طالب العلم - والسيرة الأخلاقية
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الإمام الصادق (عليه السلام) : لا يستغني أهل كلّ بلد عن ثلاثة يفزع إليهم في أمر دنياهم وآخرتهم ، فإن عدموا ذلك كانوا همجاً : فقيهٌ عالمٌ ورع ، وأميرٌ خيّرٌ مطاع ، وطبيبٌ بصيرٌ ثقة . ( تحف العقول )
شاء الله سبحانه من دون التفات وقصد ، وفي أزمنة مختلفة ، أن أكتب عن هؤلاء الثلاثة وصفاتهم وأخلاقهم من خلال القرآن الكريم والسنّة الشريفة . فالأوّل : في رسالة ( طالب العلم والسيرة الأخلاقيّة ) ، والثاني : في رسالة ( خصائص القائد الإسلامي في القرآن الكريم ) ; وطبعته في أعداد من مجلّة ( نور الإسلام ) البيروتيّة ، فجدّدت طبعها مع تنقيح وإضافات ، والثالثة : في رسالة ( أخلاق الطبيب في الإسلام ) ، فجمعت هذه الرسائل في هذا المجلّد الثالث من موسوعة ( رسالات إسلاميّة ) . ومن الله التوفيق والسداد .
طبع هذا المجلّد على نفقة المرحومة المغفور لها الحاجّة زهراء علائي ، تغمّدها الله برحمته الواسعة وأسكنها فسيح جنانه، ورحم الله من قرأ الفاتحة على روحها الطاهرة .
الإهداء
إلى : قطب عالم الإمكان ، وليّ الله الأعظم مولانا وإمامنا صاحب الزمان (عليه السلام) .
إلى : السلف الصالح من علمائنا الأعلام وفقهائنا العظام .
إلى : شهيد الإسلام الشهيد الثاني الشيخ زين الدين بن علي العاملي قدّس سرّه الشريف .
إلى : طلاّب العلوم وروّاد الفضائل وعشّاق الأخلاق .
اُقدّم هذا الجهد المتواضع برجاء القبول والدعاء والشفاعة يوم القيامة ، يوم لا ينفع مالٌ ولا بنونَ إلاّ من أتى الله بقلب سليم .
المقدّمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي علّم الإنسان ما لم يعلم ، والصلاة والسلام على منجي البشريّة ومنقذها من الجهل والضلال محمّد وعلى آله الأطهار الأئمة الهداة الميامين ، واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين .
أمّا بعد :
قال الله تعالى في محكم كتابه ومبرم خطابه :
( الرَّحْمنُ عَلَّمَ القُرْآنَ خَلَقَ الإنْسانَ عَلَّمَهُ البَيانَ )[1].
الرحمن اسمٌ جامع من أسماء الله الحسنى وصفاته العليا ، وإنّه صفة عامّة ، فإنّه رحمان على المؤمن والكافر ، وبرحمانيّته ورحيميّته العامّة ، يرزقهما في الدنيا ، ويسخّر لهما ما في السماوات والأرض ، وهداهما إلى الصراط المستقيم بإرساله الرسل وإنزاله الكتب ، وأمّا الرحيمية الخاصّة وأ نّه الرحيم ، فإنّها مختصّة بالمؤمنين ، وإنّها قريبة من المحسنين ، كما جاء ذلك في الآيات الكريمة والروايات الشريفة .
فإنّه برحمانيّته ابتدأ سورة الرحمن ليدلّ على أنّ المعلّم لا بدّ له من رحمة وشفقة على كلّ الطلاّب على السواء ، ثمّ علّم القرآن قبل خلق الإنسان ، وهذا يعني أنّ القرآن كان قبل الإنسان ، ثمّ خلقه وعلّمه البيان ، بيان ما جاء في القرآن ، الذي
هو مجموع ما جاء في الكتب السماوية وفيه كلّ شيء :
( وَكُلَّ شَيْء أحْصَيْناهُ في إمام مُبين )[2].
( وَكُلَّ شَيْء أحْصَيْناهُ كِتاباً )[3].
وإنّما الله يعلّم الإنسان البيان بحجّته الباطنية ( العقل السليم والفطرة السليمة ) وبحجّيته الظاهريّة النبيّ الأكرم (صلى الله عليه وآله) والإمام المعصوم (عليه السلام) ، كما قال الله تعالى :
( وَأنْزَلـْنا إلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلـْنَّاسِ ما نَزَلَ إلَيْهِمْ )[4].
فخلق الإنسان كان بين علمين : علم القرآن وعلم البيان .
