• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الامام الحسين (عليه السلام) سر الانبياء

للحسين (عليه السلام) مكانة عظيمة عند الانبياء و المرسلين و قبل الكلام عن سر ذلك و ما يتصل به من امور مهمة نذكر بعض الاخبار حول مكانته (عليه السلام)،فمثلا يروي احد الذين حملوا الرؤوس الي الشام:
اعلم اننا كنا خمسين نفرا ممن سار مع رأس الحسين الى الشام و كنا اذا امسينا وضعنا الرأس في تابوت و شربنا الخمر حول التابوت فشرب اصحابي ليلة حتى سكروا و لم اشرب معهم فلما جن الليل سمعت رعدا و رأيت برقا فاذا ابواب السماء قد فتحت و نزل آدم، و نوح، و ابراهيم، و اسماعيل، و اسحاق و نبينا محمد (صلي الله عليه و آله)
و معهم جبرئيل و خلق من الملائكة، فدنا جبرئيل من التابوت فأخرج الرأس و ضمه الي نفسه و قبله ثم كذلك فعل الانبياء كلهم و بكى النبي (صلي الله عليه و آله) على رأس الحسين فعزاه الانبياء فقال له جبرئيل: يا محمد ان الله تعالى امرني ان اطيعك في امتك فان امرتني زلزلت بهم الارض و جعلت عاليها سافلها كما فعلت بقوم لوط، فقال النبي (صلي الله عليه و آله): لا يا جبرئيل فان لهم معي موقفا بين يدي الله يوم القيامة. قال: ثم صلوا عليه ثم اتى قوم من الملائكة و قالوا: ان الله تبارك و تعالى امرنا بقتل الخمسين فقال لهم النبي: شانكم بهم فجعلوا يضربن بالحربات ثم قصدني واحد منهم بحربته ليضربني فقلت: الامان الامان يا رسول الله فقال: اذهب فلا غفر الله لك فلما اصبحت رايت اصحابي كلهم جاثمين رمادا.
ثم قال صاحب المناقب: و باسنادي الى ابي عبدالله الحدادي، عن ابي جعفر الهنداوي باسناده في هذا الحديث فيه زيادة عند قوله ليحمله الى يزيد قال: كل من قتله جفت يده. و فيه: اذ سمعت صوت برق لم اسمع مثله،‌ فقيل: قد اقبل محمد (صلي الله عليه و آله) فسمعت صهيل الخيل، وقعقعة السلاح، مع جبرئيل و ميكائيل و اسرافيل و الكروبيين و الروحانيين و المقربين (عليهم السلام) و فيه فشكى النبي (صلي الله عليه و آله) الى الملائكة و النبيين، و قال:‌ قتلوا ولدي و قرة عيني،‌ و كلهم قبل الرأس و ضمه الى صدره و الباقي يقرب بعضها من بعض[1].
و قال ابن نما: و رأت سكينة في منامها و هي بدمشق كان خمسة نجب من نور قد اقبلت و على كل نجيب شيخ و الملائكة محدقة بهم، و معهم وصيف يمشي فمضى النجب و اقبل الوصيف اليّ و قرب مني و قال: يا سكينة ان جدك يسلم عليك، فقلت: و على رسول الله السلام، يا رسول من انت؟ قال:‌ و صيف من وصائف الجنة. فقلت: من هولاء المشيخة الذين جاؤا على النجب؟ قال: الاول آدم صفوة الله، و الثاني ابراهيم خليل الله، و الثالث موسى كليم الله،‌ و الرابع عيسى روح الله، فقلت: من هذا القابض على لحيته يسقط مرة و يقوم اخري؟ فقال: جدك رسول الله (صلي الله عليه و آله) فقلت: و اين هم قاصدون؟ قال: الى ابيك الحسين،‌ فاقبلت اسعي في طلبه لاعرفه ما صنع بنا الظالمون بعده.
