• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الأخلاق قاعدة الانطلاق

الأخلاق قاعدة الانطلاق

«لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ ءَامَنَ بِاللّهِ وَالْيَومِ الاَخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَاتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ الْسَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقابِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَاتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَآءِ وَالضَّرَّآءِ وَحِينَ الْبَأْسِ اُوْلَئِكَ الَّذِين َصَدَقُوْا وَاُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ». (البقرة/ 177)

بعدما استطاع العالم اكتشاف الذرة، أمكن معرفة أن الفرق بين المواد القوية الصلبة التي تتحدى كل العوامل المضادة والقاهرة وبين المواد الرخوة اللطيفة يكمن في تركيبة ذراتها. فبينما تكون ذرات المواد الخفيفة متباعدة، نجد أن المواد الصلبة تكون ذراتها متقاربة ومكثفة؛ لذا نقول إن هذا ذهب وهذا خشب، وندرك سر تهشم بعضها مع أول ضغط، ومقاومة وصلابة البعض الآخر.

كذلك بعض الأمم تراها هشة ضعيفة تتحطم مع أول ضغط، بينما تجد بعض الأمم الأخرى صلبة مستقيمة متحدية لا تحركها العواصف والضغوط.

عوامل القوة والثبات في الأمة

إن الفرق بين الأمة القوية والأمة الضعيفة لا يكمن في المظهر، بل في العمق والجوهر، فالصفات المثلى التي تتحلى بها الأمة المتحدية القوية تختلف عن تلك التي تتميز بها الأمة الضعيفة.

ومن هذا المنطلق نرى كيف أن ثلاثمائة وثلاثة عشر انسان مسلم، لا يملكون إلا بضعة سيوف وكان أكثر أسلحتهم الحجارة وجريد النخل، يواجهون ألف شخص مسلح بأفضل سلاح، وفيهم ما فيهم من الصناديد ومغاوير الجيوش العربية الذين تمركزوا في بدر ضمن صفوف المشركين آنذاك، ولكن ومع أول مواجهة ينهار جيش المشركين وينتصر المسلمون على قلتهم. فيا ترى لماذا ينتصر أهل المدينة في المعركة مع ضعف عدتهم وقلة عددهم، بالمقارنة مع كثرة أهل مكة وتجهيزاتهم العسكرية؟ ولماذا تنهار مقاومة المشركين مع أول صدمة، مع ما يملكون من عوامل القوة عدداً وعدة ؟

إن السبب يكمن بالفرق في الصفات الجوهرية لكلا الطائفتين؛ فالمسلمون كان بعضهم يشد أزر بعض، فاذا رأى أحدهم صاحبه يقاتل مشركاً ذهب لإعانته على عدوه، بينما كان المشرك يقول في مثل هذه الحالة، دعه إما أن يُقتل أو يَقتل وبالتالي أرجع أنا لأكسب الفخر في قتاله.

فبينما كان أهل مكة يحاربون رياءً وبطراً واشراً، كان أهل المدينة يحاربون في سبيل المبدأ والعقيدة في سبيل الله. لذلك انتصر المسلمون في بدر بثباتهم وترابطهم ووحدتهم، بينما انهار المشركون لأن جوهرهم على النقيض من ذلك.

إذن؛ فالصفات الجوهرية كالذرات في المواد، فكما أن اندماج الذرات الى بعضها تجعل الذهب ذهباً، وابتعادها عن بعضها يجعل الخشب خشباً؛ فكذلك الأمة التي تكون متراصة، منسجمة، متلاحمة، قوية.. لا تنهار ولا تغلب، بل تنتصر من موقع الى موقع، ومن معركة الى معركة. أما تلك الأمة المتهاوية، المتباعدة، التي لا تملك الصفات المثلى.. فهي تنهار مع أول صدمة.

وإن هذه الصفات - الشجاعة والاستقامة والتلاحم والاستماتة والإيثار و..- هي التي تغير مجرى التاريخ، فبها كان الواحد من أصحاب الإمام الحسين عليه السلام يعادل العشرات من الرجال، وبها كان الواحد منهم يبحث عن الشهادة دون الإمام الحسين عليه السلام قبل أخيه الآخر، وبها خلد الإمام الحسين عليه السلام وأنصاره الميامين، وبهذه الصفات المثلى كانت هذه الأمة أمة صابرة خالدة قادرة على تحدي الضغوط.

