب التجويع واثارة النزعات القبلية بين العشائر ليسهل السيطرة عليها.
-------------------------------------------------------------------------------------------
(1) الغارات، للثقفي: 598 .
(2) ثورة الحسين، محمد مهدي شمس الدين: 13.
الدوافع السياسية وراء نشوء المذاهب والفرق (الارهاب المنظّم)
- الزيارات: 2744