وهذا إنّما يدلّ على عظمة الإنسان وشرف العلم ، وأ نّه الأساس في كلّ شيء ، ( وبه يمتاز الإنسان عن باقي الحيوانات ; لأنّ جميع الخصال سوى العلم يشترك فيها الإنسان وسائر الحيوانات ، كالشجاعة والقوّة والشفقة وغير ذلك ، وبه أظهر الله فضل آدم على الملائكة وأمرهم بالسجود له ، وهو الوسيلة إلى السعادة الأبديّة إن وقع على مقتضاه ، فالعلم الذي يفرض على المكلّف بعينه يجب تحصيله ، وتجبر عليه إن لم يحصل .
والذي يكون الاحتياج به في الأحيان فرض على سبيل الكفاية ، وإذا قام به البعض سقط عن الباقي ، وإن لم يكن في البلد من يقوم به اشتركوا جميعاً في تحصيله بالوجوب )[5].
ثمّ الرسول الأكرم الذي نزل عليه القرآن الكريم ، قد خلّف وترك بعد رحلته ( كتاب الله والعترة الطاهرة ) الذين يفسّرون ويبيّنون ما جاء في القرآن ، فإنّما يعرف القرآن من خوطب به ، وإنّما نزل الكتاب في بيوتهم، فهم معدن العلم ومهبط الوحي وعيبة علم الله (عليهم السلام) أبد الآبدين .
ثمّ لن يفترقا ( الكتاب والعترة ) حتّى يوم القيامة ، كما جاء ذلك في حديث الثقلين المتواتر عند الفريقين ، في قول الرسول الأعظم في عدّة مواطن : « إنّي تاركٌ فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا بعدي أبداً ، وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليَّ الحوض »[6] ، ولن تفيد التأبيد ، أي أبداً لن يفترقا ، وكلّ ما في القرآن إنّما هو عند العترة الطاهرة ، وكذلك العكس ، وهذا يعني أنّ القرآن على نحوين : قرآن علميّ ( القرآن الصامت المدوّن ) ، وقرآن عيني ( القرآن الناطق ) وهم الذين تجسّد فيهم القرآن الكريم ، كما كان النبيّ ، وأ نّه حينما سئلت عائشة عن خلق النبيّ ، لأنّ الله قد مدحه بخلقه في قوله :
( وَإنَّكَ لَعَلى خُلُق عَظيم )[7].
فأجابت : كان خلقه القرآن . أي كان يجسّد القرآن في سيرته وسلوكه ، فتظهر الآيات القرآنية على أفعاله وأعماله .
وإذا لن يفترق الكتاب والعترة في النهاية ، فكذلك لن يفترقا في البداية ، ولمثل هذا قال النبيّ الأكرم (صلى الله عليه وآله) : « أوّل ما خلق الله نوري » ، واشتقّ من نوري نور عليّ ، ثمّ نور فاطمة الزهراء والأئمة (عليهم السلام) ، فكانوا في عالم الأنوار والأرواح قبل خلق آدم ، « فجعلهم الله أنواراً بعرشه محدقين » ، « فرتبة القرآن العيني وزان رتبة
القرآن العلمي ، وكما إنّهما في أصل الوجود متكافئان لا ينفكّ أحدهما عن الآخر ، كذلك في رتبة الوجود أيضاً لا يفترق أحدهما عن الآخر ، فعند ثبوت وصف كمالي لأحدهما بالمطابقة ، يحكم بثبوت ذلك الوصف للآخر بالالتزام ، مثلا عند ثبوت تعدّد أنحاء الدعوة للقرآن العلمي ، وإنّه يدعو الناس إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة ، ويجادلهم بالتي هي أحسن ، يحرز بأنّ أنحاء دعوة القرآن العيني أيضاً كذلك ، وكما أنّ القرآن العلمي يهدي للتي هي أقوم ، كذلك القرآن العيني ـ أي المعصوم (عليه السلام) ـ يهدي للطريقة المثلى التي هي أقوم الطرق والعروة الوثقى التي هي أوثق العُرى »[8].
فالإنسان الكامل المعصوم (عليه السلام) ـ أي الإمام ـ قرآن عينيّ كما أنّ القرآن إمام علميّ ، فلذا يدعو كلّ واحد منهما الناس إلى صاحبه ، يعني أنّ القرآن يدعوهم إلى إمامة الإمام وإطاعته كما قال سبحانه :
( يا أ يُّها الذَّينَ آمَنوا أطيعوا اللهَ وَأطيعوا الرَّسولَ وَاُولي الأمْرِ مِنْكُمْ )[9] ، كذلك الإمام الرضا (عليه السلام) يقول حول القرآن الكريم : « لا تطلبوا الهدى في غيره فتضلّوا » ، فكلّ ما في القرآن هو عند العترة الطاهرة ، وكلّ ما عندهم هو في القرآن ، فإنّهما لن يفترقا ، في مبدئهما ومنتهاهما ، ولا ينفكّان في الأوصاف الكمالية ، وهما مظهران لله الذي ليس كمثله شيء ، وإنكارهما والإعراض عنهما جاهلية ، وهما ميزان الأعمال ، وإذا كان القرآن العلمي يزداد غضاضة في كلّ عصر :
( وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَألـْتُموهُ )[10].