فبينما انا كذلك اذ اقبلت خمسة هوادج من نور، في كل هودج امرأة، فقلت: من هذه النسوة المقبلات؟ قال: الاولى حواء ام البشر، الثانية آسية بنت مزاحم و الثالثة مريم بنت عمران، و الرابعة خديجة بنت خويلد، فقلت: من الخامسة الواضعة يدها على رأسها تسقط مرة و تقوم اخرى؟ فقال: جدتك فاطمة بنت محمد ام ابيك، فقلت: والله لاخبرنها ما صنع بنا. فلحقتها و وقفت بين يديها ابكي و اقول: يا امتاه جحدوا والله حقنا، يا اماه بددوا والله شملنا، يا اماه استباحوا والله حريمنا، يا اماه قتلوا و الله الحسين ابانا، فقالت: كفى صوتك يا سكينة فقد احرقت كبدي، و قطعت نياط قلبي، هذا قميص ابيك الحسين معي لا يفارقني حتى القى الله به، ثم انتبهت و اردت كتمان ذلك المنام، و حدثت به اهلي فشاع بين الناس.
و قال السيد: و قالت سكينة: فلما كان اليوم الرابع من مقامنا رايت في المنام و ذكرت مناما طويلا تقول في آخره: و رايت امرأة راكبة في هودج و يدها موضوعة على رأسها، فسألت عنها فقيل لي: هذه فاطمة بنت محمد ام ابيك: فقلت: والله لانطلقن اليها و لاخبرنها بما صنع بنا فسعيت مبادرة نحوها حتى لحقت بها فوقفت بين يديها ابكي و اقول: يا امتاه حجدوا و الله حقنا، يا امتاه بددوا والله شملنا، يا امتاه استباحوا والله حريمنا، يا اماه قتلوا والله الحسين ابانا، فقالت لي: كفى صوتك يا سكينة، فقد قطعت نياط قلبي هذا قميص ابيك الحسين (عليه السلام) لا يفارقني حتى القى الله[2].
و قال السيد و ابن نما: و روى ابن لهيعة عن ابي الاسود محمد بن عبدالرحمان قال: لقيني رأس الجالوت فقال: و الله ان بيني و بين داود لسبعين ابا و ان اليهود تلقاني فتعظمني، و انتم ليس بينكم و بين ابن نبيكم الا اب واحد قتلتموه!!
و جاء في كتاب نور الابصار:
«و عندما امر يزيد برأس الامام الحسين (عليه السلام) و نصب في طرق مدينة دمشق و ظهر ما ظهر منه من الايات و الاعاجيب الدالة على عظمته امر بإنزاله و وضع في طست من ذهب و وضع ببيت منامه قال: فلما كان في جوف الليل انتبهت امرأة يزيد بن معاوية فإذا شعاع ساطع إلى السماء ففزعت فزعا شديدا و انتبه يزيد من منامه فقالت له: يا هذا قم فاني ارى عجبا فنظر يزيد الى ذلك الضياء فقال لها: اسكتي فإني ارى كما ترين قال: فلما اصبح من الغد امر بالرأس فأخرج الى فسطاط هو من الديباج الاخضر و أمر بالسبعين رجلا فخرجنا اليه نحرسه و أمرنا بالطعام و الشراب حتى غربت الشمس و مضى من الليل ما شاء الله و رقدنا فاستيقظت و نشرت نحو السماء و إذا بسحابة عظيمة و لها دوي كدوي الجبال و خفقان اجنحة فأقبلت حتى لصقت بالارض و نزل منها رجل و عليه حلتان من حلل الجنة و بيده درانك و كراسي فبسط الدرانك و ألقى عليها الكراسي و قام على قدميه و نادى إنزل يا أبا البشر إنزل يا آدم صلي الله عليه و سلم فنزل رجل أجمل ما يكون الشيوخ شيبا