الدين ليس ظنون وتمنيات

إن الدين ليس لقلقة لسان وظنون وتمنيات حلوة، بل هو جوهرة، لابد أن تستقر في القلب ثم تتفتح على الأعضاء.

وهذا ما يدعونا إلى أخذ الحذر والحيطة من كل غفلة وخديعة.. فالشيطان لا يخدع الإنسان بأن يقول لـه: هذا طريق الضلال فاسلكه، وإنما يزين له ذاك الطريق ويجعله في صورة أفضل من طريق الحق. فابن زياد مثلاً استطاع أن يخدع أهل الكوفة في قتال الإمام الحسين عليه السلام باستخراج فتوى من شريح القاضي. فالشيطان هنا استطاع - عبر جبة القاضي وعمامته وطول لحيته ومدة قضائه معاً - أن يخدع الناس.

ونحن يمكن أن نخدع أيضاً، فمن الواجب أن لا نغمض أعيننا حتى نرى طريقنا بشكل صحيح ونتجنب المزالق، ونستثير وعينا وعقولنا حتى ندرك سبيلنا ولا ننحرف عنه.

إن الإيمان والبر ليس في أن نقف في هذا الجانب أو ذاك فحسب، فان الصلاة مثلاً لا يسميها القرآن صلاة إذا لم تتحول في حياة الانسان الى سلوك، وفي لسانه الى صدق، وفي يده الى أمانة، وفي عينه الى خشوع، وفي أذنه الى استماع الحق، وفي قلبه الى شجاعة، وفي عزمه الى توكل، وفي حركته الى استقامة. فإذا خلت الصلاة من مثل هذه المعاني فلا تعتبر صلاة «لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ»، أي إننا نقف متوجهين الى جانب ما، غير إننا غير متوجهين الى الله، فهذا لا يؤدي الى حقيقة الصلاة، وقد قال ربنا عز وجل: «وَأَقِمِ الصَّلاَةَ لِذِكْرِي» (طه/14) وقال جل وعلا: «فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ» (الماعون/4-5). لأنهم ساهون ليس عن ظاهر الصلاة فقط وإنما عن واقعها، وهذا الواقع والمعنى الذي سها عنه المصلي واستحق به الويل هو أنه يبالغ في ركوعه وسجوده ولكنه لا يساعد الناس «وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ» (الماعون/7) أي إنه يسهـو عن روح الصلاة وانهـا «تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَآءِ وَالْمُنكَرِ» (العنكبوت/45).

وهكذا يمضي القرآن ليقـول: «وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ ءَامَنَ بِاللّهِ وَالْيَومِ الاَخِرِ» فعندما نقول بلساننا: إننا مؤمنون بالله، ونتوقف عند هذا الحد، فان هذا لا يكفي، بل لابد من الإيمان بالله وباليوم الآخر ظاهراً وجوهراً. فالإيمان الحقيقي باليوم الآخر يعني أن تضع الموت نصب عينيك دائماً، فتفكر في أية لحظة ستموت، وفي أية لحظة تدفن، وكيف ستواجه منكر ونكير، وعذاب القبر، وفي أية لحظة ستقوم القيامة، وما موقفك فيها. فهكذا يكون معنى الإيمان.

النهج الايماني للانفاق

«وَاتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ».

إيتاء المال إما على حب المال نفسه، وإما على حب الله سبحانه وتعالى. فإذا قلنا على حبه للمال، فهذا يعني أن هذا الإنسان المنفق ممن قال الله فيهـم: «وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ» (الحشر/9) أي ان هذا الإنسان مع احتياجه الى هذا المال، وهذا الدرهم وهذا الدينار، إلا أنه يؤثر به الفقير ويعطيه المال رغم حبه واحتياجه اليه. وإما على حب الله تعالى، فيعني أن لا يكون عن رياء وأن لا يكون به منّ وأذى، بحيث لا تعرف شماله ما أعطت يمينه.

«ذَوي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ الْسَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقابِ».

يجب علينا أن نتدبر قليلاً في الآيات عند تلاوتها، فلا نقرأ القرآن هذراً ولا نبتلع الآيات ابتلاعاً. يجب أن نتوقف قليلاً عند كل كلمة ونتدبر فيها، فلننظر كيف يخاطبنا القرآن الكريم.