فكذلك العترة الطاهرة ، أئمّة الحقّ المعصومون (عليهم السلام) ، وإذا كان القرآن مصاحباً للحقّ من مبدأ ظهوره وصدوره إلى منتهى نزوله وهبوطه ، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وإنّه حيّ لا يموت ، فهو المظهر التامّ لله سبحانه ، فهو في كلّ زمان جديد وعند كلّ قوم غضّ إلى يوم القيامة ، كذلك العترة الطاهرة (عليهم السلام) ، وهما مظهران تامّان للإسم المهيمن ، وحيث إنّ الإمام المعصوم قرآن ممثّل يوجد في كلماته محكمات ومتشابهات كالقرآن العلمي ، فهما نور إلهي متنزّل من الله سبحانه ، وإنّ الإنسان الكامل الإمام المعصوم إنّما هو ترجمان القرآن الكريم ، فلا يصحّ الفرق بينهما بأن يقال : « حسبنا كتاب الله » أو : حسبنا ما جاء عن العترة الطاهرة ، ويتمسّك بأحدهما دون الآخر ، إذ كلّ واحد من دون الآخر بمنزلة تركهما معاً ، فلا يجوز التفريط والإفراط فيهما ، فكلّ واحد منهما جاهلية جهلاء ، فالحياة العقلية اتّباعهما كما جاء في حديث الثقلين : « إنّي تارك فيكم الثقلين ، أحدهما أكبر من الآخر : كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما »[11].
فخلق الإنسان إنّما كان بين علمين وبين قرآنين ، وهذا إنّما يدلّ على كرامة الإنسان وفضيلته وشرافته على جميع المخلوقات :
( وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَني آدَمَ )[12].
ثمّ هدى الله الإنسان النجدين : نجد الخير ونجد الشرّ ، وجعل فيه الاختيار والقدرة ، فإمّا أن يكون كفوراً ، وكان جهولا عجولا ، وإمّا أن يكون شاكراً عالماً صبوراً .
وقد أتمّ الله الحجّة عليه ، بحجّة ظاهرية ، وهم الأنبياء والكتب السماوية والعلماء الصالحين ، وبحجّة باطنية وهو العقل والفطرة :
( وَللهِ الحُجَّةُ البالِغَةُ )[13].
فبعث الله ( 124 ) ألف نبيّ ـ كما جاء في رواياتنا ـ لهداية الإنسان وتربيته ، وليقيموا بين الناس بالقسط ، وليخرجونهم من الظلمات إلى النور .
فأوّل الأنبياء آدم أبو البشر (عليه السلام) ، وآخرهم خاتم النبيّين وسيّد المرسلين محمّد (صلى الله عليه وآله) .
فجاء بدين الإسلام الحنيف للناس كافّة ، إلى يوم القيامة :
( لِيُظْهِرَهُ عَلى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ المُشْرِكونَ )[14].
والإسلام إنّما هو مجموعة قوانين إلهيّة ـ اُصول وفروع ـ وضعها الله سبحانه لسعادة الإنسان ، وتعديل وتنظيم حياته الفردية والاجتماعية في كلّ المجالات والميادين ، إلاّ أنّ الطابع العامّ على الإسلام أ نّه مدرسة أخلاقية وجامعة تربويّة ، فإنّ حدود الإسلام هي مكارم الأخلاق ، حيث حدّده النبيّ الأعظم (صلى الله عليه وآله) بفلسفة بعثته في قوله : « بُعثت لاُتمّم مكارم الأخلاق » ، وبهذا حدّد حقيقة الإسلام والاُمّة المسلمة . فالإسلام مدرسة ( مكارم الأخلاق ) ، وجهاده الأكبر جهاد النفس الأمّارة بالسوء ، والعالم بالله العارف بدينه هو المحور في ساحة الجهاد الأكبر وعليه تدور رحاها ، فالعلماء والصلحاء إنّما تشكّل سيرتهم امتداداً حقيقياً لصاحب الخلق العظيم محمّد (صلى الله عليه وآله) ، فهم القدوة والنماذج الصالحة التي يجب على الاُمّة التواصل معها والاهتداء بهديها ...
وأنّ الله جلّ وعلا لم يمنّ على الإنسان ، لا سيّما المؤمن بما تنعّم عليه من النعم الظاهرية والباطنية :
( وَإنْ تَعُدُّوا نَعْمَةَ اللهِ لا تُحْصوها )[15].
