طباعة

سعد بن أبي وقّاص يقول

سعد بن أبي وقّاص([1]) يقول: سمعت رسول الله (ص) يقول: «من كنت مولاه فعليّ مولاه» وسمعته يقول:«أنت منّي بمنزلة هارون من موسى، إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي»وسمعته يقول: «لاُعطينّ الراية اليوم رجلاً يحبّ الله ورسوله»([2]).
ألا إنّ عليّاً كان فيه ما فينا، ولم يكن فينا ما فيه([3]) ولو لم يطلبها الخلافة ولزم بيته لطلبته العرب ولو بأقصى اليمن([4]).
والله لأن يكون فيَّ خصلة واحدة من خصال كانت لعليّ أحبّ إليّ من أن يكون لي ماطلعت عليه الشمس([5]).
والله لاِن أكون صهر الرسول صلّى الله عليه وسلم لي من الولد ما لعليّ أحبّ إليّ من أن يكون لي ما طلعت عليه الشمس.
والله لاِن يكون رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال لي ما قاله يوم خيبر: «لاُعطينّ الراية غداً رجلاً يحبّه الله ورسوله ويحبّ الله ورسوله، ليس بفرّار، يفتح الله على يديه»، أحبّ إليّ من أن يكون لي ماطلعت عليه الشمس.
والله لاِن يكون رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال لي ما قال له في غزوة تبوك: «ألا ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى، إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي» أحبُّ إليّ من أن يكون لي ما طلعت عليه الشمس([6]).
لو وضع المنشار على مفرقي على أن أسبّ عليّاً ما سببته أبداً([7]).
أمّا ما ذكرتُ، ثلاثاً قالهنّ له رسول الله صلّى الله عليه وسلم فلن أسبّه([8]): لأن تكون لي واحدة منهّن أحبّ إليّ من حمر النعم، سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول لعليّ وخلّفه في بعض مغازيه، فقال له عليّ: «يا رسول الله، تخلّفني مع النساء والصبيان؟ فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلم: أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى، إلاّ أنه لا نبوّة بعدي»([9]).
وسمعته يقول يوم خيبر: «لاُعطينّ الراية رجلا يحبّ الله ورسوله، ويحبّه الله ورسوله» فتطاولنا لها فقال: «ادعوا لي عليّاً» فأتاه وبه رمد، فبصق في عينيه، ودفع الراية إليه ففتح الله عليه.
ولمّا نزلت هذه الآية (فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَآءَنَا وَأَبْنَآءَكُمْ وَنِسَآءَنَا وَنِسَآءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ)([10]) دعا رسول الله صلّى الله عليه وسلم عليّاً وفاطمة وحسناً وحسيناً، فقال: «اللهمّ هؤلاء أهلي»([11]).
والله يا أمير المؤمنين، لا ريب في أنّك أحقّ الناس بالخلافة، وأنّك أمين على الدين والدنيا، غير أنّه سينازعك على هذا اُناس ([12]).
إنّ عليّاً كان من السابقة، ولم يكن فينا ما فيه، فشاركنا في محاسننا، ولم نشاركه في محاسنه، وكان أحقّنا كلّنا بالخلافة، ولكنّ مقادير الله تعالى التي صرفتها عنه حيث شاء لعلمه وقدره!! وقد علمنا أنّه أحقّ بها منّا([13]).
كنت جالساً في المسجد أنا ورجلان معي فنلنا من عليّ! فأقبل رسول الله يعرف في وجهه الغضب، فتعوّذت بالله من غضبه، فقال: «ما لكم ومالي؟ من آذى عليّاً فقد آذاني»([14]).

*************
[1] ـ كان سعد أحد الذين تخلّفوا عن بيعة أمير المؤمنين عليّ. انظر كتاب «علي بن أبي طالب» للخطيب: ص66، وفي كتاب «الإمام عليّ رجل الإسلام المخلَّد»: ص126: وسعد لم يكن له هوى في عليّ.
[2] ـ  السنن لابن ماجة: ج1 ص45، ط دار الفكر.
[3] ـ  شرح نهج البلاغة: ج1 ص260. الإمام عليّ صوت العدالة الإنسانية: ج4.
[4] ـ النصائح الكافية: ص16 عن العقد الفريد.
[5] ـ شرح نهج البلاغة: ج1 ص260، الإمام عليّ صوت العدالة الإنسانية: ج4.
[6] ـ مروج الذهب: ج2 ص44.
[7] ـ  النصائح الكافية: ص69.
[8] ـ قال المسعودي في مروج الذهب: ج2 ص44: حدّث أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري، عن محمّد بن حميد الرازي، عن أبي مجاهد، عن محمّد بن إسحاق بن أبي نجيح، قال: لمّا حجّ معاوية طاف بالبيت ومعه سعد، فلمّا فرغ انصرف معاوية إلى دار الندوة فأجلسه معه على سريره ووقع معاوية في عليّ، وشرع في سبّه، فزحف سعد ثم قال: أجلستني معك على سريرك ثم شرعت في سبّ عليّ!! والله لاِن يكون فيّ خصلة واحدة من خصال كانت لعليّ وأيم الله لا دخلت لك داراً ما بقيت، ونهض. حياة الصحابة: ج2 ص493 والنقل من الأوّل.
قال المسعودي: ووجدت في وجه آخر من الروايات وذلك في كتاب عليّ بن محمّد بن سليمان النوفلي في الأخبار، عن ابن عائشة وغيره: أنّ سعداً لمّا قال هذه المقالة لمعاوية! ونهض ليقوم ضرط له معاوية وقال له: اقعد حتى تسمع جواب ما قلت.
[9] ـ وفي حياة الصحابة: ج2 ص492: لانبيّ بعدي، قال محمّد بن طلحة الشافعي: وقد روى الأئمة الثقاة البخاري ومسلم والترمذي في صحاحهم بأسانيدهم أحاديث اتفقوا عليها، وزاد بعضهم على بعض بألفاظ اُخرى، والجميع صحيح، فمنها: عن سعد بن أبي وقاص قال: إنّ رسول الله (ص) خلّف عليّاً في غزوة تبوك على أهله، فقال: «يا رسول الله تخلّفني في النساء والصبيان؟ فقال: أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى، غير أنّه لا نبيّ بعدي». قال ابن المسيّب: أخبرني بهذا عامر بن سعد عن أبيه فأحببت أن اُشافه سعداً، فلقيته فقلت له: سمعته من رسول الله (ص)؟ فوضع إصبعيه على اُذنيه وقال: نعم وإلاّ استكّتا. مطالب السؤول: ص57.
[10] ـ آل عمران: 61.
[11] ـ صحيح مسلم: ج2 ص324، اُسد الغابة: ج4 ص26. الإصابة: ج2 ص503، حياة الصحابة: ج2 ص492، ينابيع المودّة: ص51، كفاية الطالب: ص28، نظم درر السمطين: ص100، مطالب السؤول: ص58.
[12] ـ عليّ بن أبي طالب بقية النبوّة وخاتم الخلافة: ص67 و274 .
[13] ـ عليّ بن أبي طالب بقية النبوّة: ص405، الإمامة والسياسة: ج1 ص93.
[14] ـ حياة الصحابة: ج2 ص491.