• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

آيات لكل صبار شكــور

آيات لكل صبار شكــور

قليل من الناس هم الذين يستمعون إلى الموعظة ويستثمرونها آخذين العبرة منها، وخصوصاً تلكم المواعظ والعبر التي تكمن في آيات الله تعالى الكثيرة التي اتّسعت لها الآفاق، وتوغّلت الى الأعماق؛ فمن هم أولئك المتّعظون المعتبرون الذي يتمتّعون بقابليّة معرفة تلك الآيات العظام؟

لقد بيّن لنا القرآن الكريم مواصفات هؤلاء الأشخاص الذين يوفّقون إلى اكتساب هذه المعارف الراقية السامية المتعلّقة بآيات الله سبحانه، حتى وصف أحدهم بصفتي الصبّار والشكور، الذي يفهم ويدرك طبيعة تلك الآيات ويعتبر بها في حياته الدنيا. فهم يقتبسون من النور الإلهي المنبعث من جنبات القرآن الكريم، ويستلهمون من روح الآيات المفعّم بالحق والخير؛ فهم في ذروة الصبر، وقمة الشكر.

السبيل إلى معرفة آيات الله

وهنا نعود للإجابة على السؤال السابق الذي يمكن أن نطرحه بصيغة أخرى هي: كيف نرتفع إلى درجة تلقّي آيات الله تعالى ومعرفتها؟

إنّ المسألة ليست بالهيّنة كما قد يتصوّر ذلك البعض- فليس كلّ إنسان بقادر على أن يتلّقى ويستوعب مغزى تلك الآيات، ولذلك كان لابد من بيان فكرة تكون الحجر الأساس الذي نبني عليه الموضوع، وهي إن الناس في هذه الدنيا بكل ما فيها من زخارف وزينة، وما يكتنفها من شهوات وملذّات على قسمين؛ قسم يسخّر الدنيا ويسيطر عليها ويمسك بزمامها، وقسم آخر تأخذ الدنيا بزمامه وتسيطر عليه.

تعامل الناس مع الدنيا

والقسم الأول يمتلك الدنيا في حين أن القسم الثاني تمتلكه الدنيا، فتراه يقضي حياته ويخوض غمارها في دوامة من العمل والإجهاد، فيكدّ ويكدح ليل نهار، ولكنه يفتقر الى الراحة والسعادة. صحيح إنّه قد جنى وقطف الثمار، ولكنّه يبخل على نفسه وعياله، ويأمر بالبخل؛ فهو يجمع تلال الأموال، وعندما تسأله: لأي شيء تدّخر كل هذه الأموال، وماذا تريد من هذه الدنيا؟ فانّه لا يجد جواباً، لأنه مسخّر للدنيا بدلاً من أن يكون مسخِّراً لها. فالله سبحانه وتعالى خلق كل شيء في هذا الكون الرحب، من شمس، وقمر، ونجوم، وأرض وما فيها من حقول، وسهول، وأودية، وبحار، وأنهار.. للانسان لتكون في خدمته.

وللأسف فانّ الأمر قد انعكس عند الغالبية العظمى من الناس، فبدلاً من أن يسخّروا منافع وفوائد الدنيا، وبسبب انجذابهم إليها، وانبهارهم بها أضحوا آلات وأدوات مسخّرة لها، فصاروا عبيداً لها.

انموذج التعلّق بالدنيا

وعلى سبيل المثال؛ فانّ أهل اليمن كانوا يطلقون على بلادهم اسم (اليمن السعيد) لكونها بلاداً خضراء يانعة تمتّعت بحضارة وزراعة مزدهرة الى درجة أن الواحد منهم كان عند احتياجه للفاكهة مثلاً يضع سلّته على رأسه، ويمشي ما بين الأشجار فتتساقط عليه الفاكهة لتمتلئ سلّته(!). ولكن ما الذي حدث بعد ذلك لأهل هذا البلد السعيد، هؤلاء الذين يصفهم القرآن الكريم، ويصف ترفهم في قوله تعالى: «لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ ءَايَةٌ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ» (سبأ/15) فالمناطق الزراعية عادة ما تكون في أطارف المدن، ولكن الحال بالنسبة الى أهل سبأ كان يختلف؛ فقد كانت المزارع الخضراء، والبساتين اليانعة تحيط بمساكنهم منتشرة داخل مدنهم، فكانت الأرزاق تنهمر عليهم، والله سبحانه يدعوهم أن يتمتّعوا بتلك الطيبات، لأنها خلقت لأجل نفع الإنسان، كما يشير الى ذلك قولـه عـز من قائـل: «قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ ءَامَنُوا» (الاعراف/32).

فالإنسان المؤمن هو الذي يعرف كيف يستثمر الرزق دون أن يسرف فيه، والله سبحانه كما دعاهم الى التمتع بهذه النعم الطيبة، فانه دعاهم أيضاً بان يــؤدّوا واجب شكر النعم. قال الله تعالى: «كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ» (سبأ/15) فشكر النعمة يسمو بالإنسان الى ما فوق هذه النعمة، وعندئذ يدرك أنها لا تعود إليه بحدّ ذواتها، بل هي من الله تبارك وتعالى، فهو الذي وهبها، وهو الذي جعلها تتحوّل في جسم الإنسان الى طاقة بناء فتعطيه الحيويّة والنشاط، وهو في نفس الوقت قادر على أن يحوّل النعمة الى نقمة.