إلاّ في موردين كما في كتابه الكريم :
الأوّل : ختم النبوّة بسيّد الأنبياء وأشرف خلق الله محمّد (صلى الله عليه وآله) ، وإنّما اُرسل في عصر الجاهلية الاُولى لينقذ البشرية من الجهل والضلال ، فكانت رسالته السماوية مطلع نور في اُفق الإنسانية ، وإنّما جاء ليزكّي المؤمنين ويعلّمهم الكتاب والحكمة ، وهذا يعني أنّ حقيقة كمال المؤمن وبلوغه المقامات العالية والدرجات الرفيعة ، حتّى يكون عند مليك مقتدر في مقعد صدق ، إنّما هو بالتزكية والعلم ، فيحلّق الإنسان بهذين الجناحين في آفاق السعادة الأبدية ، وإنّما قدّمت التزكية ربما لبيان أهمّيتها وعظمة رتبتها ، وإلاّ فإنّ الإنسان لا بدّ له في سيره التكاملي الإنساني الإلهي من التزكية والعلم سويّةً ومعاً .
فالله سبحانه منّ على المؤمنين بهذه النعمة العظمى ـ في بداية الإسلام ونشره ـ في الجاهليّة الاُولى ، الجاهليّة الجهلاء التي كانت عن جهل ، كما في قوله تعالى :
( لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلى المُؤْمِنينَ إذْ بَعَثَ فيهِمْ رسولا مِنْ أنْفُسِهِمْ يَتْلو عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمَهُمُ الكِتابَ وَالحِكْمَةَ وَإنْ كانوا مِنْ قَبْلُ لَفي ضَلال مُبين )[16].
الثاني : ظهور خاتم الأوصياء المهدي والقائم من آل محمّد (عليهم السلام) ، فإنّه سيظهر بعد الجاهلية الثانية التي تكون عن علم :
( أفَرَأيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إلـهَهُ هَواهُ فَأضَلَّهُ اللهُ عَلى عِلـْم )[17].
ويكون ذلك في آخر الزمان ، ليملأ الأرض قسطاً وعدلا بعد ما ملئت ظلماً وجوراً .
فالله سبحانه وعد المؤمنين ومنّ عليهم بهذه النعمة العظمى ، بأنّ الدين الإسلامي سيكون هو الحاكم على الأرض ، وتكون الحكومة العالمية بيد المؤمنين عباد الله الصالحين ، كما في قوله تعالى :
( وَنُريدُ أنْ نَمُنَّ عَلى الَّذينَ اسْتُضْعِفوا في الأرْضِ وَنَجْعَلـْهُمْ أئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الوارِثينَ )[18].
ثمّ الآية الاُولى تبيّن سبب الرسالة الإسلامية ومحتواها :
( يُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمَهُمُ ) .
فإنّها عبارة عن التزكية والتعليم .
ومن لطف الله سبحانه حيث خلق الإنسان ، وكلّفه ليعرّضه إلى الثواب والنعيم الأبدي ، قد أودع فيه الخمرة الاُولى ورأس المال الأوّلي لتزكيته وتربيته ، وذلك عبارة عن ( الإلهام ) إلهام عامّ يتعلّق بالخير والشرّ ، فعرّفه في فطرته وعقله وروحه ونفسه وقلبه ، أوّلا التقوى والفجور ، ثمّ كمّل وعضد ذلك الإلهام ببعث الأنبياء وأوصيائهم وورثتهم من العلماء الصالحين ، فقال سبحانه :
( فَألـْهَمَها فُجورَها وَتَقْواها قَدْ أفْلَحَ مَنْ زَكَّاها وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها )[19].
وهذا من تمام الحجّة الإلهيّة البالغة ، فتدبّر . فلا مفرّ بعدئذ يوم القيامة من حكومة الله جلّ جلاله ، ولا يمكن الفرار من حكومتك .
فكلّ واحد بفطرته السليمة الموحّدة يعرف الخير من الشرّ ، والصالح من الطالح ، والسقيم من الصحيح ، والباطل من الحقّ . ولا بدّ أن يتحرّك هو أوّلا في تهذيب نفسه وصيقلة قلبه ، ثمّ لا بدّ له من إرشاد الحكيم ـ فإنّه كما ورد في الخبر الشريف : هلك من لم يكن له حكيمٌ يرشده ـ وهداية النبيّ إنّما تكون بمنزلة السائق والقائد ، وكلامه الحقّ بمنزلة وقود لديمومة الحركة وتسريعها .
فخلاصة الإسلام وجوهريّته هو الأخلاق ـ تخلّقوا بأخلاق الله ، كما عن الإمام الصادق (عليه السلام) ـ حتّى عُدّ الأخلاق وعلمه من أهمّ الواجبات الإسلامية ، لأنّ الله إنّما يقسم في كتابه على ما كان بالغ الأهميّة ، ولم يقسم على شيء كما أقسم على الأخلاق ، فإنّه في سورة الشمس بعد أحد عشر قسماً ، يشير إلى عظمة الأخلاق والتزكية في قوله تعالى :
( قَدْ أفْلَحَ مَنْ زَكَّاها وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها ) .