فأقبل حتى وقف على الرأس فقال: السلام عليك يا بقية الصالحين عشت سعيدا و قتلت طريدا و لم تزل عطشان حتى ألحقك الله بنا رحمك الله و لاغفر لقاتلك الويل لقاتلك غدا من النار ثم زال و قعد على كرسي من تلك الكراسي ثم لم ألبث إلا يسيرا و إذا بسحابة أخرى أقبلت حتى لصقت بالارض فسمعت مناديا يقول انزل يا نبي الله انزل يا نوح و اذا برجل أتم الرجال خلقا و اذا بوجهه صفرة و عليه حلتان من حلل الجنة فأقبل حتى وقف على الرأس فقال: السلام عليك يا عبدالله السلام عليك يا بقية الصالحين قتلت طريدا و عشت سعيدا و لم تزل عطشان حتى ألحقك الله بنا غفر الله لك و لا غفر لقاتلك الويل لقاتلك غدا من النار ثم زال قعد على كرسي من الكراسي ثم لم ألبث الا يسيرا و اذا بسحابة اعظم منها فأقبلت حتى لصقت بالارض فقام الاذان و سمعت مناديا ينادي انزل يا خليل الله انزل يا ابراهيم صلي الله عليك و سلم و اذا برجل ليس بالطويل العالي و ولا بالقصير المتداني أبيض الوجه املح الرجال شيبا فأقبل حتى وقف على الرأس، فقال: السلام عليك يا عبدالله السلام عليك يا بقية الصالحين قتلت طريدا و عشت سعيدا و لم تزل عطشان حتى ألحقك الله بنا غفر الله لك و لا غفر لقاتلك الويل لقاتلك غدا من النار ثم تنحى على كرسي من الكراسي ثم لم ألبث الا يسيرا فاذا بسحابة عظيمة فيها دوي كدوي الرعد و خفقان اجنحة فنزلت حتى لصقت بالارض و قام الاذان فسمعت قائلا يقول: انزل يا نبي الله انزل يا موسى بن عمران، قال: فاذا برجل اشد الناس في خلقه و اتمهم في هيبته و عليه حلتان من حلل الجنة فأقبل حتى وقف على الرأس فقال: مثل ما تقدم ثم تنحى فجلس على كرسي من تلك الكراسي ثم لم البث الا يسيرا و اذا بسحابة اخرى و اذا فيها دوي عظيم و خفقان اجنحة فنزلت حتى لصقت بالارض و قام الاذان فسمعت قائلا يقول انزل يا عيسى انزل يا روح الله فإذا انا برجل محمر الوجه و فيه صفرة و عليه حلتان من حلل الجنة فأقبل حتى وقف على الرأس فقال: مثل مقالة آدم و من بعده ثم تنحى فجلس على كرسي من تلك الكراسي و الرياح و خفقان أجنحة فنزلت حتى لصقت بالارض فقام الاذان و سمعت مناديا ينادي انزل يا محمد انزل يا احمد صلي الله عليك و سلم و اذا بالنبي (صلي الله عليه و آله) و عليه حلتان من حلل الجنة و عن يمينه صف من الملائكة و الحسن و فاطمة (عليهما السلام) عنهما فأقبل حتى دنا من الرأس فضمه الى صدره و بكى بكاء شديدا ثم دفعه الى امه فاطمة فضمته الى صدرها و بكت بكاء شديدا حتى علا بكاؤها و بكى لها من سمعها في ذلك المكان فاقبل آدم (عليه السلام) حتى دنا من النبي (صلي الله عليه و آله) فقال السلام على الولد الطيب السلام على الخلق الطيب اعظم الله اجرك و احسن عزاءك في ابنك الحسين ثم قام نوح (عليه السلام) فقال: مثل قول آدم ثم قام ابراهيم (عليه السلام) فقال: كقولهما ثم قام موسى