وخلاصة القول؛ لابدّ لنا من أن نشكر النعم الإلهية، فمن خلال شكرها تكون هذه النعم مصدراً للخير والبركة وفي متناول أيدينا، وبدون أداء الشكر تتحوّل هذه النعم الى نقم.

ثـم يقول الله سبحانـه واصفاً لتلك الحضــارة: «بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ» (سبأ/15) فما أحلى تلك الواحة الخضراء، وأعذب مياهها، علماً أنّ الماء هو أصل الحياة، وأن الطين أصل الوجود الإنساني، والكيان الحضاري، فالماء لا يمكن الاستغناء عنه أبداً، وهو ليس وقفاً على الزراعة فحسب كما قد يتبادر الى أذهان البعض، بل إنّ كل شيء في هذه الحياة يتوقّف وجوده على الماء.

والإحسـاس بالوجود الإلهي، والتوكل على الله سبحانه، يبعثان همـا -الآخران- الطمأنينة في قلب الإنسان، وبذلك يصبح هذا الوجود والإحساس به نعمة من النعم التي لا تضاهى ولا توازيها نعمة أخرى، وعلى سبيل المثال؛ فان الإنسان الفقير المحتاج ينعم ويطمئن بإحساسه أنّ الله جل وعلا معه مادام يتوكل عليه، وأنّه كفيل بأمره، مدبّر له، ويهيّء له الرزق الكريم عندما ينهض متوكلاً عليه. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله: "نعم العون على تقوى الله الغنى".([51]) فالذي يمتلك نعمة لا يمدّ يده الى الناس، ولا يجعل من نفسه إنساناً متذمّراً ذا عقد نفسيّة، ومن ثم تراه إنساناً متوازناً ذا أخلاق سامية يحبّ الخير للناس ويتمنّاه لهم، ولا يحسدهم على ما أنعم الله عليهم، ويخدم نفسه وعائلته، وفي نفسه الوقت يؤدي الخدمة للآخرين.

شكر النعمة

والذي يقدّر النعمة الإلهية، ويحسّ بها في كل أنحاء وجوده ويشكرها، فان الله تقدّست أسماؤه لابد أن يغفر له ذنوبه، ولذلك قال تعالى: «وَرَبٌّ غَفُورٌ» في حين إن الذي يشعر دائماً بالفقر، ويتجاهل النعم الإلهيـة فضـلاً عن أداء الشكر لها، بل وينكرها في بعض الأحيان، فإن فقره سيكون هو الفقر الحقيقي الذي يتمثّل في خسارة الدارين، لأن الإحساس بمثل هذا الفقر يؤدي بالإنسان الى سلك السبل الملتوية المحرّمة كالسرقة والاحتيال والابتزاز والاحتكار والاستغلال والرشوة والكذب والكثير من الآفات الاجتماعية والاقتصادية. وقد قـال الإمام جعفر الصادق عليه السلام: "كاد الفقر أن يكون كفراً وكاد الحسد أن يغلب القدر".([52]) فالنعمة إذن- مطلوبة مادامت في متناول اليد، وتحت سيطرة الإنسان، وهي مستمرّة إلى ما شاء الله سبحانه مادام الشكر يؤدّي لها، لأن النعمة والشكر عليها متلازمان.

وهكذا كان حال أهل اليمن، تلك البلاد السعيدة الخضراء، ولكنّهم عندما أهملوا الشكر، وانغمسوا في الطغيان كما يشير إلى ذلك ربنا عز وجل في قوله: «فَأَعْرَضُوا» (سبأ/16) فانّ الله سلّط عليهم ما أذهب به لتلك النعم، وتلك الجنان الخضراء الوارفة الثمار والظلال. وكما جاء في التفاسير فانّ الفأر - هذا الحيوان الصغير صار هو آفتهم التي دمّرت وأزالت تلك النعمة، أو ربّما كان سبباً في إصابتهم بالأمراض التي فتكت بهم، فلم يعودوا يشعرون بلذّة النعم.

عاقبة كفران النعم

وتذكر الروايات أنّ الفئران فعلت فعلها في السد التأريخي المعروف بسدّ مآرب، فأخذت تقرض الحبال التي كانت تشدّ الأحجار والصخور في الموسم الذي يقلّ فيه منسوب المياه، مما أدّى إلى هدم ذلك السدّ، وارتفاع منسوب المياه، وحدوث ذلك السيل العرم الذي أهلك الكثير مـن المزارع والبساتين، وعمل على تدمير تلك الحضارة، كما يروي لنا ذلك القرآن الكريم في قولـه: «فَأَعْرَضُوا فَاَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ» (سبأ/16) وكانت النتيجة أنّهم لم يجنوا من طغيانهم وكفرانهم للنعمة سوى مجموعة من أعشاب وأشواك لحيواناتهم، وقليل من الاثل والسدر كما يقول ربنـا تبارك وتعالى: «وَبَدَّلْنَاهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْـلٍ وَشَيْءٍ مِن سِدْرٍ قَلِيلٍ * ذَلِكَ جَزَيْنَاهُم بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي اِلاَّ الْكَفُورَ» (سبأ/16-17).

