النابغة جبران خليل جبران يقول: في عقيدتي أنّ ابن أبي طالب كان أوّل عربيٍّ لازم الروح الكلّية وجاورها وسامرها وهو أوّل عربيٍّ تناولت شفتاه صدى أغانيها فردّدها على مسمع قوم لم يسمعوا مثلها من ذي قبل فتاهوا بين مناهج بلاغته وظلمات ماضيهم، فمن أعجب بها كان إعجابه موثوقاً بالفطرة، ومن خاصمه كان من أبناء الجاهليّة مات عليّ بن أبي طالب شهيد عظمته، مات والصلاة بين شفتيه، مات وفي قلبه الشوق إلى ربّه.
ولم يعرف العرب حقيقة مقامه ومقداره، حتى قام من جيرانهم الفرس اُناس يدركون الفارق بين الجواهر والحصى.
مات قبل أن يبلغ العالم رسالته كاملةً وافية، غير أنّني أتمثّله مبتسماً قبل أن يغمض عينيه عن هذه الأرض.
مات شأن جميع الأنبياء الباصرين الذين يأتون إلى بلد ليس ببلدهم، وإلى قوم ليسوا بقومهم، في زمن ليس بزمنهم، ولكنّ لربّك شأناً في ذلك وهو أعلم([1]).
****************
[1] ـ الإمام عليّ صوت العدالة الإنسانية: ج5. كتاب المأة اختيار الاُستاذ أمين بك نخلة، ط صيدا عام (1349 هـ ).