ولولا حسن الخلق لما كان الإنسان ينتفع ـ كما هو المطلوب ـ من عقائده الصحيحة ـ علم الكلام ـ ومن صلاته وصومه وغير ذلك ـ علم الفقه ـ وهذه العلوم الثلاثة إنّما هي من علوم الآخرة كما ورد في الحديث النبويّ الشريف : « إنّما العلم ثلاثة : آية محكمة ، وفريضة عادلة ، وسنّة قائمة »[20].
وقد ورد في الحديث الشريف : « إنّ الله يحبّ الكافر السخيّ ، ويبغض المؤمن
البخيل » ، أي إنّه يحبّ عمل الكافر وهو السخاء لا ذاته ، كما إنّه يبغض عمل البخل حتّى لو كان ذلك من المؤمن ، وما أكثر من كانوا يحملون صفات طيّبة كانت سبباً لهدايتهم وتوبتهم وتوجّههم إلى الله سبحانه ، وكم من صالح في بداية أمره ، إلاّ أ نّه هلك وأصبح من الأشقياء ومن زمرة الظالمين ، لما يحمل من صفات ذميمة ، فحبط عمله وانحرف عن الصراط المستقيم ، واستهواه الشيطان واستحوذ عليه .
( اللهُ وَلِيُّ الَّذينَ آمَنوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إلى النُّورِ وَالَّذينَ كَفَروا أوْلِيائُهُمُ الطَّاغوتُ يُخْرِجونَهُمْ مِنَ النُّورِ إلى الظُّلُماتِ )[21].
ومن تفسيرها أ نّهم يخرجونهم من نور الأخلاق الحميدة إلى ظلمات الأخلاق السيّئة .
وبنظري أهمّ العلوم إنّما هو علم الأخلاق ، وإنّ جميع القيم والمثل العليا والعلوم النافعة ، ترتكز على محور تزكية النفس . وإذا لم يتمّ غسل القلب وتطهيره من الصفات الذميمة والسجايا الرذيلة والخبائث النفسية ، فإنّه لن يكون باستطاعة شيء حتّى العلم ، أن ينجّي الإنسان ، بل من لم يهذّب نفسه ، لم ينفعه العلم ، وإنّما يكون عليه وبالا ، ويكون هو الحجاب الأكبر ، ولم يزدد بعلمه من الله إلاّ بعداً ، ويسلب منه حلاوة المناجاة ـ كما ورد في الروايات الشريفة ـ .
وإنّما أفتى الشيخ ابراهيم الزنجاني من المعمّمين ـ كان يرتدي زيّ أهل العلم ـ بقتل الشهيد الشيخ فضل الله النوري (قدس سره) ، وإنّما أفتى بذلك لشقاوته لأ نّه لم يهذّب نفسه في الحوزة .
وحدّثنا سيّدنا الاُستاذ آية الله العظمى السيّد محمّد رضا الگلپايگاني (قدس سره) في درس خارج الفقه كتاب القضاء سنة 1401 ، قال :
كان في السنين السابقة معمّماً وصل إلى درجة الاجتهاد ، وحين الاحتضار وهو على فراش الموت ، زاره زميله في الدراسة وكان من مراجع التقليد في زمانه ، فأخذ يلقّن زميله بالشهادتين ، إلاّ أنّ صاحبه كان يمتنع من ذلك ، فتعجّب من أمره ، وألحّ في تلقينه ، ولكن ما كان من صاحبه إلاّ الإباء والامتناع ، وفي آخر الأمر طلب ذلك المجتهد الشقيّ ـ الذي كان يتصارع مع الموت ـ القرآن ، فجيء به ، ففتح ذلك ، ثمّ قال لزميله : يا هذا ، هل تذكر أ يّام تحصيلنا في بداية شبابنا ؟ فقال له : نعم ، أذكر ذلك . فقال له : مَن كان أعلم وأفهم من الآخر ، أنا أم أنت ؟ فقال له : أنت كنت أفهم منيّ لتلقيّ الدرس واستيعابه وحفظه . وهكذا كان يسأله عن سيره الدرسي ، وصاحبه يقول : كنت أنت أعلم منيّ . فقال له في آخر الأمر : ولكن وصلت المرجعيّة إليك ، ولم تصل إليَّ ، وهذا يعني أنّ الله ظلمني . ثمّ بصق في القرآن الكريم ومات من دون الشهادتين . نسأل الله أن يجعل عواقب اُمورنا خيراً .