إنه يقول: «وَالسَّآئِلِينَ» أي الذي يأتي ويسألك أن تعطيه، فما هو التعامل مع الأصناف الأخرى التي سبقت (السائلين)؟

من هذا التعبير يجب أن تفهم أنه يعني أن لا تنتظر اليتيم فاقد الأب وليس له كفيل لكي يقف على بابك للسؤال، ولا تنتظر أقاربك ليأتي أحدهم إلى بيتك فيريق ماء وجهه بين يديك، وكذلك المسكين الذي يحمل عنوانه معه. فالمسكين يعني من أسكنه الفقر فهو يجلس على التراب. وابن السبيل أيضاً لا يسأل، فهو شخص عزيز في بلده يخرج ويأتي إلى بلدك فينقطع به السبيل فيصبح لا يملك شيئاً. فإذا جاءك أحد يسأل فلا يجب عليك أن تسأله هل أنت يتيم حقاً، هل أنت مسكين أو ابن سبيل، لأن السائل الذي أراق ماء وجهه لك يجب أن تعطيه. فإذا جاءك شخص راكباً على فرس وتوقف عند باب دارك وسألك أن تعطيه فلا تمنعه، ولا تقل أنه يركب فرساً، فلعله يركب فرساً ولكن لا يملك علفاً للفرس مثلاً. وهكذا إذا سألك أحد فأعطه، فهذه هي صفات المؤمن الحقيقي.

«وَفِي الرِّقابِ» أي العبيد، وفي زماننا الكثير من هؤلاء (في الرقاب) فهناك المسجونون في مناطق وأماكن معينة مسلوبو الحرية والحركة، ورقابهم في الواقع تحت سيطرة الآخرين، فانهم يعتبرون في الرقاب.

الوفاء بالعهد قيمة حضارية

«وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا».

إن الأمة التي لا تعرف العهد، ولا تعرف اليمين والميثاق، ولا تجهل كلمة الشرف، هذه الأمة تنهار بسهولة.

يجب أن تكون لدى الأمة ورجالها كلمة وثبات ووفاء بالكلمة والعهد، وهذا هو الذي يجعل الأمة متماسكة ثابتة.

وفي تأريخنا الكثير من مواقف الشرف والوفاء بالعهد والثبات عند الكلمة، منها أن الحجاج - لعنة الله عليه وعلى من يقتدي به حكم يوماً على شخص بالاعدام. فقال هذا الشخص للحجاج: أمهلني سواد هذه الليلة لأذهب لعائلتي فاودعهم ومن ثم أعود. فقال له: أو يعقل أن تعود الى الموت برجليك؟! قال: نعم أعود. فطلب منه الحجاج أن يأتيه بمن يكفله حتى يعود. فلما نظر الرجل الى المجلس، قال: أنا لا أعرف أحداً، وهنا قام رجل وقال: يا أمير أنا أكفله. فقال له: إن لم يأت قتلتك مكانه. فقال الرجل: لا بأس. ووافق الحجاج على كفالته، فذهب المحكوم على أن يأتي في اليوم التالي وفي وقت محدد كالظهر مثلاً. ذهب الحجاج في اليوم التالي مع الكافل وجماعة من الناس والسياف الى باب مدينة الكوفة بانتظار عودة ذلك الرجل، ومع مرور الساعات الثقيلة اقترب الوقت من الظهر، واحمرت عينا الحجاج وأخذ ينظر الى الكافل وهو يقول: إن ساعتك قد اقتربت وسيقطع رأسك الآن. فقال له الرجل: إنني مستعد ولكن أتعلم يا أمير أن ذلك الرجــل المحكوم هو رجل شريف ولديه كلمة شرف، وبأنه آت حتماً قبيل أذان الظهر. وما هي إلاّ لحظات وإذا بغبرة من بعيد لم تنجل إلاّ وبالرجل المحكوم واقف بكل اطئمنان أمام الحجاج قائلاً: ها آنذا جئتك فأنفـذ فـيَّ أمرك. فقال لـه: أوجئت الى الموت بقدميك يا هذا ؟! فقال لـه: أنـا أعطيت كلمة شرف أثبت عندها وأفي بعهدي لكي لا ينقطع الوفاء بيـن الناس.