و عيسى (عليهما السلام) فقالا كقولهم كلهم يعزونه (صلي الله عليه و آله) في ابنه الحسين ثم قال النبي (صلي الله عليه و آله): يا ابي آدم و يا ابي نوح و يا اخي ابراهيم و يا اخي موسى و يا اخي عيسى اشهدوا و كفى بالله شهيدا على امتي بما كافئوني في ابني و ولدي من بعدي فدنا منه ملك من الملائكة فقال: قطعت قلوبنا يا ابا القاسم انا الملك الموكل بسماء الدنيا امرني الله تعالى بالطاعة لك فلو اذنت لي انزلتها على امتك فلا يبقي منهم احد ثم قام ملك آخر فقال: قطعت قلوبنا يا ابا القاسم انا الملك الموكل بالبحار و امرني الله بالطاعة لك فان فأذنت لي ارسلتها عليهم فلا يبقى منهم احد فقال النبي (صلي الله عليه و آله): يا ملائكة ربي كفوا عن امتي فإن لي و لهم موعدا لن اخلفه فقام اليه آدم (عليه السلام) فقال: جزاك الله خيرا من نبي احسن ما جوزي به نبي عن امته فقال الحسن: يا جداه هؤلاء الرقود هم الذين يحرسون اخي و هم الذين اتوا برأسه فقال النبي (صلي الله عليه و آله): يا ملائكة ربي اقتلوهم بقتلة بقتلة ابني فوالله ما لبثت الا يسيرا حتى رأيت اصحابي قد ذبحوا اجمعين قال: فلصق بي ملك ليذبحني فناديته يا ابا القاسم اجرني و ارحمني يرحمك الله فقال: كفوا عنه و دنا مني و قال: انت من السبعين رجلا قلت: نعم فألقى يده في منكبي و سحبني على وجهي و قال: لا رحمك الله و لا غفر لك احرق عظامك بالنار فلذلك ليست من رحمة الله فقال الاعمش: اليك عني فاني اخاف ان اعاقب من اجلك»[3].
و لما خطب عمرو بن سعيد و الى المدينة و اخبرهم بقتل الامام الحسين (عليه السلام) سمع اهل المدينة في جوف الليل مناديا ينادي يسمعون صوته و لا يرون شخصه:
ايها القاتلون جهلا حسينا
كل اهل السماء يدعو عليكم
قد لعنتم على لسان ابن داود 
ابشروا بالعذاب و التنكيل
من نبي و مرسل و قبيل
و موسى و صاحب الانجيل[4]
و جاء في زيارة الامام الحسين (عليه السلام) (بأبي انت و امي ما اجل مصيبتك و اعظمها عندالله و ما اجل مصيبتك و اعظمها عند رسول الله (صلي الله عليه و آله) و ما اجل مصيبتك و اعظمها عند اولياء الله و ما اجل مصيبتك و اعظمها عند الملأ الاعلى...)[5].
و في زيارة الناحية (يا رسول الله قتل سبطك و فتاك و استبيح اهلك و حماك و سبي بعدك ذراريك، و وقع المحذور بعترك و بنيك فنزع الرسول الرداء و عزاه بك الملائكة و الانبياء و فجعت بك امك فاطمة الزهراء و اختلف جنود الملائكة المقربين تعزي اباك امير المؤمنين و اقيمت عليك المآتم تلطم عليك فيها الحور العين و تبكيك السموات و سكانها و الجبال و خزانها و السحاب و اقطارها و الارض وقيعانها و البحار و حيتانها و مكة و بنيانها و الجنان و ولدانها و البيت و المقام و المشعر الحرام و الحطيم و زمزم و المنبر المعظم و النجوم الطوالع و البروق اللاوامع و الرعود القعاقع و الرياح الزعازع...[6] .