ولا شكّ أ نّه مات كافراً ، وهذا نتيجة عدم التهذيب من اليوم الأوّل في كسب العلوم ، فإنّ هدفه كان الوصول إلى الجاه والمقام الدنيوي . وكان سيّدنا الاُستاذ (قدس سره)يحدّثنا بهذه القصّة المرعبة والرهيبة لتصحيح النوايا من بداية الأمر ، وإلاّ فإنّ ما يبطنه الإنسان مهما أراد إخفائه فإنّه يظهر عند موته ، والعياذ بالله . نسأل الله حسن العاقبة ، ولا بدّ للمؤمن أن يكون بين الخوف والرجاء ، فهما نوران في قلبه لو وزن هذا على هذا لم يزدد أحدهما على الآخر .
وما أكثر الآيات الكريمة والروايات الشريفة التي تذمّ علماء السوء أصحاب الدنيا والجاه والمقام الذين لم يهذّبوا أنفسهم ولم يجاهدوها ـ وهو الجهاد الأكبر ـ ويقول أمير المؤمنين علي (عليه السلام) : « قصم ظهري إثنان : عالمٌ متهتّك ، وجاهل متنسّك ، فالجاهل يغشّ الناس بتنسّكه والعالم ينغرهم بتهتّكه »[22].
فلا بدّ من الأخلاق ومكارمها ومعاليها ، وإنّما يحصل عليها الإنسان لا سيّما طالب العلم بالجهاد الأكبر ، أي محاربة النفس الأمّارة بالسوء ( بالتخلية والتحلية والتجلية التي تعدّ هذه المراحل الثلاثة خلاصة علم الأخلاق والسير والسلوك ) .
( فينبغي لطالب العلم أن لا يغفل عن نفسه وما ينفعها وما يضرّها في أوّلها وآخرها فيستجلب بما ينفعها ، ويتجنّب عمّـا يضرّها لئلاّ يكون عقله وعلمه حجّة عليه فيزداد عقوبة )[23].
ثمّ العلم النافع الحقّ ، إنّما هو معرفة سلوك الطريق إلى الله سبحانه وقطع عقبات القلب التي هي الصفات الذميمة ، وهي الحجاب بين العبد وربّه سبحانه وتعالى .
قال الشهيد الثاني في كتابه القيّم « منية المريد في أدب المفيد والمستفيد » : « إعلم أنّ العلم بمنزلة الشجرة ، والعمل بمنزلة الثمرة ، والغرض من الشجرة المثمرة ليس إلاّ ثمرتها ، أمّا شجرتها بدون الاستعمال ، فلا يتعلّق بها غرض أصلا ، فإنّ الانتفاع بها في أيّ وجه كان ضرب من الثمرة بهذا المعنى .
وإنّما كان الغرض الذاتي من العلم مطلقاً العمل ، لأنّ العلوم كلّها ترجع إلى أمرين : علم المعاملة ، وعلم المعرفة . فعلم المعاملة هو معرفة الحلال والحرام ونظائرهما من الأحكام ومعرفة أخلاق النفس المذمومة والمحمودة ، وكيفية علاجها والفرار منها ، وعلم المعرفة كالعلم بالله تعالى وصفاته وأسمائه ، وما عداهما من العلوم إمّا آلات لهذه العلوم أو يراد بها عمل من الأعمال في الجملة ، كما لا يخفى على من تتبّعها ، وظاهر أنّ علوم المعاملة لا تراد إلاّ للعمل ، بل لولا الحاجة إليه لم يكن
لها قيمة »[24].
ثمّ الشهيد الثاني (قدس سره) في كتابه ( المنية ) بعد أن يذكر فضل العلم من القرآن الكريم والنبيّ الأكرم وأهل بيته الأطهار وما جاء في الكتب السالفة والحكم القديمة والدليل العقلي الدالّ على ذلك ، وأنّ آداب العلم تارة باعتبار اشتراك المعلّم والمتعلّم فيها ، واُخرى باعتبار ما يختصّ بالمعلّم ، ثمّ ما يختصّ بالمتعلّم ، فيقول في الآداب التي اشتركا فيها وهي قسمان : آدابهما في أنفسهما وآدابهما في مجلس الدرس ، والقسم الأوّل فيه اُمور أوّلها : ما يجب عليهما من إخلاص النيّة لله تعالى في طلبه وبذله ، فإنّ مدار الأعمال على النيّات ، وبسببها يكون العمل تارةً خَزَفة لا قيمة لها ، وتارةً جوهرة لا يُعلم قيمتها لِعِظم قدرها ، وتارة وبال على صاحبه مكتوب في ديوان السيّئات ، وإن كان بصورة الواجبات .
فيجب على كلّ منهما أن يقصد بعلمه وعمله وجه الله تعالى وامتثال أمره وإصلاح نفسه ، وإرشاد عباده إلى معالم دينه ، ولا يقصد بذلك غرض الدنيا من تحصيل مال أو جاه أو شهرة أو تميّز عن الأشباه أو المفاخرة للأقران أو الترفّع على
الإخوان ونحو ذلك ، من الأغراض الفاسدة التي تثمر الخذلان من الله تعالى ، وتوجب المقت ، وتفوّت الدار الآخرة والثواب الدائم فيصير من :
( الأخْسَرينَ أعْمالا الَّذينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ في الحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ يَحْسَبونَ أ نَّهُمْ يُحْسِنونَ صُنْعاً )[25].
