الدكتور أحمد شلبي يقول ولمّا بُعث محمّد كان عليّ صبيّاً فآمن به، ولذلك يقال: إنّ عليّاً أوّل من آمن من الصبيان، وبات على فراش الرسول ليلة الهجرة مع علمه بأنّ الموت يطوف حول هذا الفراش، ويوشك أن ينزل بمن ينام فيه.
وقد رضع عليّ آداب الإسلام منذ الصبا، وكان في الفصاحة بالغاً الغاية، ولعلّه كان الراوية الأوّل لأحاديث الرسول، وكان في العلم سبّاقاً لا يشقّ له غبار.
أمّا شجاعته فكانت مضرب الأمثال، وقد رأيناه في الطليعة دائماً في جميع غزوات الرسول، ولا تكاد غزوة تخلو من عليٍّ مصارعاً ومبارزاً غير هيّاب للموت، ولا مقيماً للحياة وزناً، وطالما كسب بسيفه النصر للمسلمين ويبدو لي أنّ بطولة عليٍّ والدماء التي سفكها مدافعاً عن الإسلام وردّاً عنه مهاجميه أورثته كثيراً من الأعداء فقد كانت هناك جراح في قلوب الكثيرين من الطعنات القاتلة التي وجّهها عليّ إلى أبطال منهم أو إلى ذويهم تقدّموا مزهوّين ببطولتهم، معارضين الإسلام فلاقوا مصرعهم على يده كرّم الله وجهه([1]) عليّ صاحب أفصح لسان، وأقوى حسام، وأعمق عرفان بين أتباع الرسول صلوات الله عليه([2]).
**************
[1] ـ التاريخ الإسلامي والحضارة الإسلامية: ج1 ص288.
[2] ـ المصدر السابق: ص311.