أما الكافل فقال: كفلته لشرف كلمته، ولكي لا يقال بأن الثقة فقدت بين الناس. فعفا الحجاج عنهما معاً رغم طغيانه وظلمه.

إن كلمة الشرف هي قيمة الأمة، فلا ينبغي أن تكون كلماتنا رخيصة زائفة نطلقها بلا دراية والتزام، فمن يعطي كلمة يكون في ربقتها.

الصبر رأس الإيمان

دائماً ترى الانسان يدعي بحمل صفة الصبر مادام في رخاء ونعمة؛ فهو صابر مع وجود الطعام والبيت الواسع والفراش الوفير والأمن والصحة.. ولكنه مع أول مشكلة تراه ينقلب، أفيسمى هذا صابراً ؟

إن الصابريـن هـم «وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَآءِ وَالضَّرَّآءِ وَحِينَ الْبَأْسِ» ففي الادعاء ترى الكثير من الناس معك، ولكن عندما تحدث المشكلة تراهم قد انهزموا، ويفر كل شخص الى ناحية ويعطي تبريره، بل وحتى لا يكلف نفسه ليقول لك الوداع، أو يسلم عليك بعد ذلك.

إن الرجل -كل الرجل- إذا امتحنته عند الشدائد؛ عند التقوى. وليس التقوى هنا أن تغمض عينيك وتمشي متماوتاً منخفض الرأس. فليس هذا بتقوى، بل إن جوهر التقوى ورأس الايمان أن يكون لدى الانسان الصفات المثلى، كالصبر والعهد و كلمة الشرف.. ومجتمعنا الحاضر بحاجة ماسة لهذه الصفات.

إننا يجب أن لا نخدع أنفسنا بكلمات الايمان، لأن كلمات الإيمان مفيدة في مظهر من مظاهر الايمان، ليس إلا، إننا بحاجة الى جوهر الايمان لتقوية ودعم مسيرة الأمة ومقاومة التحديات. فإذا رأينا أمتنا تتعرض في هذا البلد أو ذاك لمشاكل وصعوبات ولم نكن قادرين على أن نتحداها، فلأن هذه الصفات الأساسية مفقودة لدينا. فنحن بالنسبة للوفاء بالعهد مثلاً مستعدون أن نعمل وننتج لسنة كاملة الى أن نوقّع ميثاقاً وعهداً أو منشوراً فيما بيننا، لكننا - وللأسف- مع أول مشكلة وإذا بنا ننقض ذلك العهد الذي استغرق انشاؤه سنة كاملة. «كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَن تَكُونَ اُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ اُمَّةٍ» (النحل/92)

فلماذا نقض الميثاق ؟ ذلك أن كل منا يتصوّر أنه أحسن من الآخر، وأنه الأفضل.. فقد نقض الميثاق.

روي عن الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام أنه قال: "إن في جهنم رحى تطحن، أفلا تسألوني ما طحنها؟ فقيل له: وما طحنها يا أمير المؤمنين؟ قال: العلماء الفجرة، والقرّاء الفسقة، والجبابرة الظلمة، والوزراء الخونة، والعرفاء الكذبة. وإنّ في النار لمدينة يقال لها الحصينة، أفلا تسألوني ما فيها؟ فقيل: وما فيها يا أمير المؤمنين؟ فقال: فيها أيدي الناكثين".([18])

فالناكث ذاك الذي يضع يده في يدك للمبايعة والعهد، ويقول: أنا معك حتى آخر يوم وآخر نفس، ولكنه مع أول زحزحة ينهزم. فمثل هذه الأيدي ستطحنها الرحى في النار.

إن من الصفات المفقودة عندنا هي كلمة الشرف، فلذلك نحن ممزقون حيث الواحد يصبح إثنين، والثلاثة أربعة، وهكذا.. حتى ترى أن هذا الواحد هو عدو نفسه. فيكون هنا شكلاً ووجهاً وموقفاً، وهناك شكلاً ووجهاً وموقفاً آخر، فيصبحوا بذلك منافقين، إذ المنافق ظاهره شكل وباطنه شكل آخر والعياذ بالله.