والأمر الجامع للإخلاص تصفية السرّ عن ملاحظة ما سوى الله تعالى بالعبادة .
ثمّ يذكر معنى الإخلاص وما ورد فيه من الآيات والروايات من الفريقين ، لا سيّما في طلب العلم ويقول : هذه الدرجة وهي درجة الإخلاص ، عظيمة المقدار كثيرة الأخطار دقيقة المعنى صعبة المرتقى ، يحتاج طالبها إلى نظر وتدقيق وفكر صحيح ومجاهدة تامّة ، وكيف لا يكون كذلك ، وهو مدار القبول وعليه يترتّب الثواب ، وبه تظهر ثمرة عبادة العابد ، وتعب العالم وجدّ المجاهد .
ثمّ يتعرّض إلى الأمر الثاني وهو أنّ الغرض من طلب العلم هو العمل ، ويبيّن ما يوجب غرور أهل العلم ، وذلك من خلال الآيات والروايات .
ويقول : ولكلّ واحد منهما ـ الإخلاص والعمل ـ شرائط متعدّدة ووظائف متبدّدة بعد هذين ، إلاّ أ نّها بأسرها ترجع إلى الثاني ـ أعني استعمال العلم ـ فإنّ العلم متناول لمكارم الأخلاق وحميد الأفعال والتنزّه عن مساوئها ، فإذا استعمله على وجهه ، أوصله إلى كلّ خير يمكن جلبه ، وأبعده عن كلّ دنيّة تشينه[26].
ثمّ يذكر التوكّل على الله والاعتماد عليه ، ثمّ آدابهما واشتغالهما من الاجتهاد في طلب العلم ، وأن لا يسأل أحداً تعنّتاً وتعجيزاً ، وأن لا يستنكف من التعلّموالاستفادة ممّن هو دونه في منصب أو سنّ أو شهرة أو دين أو في علم آخر ، ثمّ الانقياد للحقّ والرجوع عند الهفوة ، ولو ظهر على يد من هو أصغر منه ، ثمّ يتأمّل ويهذّب ما يريد أن يورده أو يسأل عنه ، وأن لا يحضر مجلس الدرس إلاّ متطهّراً من الحدث والخبث ، متنظّفاً متطيّباً في بدنه وثوبه .
ثمّ يذكر الآداب المختصّة بالمعلّم ، كأن لا ينتصب للتدريس حتّى تكمل أهليّته ، وأن لا يذلّ العلم فيبذله لغير أهله ، وأن يكون عاملا بعلمه ، وزيادة حسن الخلق فيه ، والتواضع وتمام الرفق وبذل الوسع في تكميل النفس ، وأن لا يمتنع من تعليم أحد لكونه غير صحيح النيّة . ثمّ بذل العلم عند وجود المستحقّ وعدم البخل به ، وأن يحترز من مخالفة أفعاله لأقواله وإن كانت على الوجه الشرعي ، ثمّ إظهار الحقّ بحسب الطاقة ، من غير مجاملة لأحد من خلق الله تعالى .
ثمّ يذكر الشهيد عليه الرحمة آداب المعلّم مع تلامذته بأن يؤدّبهم على التدريج بالآداب السنيّة ، والشيم المرضية ، ورياضة النفس بالآداب الدينية ، والدقائق الخفيّة ، ويعوّدهم في جميع اُمورهم الكامنة والجليّة ، سيّما إذا آنس منهم رشداً ، كدعوتهم إلى الإخلاص ، وترغيبهم في طلب العلم والعمل به ، وأن يحبّ لهم ما يحبّ لنفسه ، ويكره لهم ما يكره لنفسه من الشرّ ، وأن يزجره عن سوء الأخلاق وارتكاب المحرّمات والمكروهات ، وأن لا يتعاظم على المتعلّمين ، وإذا غاب أحدهم زائداً على العادة يسأل عنه وعن أحواله وموجب انقطاعه ، وأن يستعلم أسماء طلبته وحاضري مجلسه وأنسابهم وكناهم ومواطنهم وأحوالهم ، ويكثر الدعاء لهم ، وأن يكون سمحاً ببذل ما حصّله من العلم ، ثمّ صدّ المتعلّم أن يشتغل بغير الواجب قبله ، وأن يكون حريصاً على تعليمهم باذلا وسعه في تفهيمهم وتقريب الفائدة إلى أفهامهم وأذهانهم ، وأن يذكر في تضاعيف الكلام ما يناسبه من قواعد الفنّ ، وأن يحرّضهم على الاشتغال في كلّ وقت ، ويطالبهم في أوقات إعادة محفوظاتهم وأن يطرح على أصحابه ما يراه من مستفاد المسائل الدقيقة والنكت الغريبة ، وأن لا يظهر للطلبة تفضيل بعضهم على بعض عنده في مودّة واعتناء مع تساويهم في الصفات ، وأن ينصفهم في البحث ، وأن يقدّم في تعليمهم إذا ازدحموا الأسبق فالأسبق ، وأن يوصي طلاّبه بالرفق فيما لو طلبوا فوق طاقتهم ، وأن لا يقبّح العلوم التي لم يتعلّمها ، وأن لا يتأذّى ممّن يقرأ على غيره ويحضر عنده ، ثمّ يمدح من كان من أهل العلم بعد إكمال دراسته وأهليّته للاستفادة منه ويأمر الناس بالاشتغال عليه والأخذ منه .