هذه و غيرها من الروايات و الاخبار[7] كلها تدور حول هذا الموضوع و هناك طائفة اخري من الروايات يدور موضوعها حول رؤية و متابعة الرسول الاعظم (صلي الله عليه و آله) لواقعة كربلاء، و هي تضاف الى تلك الروايات ايضا، و السؤال الكبير هو: ما هو السر في الامام الحسين (عليه السلام) حتى يعتني بمصابه كل الكون من الجبال و البحار و سكان السموات من أنبياء اولوا العزم و ملائكة الله العظام؟
و الجواب: ان هذا الاعتناء بواقعة الطف تعبير و لغة اخري تحكي اما عن أحياء الامام الحسين (عليه السلام) لدين الله تعالي، فقد خلد الامام الحسين (عليه السلام) بدمه الطاهر ذكر الانبياء و المرسلين، و أبقي صدى اسمائهم الشريفة يدوي في سماء الانسانية، فان هدف الانبياء يتمحض في اكمال و تثبيت دين الله في الارض، لان الدين الكامل المتمثل بالاسلام يوصل البشرية الى كمالها اللائق، و لهذا نرى ان كافة الانبياء كانوا يبشرون برسالة النبي الخاتم (صلي الله عليه و آله) كما يحكي القرآن بعض تلك البشارات، لان انظارهم كانت تتطلع الى يوم البعثة الخاتمة باعتبارها اشرف و اكمل مراتب النبوة و الرسالة و عليه ستتكامل المعرفة الانسانية بسببها و عندما وصل الدين الاسلامي و الشريعة المحمدية الي الاندثار و الانطفاء بفعل سياسة‌ معاوية و يزيد استدعي الامر الى بعثة جديدة بثقل النبوة و صفاتها فكان الامام الحسين (عليه السلام) محييا للدين و رافعا لراية الانبياء و من هذا المنطلق جرى ذكر الامام الحسين (عليه السلام) على السنة الانبياء منذ اقدم الازمنة باعتبار المخلد لذكراهم.
يقول السيد المقرم ـ ره ـ: لقد كان حديث يقتل الامام الحسين (عليه السلام) من أسرار الخليفة و ودائع النبوات فكان هذا النبأ العظيم مألكة افواه النبيين دائرة بين اشداق الوصيين و حملة الاسرار ليعرفهم المولى سبحانه عظمة هذا الناهض الكريم و منته على الجميع بحفظ الشريعة الخاتمة التي جاؤوا لتمهدي امرها و توطيد الطريق اليها و تمرين النفوس لها فيثيبهم بحزنهم و استيائهم لتلك الفاجعة المؤلمة فبكاه آدم و الخليل و موسى و لعن عيسى قائله و امر بني اسرائيل بلعنه... [8].
بل ورد في بعض الزيارات ان اعداء و قتلة ‌الامام الحسين (عليه السلام) ملعونون على لسان داود و يحيى بن زكريا و عيسي بن مريم مما يؤكد موقعية الامام الحسين (عليه السلام) في قلوب الانبياء.
فان الانبياء و الملائكة عندما يندبون الامام الحسين (عليه السلام) انما يندبون الاسلام و الاحكام، اذا جمعت امية على قتل ابن الرسول (صلي الله عليه و آله) بالحق و هم يعلمون ذلك و لم يبق علي خط آل محمد و هو الاسلام الحق الا قليل و هو يعني حالة انذار بإندثار الاسلام على يد صبيان ببني امية ‌و لذلك كان مصرع الامام الحسين (عليه السلام) يمثل مصرع الاسلام اذ تكالبت الامة على ذبح الاسلام يذبح الحسين (عليه السلام) و هذا المعني مستل من زيارة‌ المهدي (عليه السلام) لجده الحسين (عليه السلام) يقول:
(لقد صرع بمصرعك الاسلام و تعطلت الحدود و الاحكام)(لقد قتلوا بقتلك الاسلام و عطلوا الصلاة و الصيام و نقضوا السنن و الاحكام و هدموا قواعد الايمان...)[9].
فثورته كانت محاولة ناجحة لتصحيح المسار و اعادة مظاهر الحق و العدل في الحياة. حتي ان عمله الجبار هذا فاق به الكثير من ادوار و اعمال الانبياء السابقين، هذا كله من جهة.