فالانقسامات تأتي من باطننا في الأصل، لذلك فلا فائدة من كلمات ومظاهر وتمنيات وخداع و...، بل يجب أن تتركز فينا الصفات المثلى من صبر ووفاء بالعهد وكلمة الشرف والبذل وغيرها. فنحن بحاجة الى الجوهر في الايمان والتقوى، دون المظهر.

النظرة السلبية وقلة الشكر

ولأنك تضع نظارة سوداء على عينيك، فانك لا ترى في هذا العالم سوى السواد، ولا ترى في الناس خيراً بل كلهم في شرّ.

فهل رأيت نفسك في المرآة يوماً ما؟ وهل تعرف نفسك لتزكيها؟ وهل حاسبت نفسك أولاً قبل أن تحاسب الآخرين؟ فأنت مثلهم أيضاً، نصفك شيطان ونصفك ملائكة، ففي ساعة تصبح في حالة من الذكر والبكاء والخشوع و... في ساعة أخرى تنجرف مع الشهوات و... فأنت وجميع البشر هكذا، فلماذا تخادع نفسك.

إننا بحاجة لأن نراجع أنفسنا في هذا الجانب، فلا يجدر بنا حين نرى أحداً غيرنا يخطئ أن نقول بأنه قد أصبح شيطاناً. كلاّ؛ فانه بشر يخطئ ويصيب خلال عمره، ونحن مثله أيضاً.

فعندما نقوم مثلاً مع أول الصبح ترانا وقبل كل شيء نسب الدنيا ونشتم الزمان ونعتب على الدهر و...، إننا عندما نقوم بذلك يجب أن نعرف بأننا في الحقيقة نعترض على حكم الله سبحانه وتعالى، لأن الدهر هو الله وأننا نعترض على التقدير الالهي والعياذ بالله. فترى أحدنا عندما يصاب بمصيبة ما، يعتب على الله فيقول: أي ربي ألم تجد غيري، لماذا تركت الناس جميعاً واخترتني لهذه المصيبة؟!

فلماذا كل هذا التضجر والرفض والاعتراض؟ إن جميع الناس تواجههم المشاكل وتداهمهم المصائب، وما أنا وأنت إلاّ جزء من هؤلاء الناس.

فإذا ما نظرت الى العالم الذي يحيط بك، تجده غارقاً في الأزمات والمشاكل. إذن لست وحدك تعيش المحن والصعوبات في الحياة، فما الداعي الى التذمر والتعب؟ فلينظر الانسان الى نعم الله سبحانه التي أنعم بها عليه والى رحمته الواسعة. فعندما تقوم في الصباح انظر الى أعضاء جسدك وسلامتها وقدرتك على الحركة والنشاط، وتذكر هذا الشخص أو ذاك الذي يرقد في المستشفى وهو يشكو هذا المرض وتلك العلة و...

يجب أن تشكر نعم الله عليك، فالآن وأنت تمشي بصورة طبيعية لا تدري كم من نعمة عظيمة وهبها الله لك حتى تكون لديك القدرة على المشي. فلو ذهبت الى الطبيب وسألته عن عدد النعم في مشيك هذا لعرفت قدرها، فأعصابك يجب أن تكون سالمة، وقلبك ومعدتك وكليتك وغيرها كلها يجب أن تكون سالمة حتى تستطيع أن تمشي بضع خطوات. فلماذا تتجاهل هذه النعم الكبيرة وتشكو وتتذمر؟ فقل الحمد لله واشكره على نعمه. ولا تغفل أو تنتظر الى أن تمرض وتذهب الى الطبيب ليقول لك: إن الغدة الفلانية من الجهاز الفلاني قد تعطلت ويجب معالجتها، وعلى أثر ذلك فقد اختل نظام بدنك، أفعندما تصل الى ذلك تقول الحمد لله؟!

إنك يجب أن تنظر الى الحياة بعين الرضا، فكلما كان الانسان شاكراً فضل ربه، زاده الله نعماً، «لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ» (ابراهيم/7).

فبالشكر ينشرح قلبك، وتتفتح نفسك، ويتبصر عقلك، وتكون روحك فعّالة وحركتك جدية.. وبالتالي تصبح سعيداً في الدنيا والآخرة.

 


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page