الاُستاذ حسن إبراهيم اُستاذ التاريخ الإسلامي ورئيس قسم التاريخ بجامعة فؤاد الأوّل والاجتماعي» يقول: اتصف عليّ بن أبي طالب بالخصال الحميدة منذ نعومة أظفاره، وليس هذا ببعيد عليه، إذ نشأ في بيت رسول الله صلّى الله عليه وسلم فتأدّب بآدابه العالية، وتخلّق بصفاته الكريمة.
وقد أحلّه الرسول من نفسه المحلّ اللائق به([1]) فعهد إليه بكثير من اُمور المسلمين فأبلى فيها بلاءً حسناً، وأخلص في نصرة الإسلام، فعلا أمره، ونبه ذكره، واشتهر بالشجاعة والبطولة، ولا أدلّ على ذلك من تعرّضه للخطر ليلة هجرة الرسول صلّى الله عليه وسلم، إذ لبس ثوب النبيّ، وبات في فراشه، مع علمه بعزم المشركين على قتل الرسول في تلك الليلة، واختيار النبيّ صلّى الله عليه وسلم إيّاه في غزوة خيبر للهجوم على الأعداء، وقال: «لاُعطينّ الراية غداً لرجل يحبّ الله ورسوله، ويحبّه الله ورسوله فيفتح الله عليه»، فلما أصبح الناس دعا عليّاً ووجّهه إلى فتح خيبر([2])، كما اشتهر عنه بالمروءة والوفاء. واحترام العهود، والحرص على مال المسلمين.
بادر عليّ لما عُرِفَ عنه من الشدّة في الحقّ وعدم الهوادة فيه بعزل الولاة الجائرين الذين ولاّهم عثمان، والذين كانوا مثار الفتنة وسبب خروج الثوّار عليه .
كما استفتح ولايته باسترداد الإقطاعات التي كان عثمان قد منحها لبعض بطانته والمقربين من أهل بيته إلى بيت المال .
وإنّه ليدهشنا أن يقابِلَ عليّ إساءة عائشة إليه([3]) بالعفو، فيحسن إليها كلّ الإحسان، ويجهِّزها بما تحتاجه في سفرها .
وقد كان يُرجَع إليه في كثير من مسائل الدين، وتفسير القرآن، ورواية الحديث، ومسائل الميراث، والمشكل من القضايا. روي أنّ عمر كان يتعوّذ من معضلة ليس لها أبو الحسن وكان أبوبكر يستشيره في مهامّ الاُمور، وكان عمر لا يعمل إلاّ بمشورته; لما يعهد فيه من الفقه والدين والذكاء .
وذكر الفخري: أنّ عقيل بن أبي طالب أخا عليّ من أبيه واُمّه طلب من بيت المال شيئاً لم يكن له بحقّ، فمنعه عليّ وقال: «يا أخي، ليس لك في هذا المال غير ما أعطيتك، ولكن اصبر حتى يجيء مالي واُعطيك ما تريد»([4]).
وكان عليّ لا يعطي ولديه الحسن والحسين أكثر من حقِّهما.
وكان نشيطاً ذكياً، بعيد النظر، بطلا في الحرب، مشيراً، حكيماً، وفيّاً، شريف الخصومة، نبغ في الشعر والبلاغة، وقد اشتهرت أشعاره وخطبه في الشرق الإسلامي وكان مضرب الأمثال في الفصاحة، يُلقي القول فيأخذ بمجامع القلوب، ويخطب فيثير النفوس ويحمّسها للحرب، كما كان أشعر الخلفاء الراشدين.
وحضر الغزوات كلّها عدى غزوة تبوك، فإنّ الرسول خلّفه على المدينة وقد اتخذه الرسول كاتباً له ولمّا توفّي عليه الصلاة والسلام ـ اشتغل عليّ بتجهيزه ودفنه([5]).
**************
[1] ـ فاختاره أخاً له حين آخى بين صحابته، واختاره مبلّغاً عنه وخليفةً من بعده وزوجاً لفاطمة ابنته وبضعته.
[2] ـ قال جابر بن عبد الله: حمل عليّ الباب على ظهره يوم خيبر حتى صعد المسلمون عليه ففتحوها، وأنّهم جرّوه بعد ذلك فلم يحمله إلاّ أربعون رجلاً. أخبار الدول: ص102.
[3] ـ إذ خرجت محاربةً له مع اعترافها بأنّه أحبّ الرجال إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله) مع تحذير النبيّ لها والإشارة إليها بقوله(صلى الله عليه وآله): «يا حُميراء، إيّاكِ أن تكوني الخارجة على عليّ»، تذكير ومنع اُمّ سلمة لها قبل وبعد خروجها لقتال علي(عليه السلام).
[4] ـ تاريخ الإسلام السياسي: ص390.
[5] ـ تاريخ الإسلام السياسي: ج1 ص364 و365 و372 و391 و392، طبع مصر.