فالله جل وعلا يحبّ عبده المؤمن المطيع له، لأنه خلقه للرحمة لا للنقمة، وهو سبحانه- لا يستوفي منه ما أعطاه من نعم وما وهبه من اللطف والرحمة. فهو غنيّ كريم، بل إنّه تعالى يمسك يده عندما يكفر الإنسان بالنعم، ولذلك يقول عزّ من قائل: «وَهَلْ نُجَازِي اِلاَّ الْكَفُورَ» وهو كما الذي لا يشكر النعمة، ولا يعرف قدرها، فيطغى ويسرف، وينحرف عن جادة الصواب، وسبيل الخير والمعروف.

ثم يضيف السياق القرآني الكريم قائلاً: «وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرىً ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّاماً ءَامِنِينَ» (سبأ/18) فلقد كانت لتلك المناطق الشاسعة الممتدة ما بين اليمن ومكة المكرّمة مزروعة، تغطّيها الحقول والبساتين، وكانت الحياة قائمة فيها على قدم وساق، والناس في رغد وعيش هنئ، ونعيم وافر، ولكنّهم عندما غفلوا عن الشكر وأخذوا يكفرون بالنعم بدلاً من شكرها، ولبسوا ثوب الطغيان والإنحراف، فانّهم قد ظلموا بذلك أنفسهم، وأصبحوا أمثولة للتأريخ، تلاحقهم اللعنات الى يومنا هذا، كما يشير الله تعالى الى ذلك في قولـه: «وَظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ» (سبأ/19).

دروس وعبـر

ثم يقـدّم لنا القرآن الكريم الدروس والعبر من هذه القصة في قولــه: «إِنَّ فِي ذَلِكَ لاَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ» (سبأ/19)؛ أي ذلك الإنسان الذي يصبر على ما يصيبه من المصائب والآلام والمتاعب، ويشكر الله تعالى على نعمه، ولا شأن له بما يمتلكه الآخرون، بل يتمنّى لهم الخير والبركة. وهذا هو الإنسان الصبّار الشكور، لا ذلك الإنسان الذي تطمع نفسه بما عند الغير، فتراه قد يمتلك كلّ أسباب الراحة والعيش الرغيد ولكنه يتطلّع بحسد الى النعم التي أنعم الله تعالى بها على الآخرين. فتراه يرهق نفسه ويتعبها، ويعيش عقداً شتّى، وربما يعطيه الله بعد فترة من الزمن ولكنّه لم يكن قد اعتبر بآيات الله جل وعلا، واستثمرها لراحة نفسه واطمئنانهـا، ترى أفلا يأخذ مثل هذا الإنسان بنظر الاعتبار أنّ مكروهاً ما لو أصاب عضواً في جسمه، وأحدث فيه الخلل والمرض والاعاقة فان حياته سوف تتحوّل إلى جحيم لا يطاق، فلماذا يتغاضى هذا الإنسان عن أداء واجب الشكر في حياته؟ ولذلك كان من الأمور المستحبّة زيارة المرضى، وعيادتهم، لأن المريض يشعر بالاضافة الى مرضه الجسديّ بالآلام النفسية، وعندما تـزوره وتقدم له هديّـة فان تصرّفـك هذا يمنحه أملاً جديداً، وشحنة إيجابية تدعم نفسيّته، وتزيـل عنه ذلك الإحساس الكئيب. ولذلك جاء الاستحباب والتأكيد على هذه الآصرة الاجتماعية الإيجابية.

والجانب الآخر والمهمّ من هذه الزيارات يتعلّق بك أنت، فهذه الزيارة تشعرك بمدى ومقدار النعمة التي أنت فيها؛ نعمة الصحة، والراحة، والعافية من خلال رؤيتك عن كثب لأولئك الذي يفتقرون إليها، وتعرف - حينئذ- قيمة وقدر هذه النعمة الإلهية، فتؤدّي شكرها، لأن الذي ينظر في هذه الدنيا إلى من هو دونه، تراه يتمتّع دوماً بحيوية ونشاط، وذهنيّة فاعلة متفتّحة على الحياة.

وتأسيساً على ما سبق؛ يجدر بنا أن نكون نحن المسخِّرين للدنيا، والمسيطرين عليها، لا أن يحدث العكس فنصبح أسرى، وعبيداً لهذه الدنيا؛ بل يجب علينا أن نكون نحن المسخّرين للأموال والممتلكات، لا أن نكون خدماً لها، فتسيطر علينا وتقودنا. فليس كل ثروة نعمة، بل إن الكثير من الأموال والثروات تكاد تكون نقماً، إذا ما أساء الإنسان استغلالها، ألم يؤدّ فريضة الشكر عليها.

 


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page