• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

تبديل الاحرام الي العمرة بين الواقع والخيال

نجم الدين الطبسي

تبديل الاءحرام الي العمرة بين الواقع والخيال:

لقد اشتهر علي الالسن وشاع بين الناس أن الحسين بن علي(ع) نتيجةللضغوطات الاموية، وتهديداتهم العسكرية، وخوفاً من الاغتيال فيالحرم وفي مكّة المكرمة ـ واستحلال حرمتها ـ بدّل اءحرام حجّه اءلي العمرة المفردة. ثم خرج من الاءحرام ـ بعد أداء العمرة ـ متوجهاً نحوالعراق.
فنقول: أمّا الضغوطات والتهديدات وخوف الاغتيال في الحرم، فهيمن الامور المسلّمة التي لا تنالها يدُ التشكيك والترديد.

ولكن الكلام في تبديل الحج اءلي العمرة، وهل أن هذا الامر ثابتتاريخياً ومتحقّق؟ وهل هذا يتلاءم مع الفقه الذي وصل اءلينا عبر الائمةالطاهرين:، فنقول من باب التمهيد: اءن الاءمام الحسين(ع) دخل مكّةالمكرمة في الثالث من شعبان عام ستين من الهجرة ـ أي قبل مغادرتهالحجاز اءلي العراق ـ بأكثر من أربعة أشهر، فمن التأكيد أنّه(ع) دخلهاحينئذ باءحرام العمرة المفردة، اءذ لم يكن نذاك موسم الحج كي يحرمباءحرام الحج.
ثم لعله(ع) أتي بعد ذلك، بمتعدد من العمرة المفردة، فليس منالضروري أن يكون الاءمام(ع) في اليوم الثامن من ذيالحجّة محرماًباءحرام سيّما اءحرام البحث حتّي يقع البحث في أنّه هل تبدّل اءحرامه اءليالعمرة المفردة أم لا؟

ولكن بما أنّه ثبت تاريخياً اءحرام الاءمام الحسين(ع) في تلك الايّام ـالثامن أو قبله ـ وأنّه كان محرماً، فيقع الاستفهام، ويكون مثاراًللتساؤلات في أنّه(ع): هل كان محرماً باءحرام حج التمتّع ـ اكتفاء بالعمرةالتي أتي بها قبله ـ بانقلاب عمرة المفردة اءلي عمرة التمتع كما هو منمسلّمات الفقه؟ أو كان قد أحرم بعمرة التمتع، ثم بدّل الاءحرام من حجالتمتع أو عمرة التمتع اءلي العمرة المفردة؟

أم نقول: ان الامام لم يكن احرامه يوم خروجه من مكّة ـ يوم الثامن ـ الاّ احرام العمرة المفردة لعلمه بعدم امكانه أن يتم حجّه، لو أحرم للحج.فلم يحصل تبديل أصلاً.النصوص التاريخيّة:
يبدو من بعض النصوص التاريخية: ان الامام(ع) بدّل الاحرام كما عن الطبرسي، و النيسابوري، و المفيد.

1 ـ قال الطبرسي: لمّا أراد الخروج الي العراق طاف بالبيت وسعي بين الصفا والمروة ، وأحل من اءحرامه وجعلها عمرة؛ لانّه لم يتمكن مناءتمام الحج مخافة أن يقبض عليه بمكّة...
2 ـ وقال ابنفتال: ... وأحل من اءحرامه وجعلها عمره، لانّه لايتمكّن من اءتمام الحج...
3 ـ التستري: فالتزم بأن يجعل اءحرامه عمرة مفردة وترك التمتع بالحج...

والظاهر أنّها مأخوذة من الشيخ المفيد في الاءرشاد، اءذ العبارة هناك:لمّا أراد الحسين(ع) التوجّه الي العراق طاف بالبيت وسعي من الصفاوالمروة وأحل من احرامه وجعلها عمرة؛ لانّه لم يتمكّن من اتمام الحج مخافة أن يقبض عليه...

وهذه العبارة والّتي قبلها ـ واءن كانت ظاهرة ـ واضحة الدلالة فيالتبديل، اءلاّ أن بعض المعاصرين فرّق بين عباراتي اءتمام الحج وتمامالحج حيث يري أن مفاد الاوّل هو أن الاءمام(ع) قد تلبّس باءحرام الحج بخلاف الثاني، ويري ان النتيجة الصحيحة والنقل الصحيح في الارشاد هوتمام الحج.