و من جهة اخري نقول: ان اهتمام الانبياء بذكر الامام الحسين (عليه السلام) او اهار العزاء و الحزن على مصابه الجلل انما كان كذلك لانه نفس النبي محمد (صلي الله عليه و آله) انه منه و هو منه، كما قال (صلي الله عليه و آله): (حسين مني و انا من حسين)[10].
فانهم عندما قتلوه انما قتلوا المصطفى و اراقوا دم النبوة و اعتدوا على مقام هو اشرف المقامات في الارض و السماء، فان روح النبي (صلي الله عليه و آله) تجري في الامام الحسين (عليه السلام) فكان حقا ان تبكي عليه السماء و الارض.
يقول امير المؤمنين (عليه السلام) عند مروره بكربلاء: (ههنا مناخ ركابهم و موضع رحالهم و مهراق دمائهم فئة من امة‌ محمد (صلي الله عليه و آله) يقتلون في هذه العرصة تبكي عليهم السماء و الارض)[11].
و قد نقل عن الفريقين اخبار بكاء السماء و الارض و الطير و الوحش و الملائكة و الانبياء و الانس و الجن على الامام الحسين (عليه السلام)[12]، فكل يبكيه بالشكل الذي يتناسب و خلقته التكوينية، لقد ادخل العالم كله حالة‌ طوارئ معززة بالبكاء على الامام الحسين (عليه السلام) فلماذا لا ندخل نحن في مثل تلك الطوارئ مع الحفاظ على جانب الوعي؟
و يلوح لي ان كلاما في كتاب المقتل للسيد المقرم ـ ره ـ يصلح ان نذكره هنا كجواب ثالث عن التساؤل السابق، يقول: و ثورة‌ الامام الحسين (عليه السلام) كسرت الاطار الديني المزيف الذي احاط الامويون به انفسهم باعتبارهم خلفاء لرسول الله (صلي الله عليه و آله) و فتحت الطريق امام الثورة على كل ظامل و منحرف مهما تشدق كذبا بتمسكه بالاسلام، و امدت ـ الثورة‌ ـ الامة بالمعنوية ‌اللازمة و نبهتها على الحضيض الذي هوت اليه برضوخها و استكانتها و ذلها[13].
و مع كل هذا و ذاك انطوى الامام الحسين (عليه السلام) على سر مستسر لا يدرك كنهه الا الله و انبيائه و لهذا نرى في النصوص ان الانبياء كلهم يزورون الامام الحسين (عليه السلام) في كربلاء ‌باستمرار[14]، فالانبياء و الاوصياء كلهم طالبين بثأره، لان صوت الامام الحسين (عليه السلام) في كربلاء كثر واتره و قل ناصره.
---------------------------------------------------------------
[1]- البحار، ج 45، باب 39، ص 126.
[2]- المصدر السابق، ص 140 و 141.
[3]- نور الابصار للشبلنجي من علماء السنة، ص 150، ط بيروت.
[4]- البحار، ج 45، باب 39، ص 123.
[5]- مصباح الزائر، لابن طاووس، ص 202.
[6]- المصدر السابق، ص 234 زيارة ثانية ط مؤسسة آل البيت.
[7]- انظر كامل الزيارات، الباب 38 زيارة الانبياء للحسين (عليه السلام).
[8]- مقتل الحسين (عليه السلام)/ للمقرم ـ ره ـ: ص 42.
[9]- مصباح الزائر، الزيارة الثانية، ص 224 و ص 234.
[10]- نور الابصار: ص 139.
[11]- المصدر السابق، ص 140.
[12]- راجع كتاب الامام الحسين (عليه السلام) ملتقى الكلمات/ للنائيني.
[13]- مقتل الامام الحسين (عليه السلام) للسيد المقرم ـ‌ في مقدمة الناشر.
[14]- لقد ورد (اللهم احرس هذه الاثار من الدروس و ادم لها ما هي عليه من الانس و مواصلة ما كرمتها به من زوار الانبياء و الملائكة و الوافدين اليها في كل يوم و ساعة، راجع مصباح الزائر لابن طاووس: ص 244 ط مؤسسة آل البيت.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page