ثمّ يذكر الشهيد آداب الدرس وهي عبارة عن ثلاثين أدباً ، ثمّ يتعرّض إلى الآداب المختصّة بالمتعلّم وهي تنقسم كما مرّ ثلاثة أقسام : آداب في نفسه ، وآداب مع شيخه ، وآدابه في مجلس درسه .
والمقصود من رسالتنا هذه إنّما هو القسم الأوّل ، فيذكر فيه اُموراً ثمانية[27] ، إنّما اُشير إليها ، متمسّكاً بعروة ( خير الكلام ما قلّ ودلّ ) طلباً للاختصار ، كما أضفت عليها ثمانية اُخرى ليكون المجموع ستّة عشر خصلة وخُلق ، لا بدّ لطالب العلم أن يراعيها في سيره الأخلاقي ، مستعيناً بالله سبحانه ، ومتوسّلا برسوله (صلى الله عليه وآله)وعترته (عليهم السلام) ، والله تعالى خير ناصر ومعين[28].
________________________________________
[1]الرحمن : 1 ـ 3 .
[2]يس : 12 .
[3]النبأ : 29 .
[4]النحل : 44 .
[5]آداب المتعلّمين جامع المقدّمات 2 : 51 .
[6]لقد ذكرت تفصيل مصادر الحديث الشريف بين الفريقين السنّة والشيعة والمقارنة بين القرآن والعترة في رسالة ( في رحاب حديث الثقلين ) ، فراجع .
[7]القلم : 4 .
[8]علي بن موسى الرضا والقرآن الكريم : 31 .
[9]النساء : 59 .
[10]إبراهيم : 34 .
[11]المصدر : 41 ، عن مسند الإمام الرضا (عليه السلام) 1 : 106 .
[12]الإسراء : 70 .
[13]الأنعام : 149 .
[14]التوبة : 33 .
[15]إبراهيم : 34 .
[16]آل عمران : 164 .
[17]الجاثية : 23 .
[18]القصص : 5 .
[19]الشمس : 8 .
[20]لقد شرحنا هذا المعنى في كتاب « التوبة والتائبون على ضوء القرآن والسنّة » ، وهو مطبوع ، فراجع .
[21]البقرة : 252 .
[22]منية المريد : 181 .
[23]آداب المتعلّمين ، جامع المقدّمات 2 : 50 .
[24]منية المريد ، تحقيق رضا المختاري : 150 ، ويضمّ الكتاب على مقدّمة في فضل العلم من الكتاب والسنّة والأثر ودليل العقل ، وعلى أبواب أربعة : الأوّل في آداب المعلّم والمتعلّم ، والثاني في آداب الفتوى والمفتي والمستفتي ، والثالث في المناظرة وشروطها وآدابها وآفاتها ، والرابع في آداب الكتابة وما يتعلّق بها ، والخاتمة في مطالب مهمّة في أقسام العلوم الشرعيّة والفرعيّة وغيرها ، وتتمّة الكتاب في نصائح مهمّة لطلاّب العلوم ، فراجع ، فإنّه قد أوصى السلف الصالح من علمائنا الأعلام بمدارسة ومطالعة هذا الكتاب القيّم ولو لعشر مرّات ، بل قيل في كلّ سنة مرّة ، حتّى من وصل إلى درجة الاجتهاد بل والمرجعيّة ، فإنّه لا يستغني عن هذا الكتاب وعن الموعظة والنصيحة .
[25]الكهف : 103 ـ 104 .
[26]المنية : 159 .
[27]منية المريد : 224 ـ 233 ، أذكر خلاصة ذلك مع تصرّف وإضافات وبعض قصص العلماء في مراعاة الأخلاق وتهذيب النفس .
[28]خلاصة هذه الرسالة كانت على شكل محاضرات أخلاقيّة ألقيتها في حوزة الإمام الخميني (قدس سره)للطلبة الحجازيّين بقم المقدّسة ، في شهر رمضان المبارك سنة 1416 هـ .