وعلي ضوء هذا التحقيق والنقل يكون المعني: اءن الاءمام(ع) لم يدخلفي اءحرام الحج من الاوّل ، بل كان محرماً باءحرام العمرة المفردة. وهذا هوالذي يظهر من الروايات وصرّح به بعض الفقهاء والمورّخين.الروايات:

1 ـ الكليني: علي بن اءبراهيم، عن أبيه، عن اسماعيل بن مزار، عنيونس، عن معاوية بن عمّار ، قال قلت لابي عبدالله(ع): من أين افترقالمتمتع والمعتمر؟ فقال: اءن المتمتع مرتبط بالحج، والمعتمر اءذا فرغ منهاذهب حيث شاء، وقد اعتمر الحسين بن علي(ع) في ذيالحجّة، ثم راحيوم التروية اءلي العراق والناس يروهون اءلي مني، ولا بأس بالعمرة فيذيالحجّة لمن لا يريد الحج...

والرواية ـ صحيحة ـ كما عن السيد الخوئي واءن رماها المجلسيبالمجهوليّة. وقد احتمل العلاّمة المجلسي من الخبر احتمالين:
الاوّل: أنّه(ع) منذ البدء قد نوي الاءفراد، وليس ثم تبديل؛ حيث قال:ويحتمل أن يكون(ع) لعلمه بعدم التمكن من الحج نوي الاءفراد، ولعلّهمن الخبر أظهر.

الثاني: التبديل من عمرة التمتع اءلي عمرة مفردة.

حيث قال: قوله وقد اعتمر: لعل المراد أن عمرة التمتع أيضاً اءذااضطرّ الانسان يجوز أن يجعلها عمرة مفردة كما فعله الحسين(ع) ويظهرمن المجلسي أنّه تبناه أو يميل اءليه، حيث قال في البحار: وكذا خرج منمكّة بعد ما غلب علي ظنّه أنّهم يريدون غيلته وقتله، حتي لم يتيسّر له ـروحي فداه ـ أن يتم حجّه، فتحلّل، وخرج منها خائفاً يترقب.
ولكنه في مكان آخر ينسبه اءلي بعض الكتب المعتبرة، حيث قال:ولقد رأيت في بعض الكتب المعتبرة حل من اءحرام الحج، وجعلهاعمرة مفردة.

2 ـ الكليني: علي بن اءبراهيم، عن أبيه، ومحمد بن اءسماعيل، عنالفضل بن شاذان، عن حمّاد بن عيسي، عن اءبراهيم بن عمر اليماني، عنأبيعبدالله(ع). انّه سئل عن رجل خرج في أشهر الحج معتمراً، ثم رجعاءلي بلاده، قال: لا باس، واءن حج في عامه ذلك وأفرد الحج، فليس عليه دم،فاءن الحسين بن علي(ع) خرج قبل التروية بيوم اءلي العراق، وقد كان دخلمعتمر.
والرواية صحيحة كما عن السيد الخوئي وحسنة كالصحيح كلهاعن العلاّمة المجلسي.
ولكن في نقل الطوسي: خرج يوم التروية وقال المحققالنجفي دونه، ولعلّه الاصح لصحيح معاوية.
ومفاد الخبر ـ والله العالم ـ اءن الاءمام الحسين(ع) لم يكن يوم خروجهمن مكة محرماً حتي باءحرام العمرة المفردة، اكتفاءاً بما اعتمر يوم دخولهمكة المكرمة، اءذ في الرواية: ـ فأن الحسين(ع)، خرج قبل التروية، بيوماءلي العراق وقد كان دَخَل معتمر.
ولكن سؤال الراوي يأبي هذا الاحتمال؛ حيث أنّه يسأل الاءمامالصادق، عن جواز الخروج من مكة في اشهر الحج من دون اءتيان مناسكالجج اكتفاءاً بالعمرة التي أتي بها.

فأجابه الاءمام(ع) بجواز الخروج، واستند في ذلك اءلي خروج الاءمام الحسين من مكّة أيام الحج. وقد كان دخل معتمراً، فتأمّل.كلمات الفقهاء والمورّخين:

1 ـ قال السيد محسن الحكيم: وأمّا ما في بعض كتب المقاتل منأنّه(ع) جعل عمرته عمرة مفردة، ممّا يظهر منه أنّها كانت عمرة تمتّع،وعدل بها اءلي الافراد، فليس مما يصح التعويل عليه في مقابل الاخبارالمذكورة التي رواها أهل البيت:.

2 ـ قال السيد السبزواري: ... كما يسقط بهما ـ أي برواية اليماني و رواية معاوية بن عمّار ـ ما في بعض المقاتل من أن الحسين(ع) بدّلحجَّة التمتع اءلي العمرة المفردة، لظهورهما في أنّه(ع) لم يكن قاصداً للحج من أوّل، بل كان قاصداً للعمرة المفردة، فلا يبقي موضوع للتبديل حينئذ.

3 ـ وقال المورّخ الشيخ القرشي: وهذا ـ أي التبديل ـ لا يخلو منتأمّل، فاءن المصدود عن الحج يكون احلاله بالهدي حسب ما نص عليهالفقهاء لا بقلب اءحرام الحج الي عمرة، فاءن هذا لا يوجب الاحلال مناءحرام الحج.المؤيّدات للقول بعدم التبديل:

1 ـ مما يضعف القول بالتبديل، هو قول المشهور عن فقهائنا من عدمجواز تبديل عمرة التمتع الي الافراد، فلو فعله الامام الحسين، وثبت ذلك لما تم قول المشهور.
قال الشيخ الوالد: المشهور بين الاصحاب ـ رضوان الله عليهم ـ أنمن دخل مكة بعمرة التمتع في أشهر الحج، لم يجز له أن يجعلها مفردة،ولا أن يخرج من مكة، حتي يأتي بالحج، لانّها مرتبّة ـ مرتبطة بالحج.

2 ـ ثم ان تبديل حج الافراد ـ أو عمرة التمتع ـ اءلي العمرة المفردة لوكان لاجل منع العدو وصدّه عن الدخول في الحرم، ومكة، فحكمه حينئذهو الاحلال والخروج من اءحرام الحج بالهدي. كما صرّح بذلك فقهاؤنا.
قال الشهيد الاوّل: اءذا منع المحرم عدو من اءتمام نسكه كما مرَّ فيالمختصر، ولا طريق غير موضع العدو؛ ذبح هديه أو نحره مكان الصدّبنيّة التحلّل فيحمل علي الاءطلاق..

3 ـ لقد تعرّض فقهاؤنا لفرع فقهي، واستندوا الي فعل الحسين(ع) مايستشف منه: أن الحسين كان يوم مغادرة مكة معتمراً بالعمرةالمفردةفقط.

فقد تعرّضوا لما يلي وهو: أن المعتمر هل يجوز له الخروج من مكةاءذا أقام اءلي ذيالحجّة، ام يجب عليه اءتيان فريضة الحج؟
اـ ففي قول نادر يجب اءتيان مناسك الحج، ويحرم عليه الخروج، كماهو رأي ابن البراج الطرابلسي.
ب ـ وفي قول آخر: باستحباب ذلك اذا أقام في مكة اءلي يوم الترويةوهو قول المحقّق النجفي. ويُفهم ذلك من المجلسي أيضاً.
ج ـ وثالث هو جواز الخروج وعدم وجوب الاقامة، وهو القول المشهور؛ واستدل عليه بالاجماع وبعض النصوص المعتبرة، منها: معتبرةمعاوية عن عمار، وصحيحة ابراهيم بن عمر اليماني.


فالاستدلال بفعل الحسين(ع) ومما قاله الصادق(ع)، مستشهداً بفعل الحسين(ع)، والبحث عن انقلاب العمرة المفردة الي عمرة التمتع وعدمه،شاهد علي أنّه(ع) لم يكن مُحرماً باحرام الحج ولا عمرة التمتع، بل كان محرماً باحرام العمرة المفردة.
قال السيد الخوئي: لا ريب في أن المستفاد من الخبرين، أن خروجا لحسين(ع) يوم التروية كاف علي طبق القاعدة لا لاجل الاضطرار،ويجوز ذلك لكل أحد وان لم يكن مضطراً، فيكون الخبران قرينة علي الانقلاب الي المتعة قهراً، والاحتباس بالحج اءنّما هو فيما اذا اراد الحج،وامّا اذا لم يُرِد الحج فلا يحتبس بها للحج، ويجوز له الخروج حتي يوم التروية.
فعلي ضوء ما قدّمناه من الروايات والنصوص التاريخية، وكلمات الفقهاء والمورّخين والمؤيدات والشواهدالفقهية هو: ان دعوي التبديل من احرام الحج أو عمرة التمتع الي عمرة مفردة ممّا لا أساس له، بل هومخالف للموازين الفقهية التي تلقيناها من الائمة الطاهرين:


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page