سويد بن علقمة يقول: دخلت على عليٍّ(عليه السلام) بالكوفة فإذا بين يديه قعب لبن أجد ريحه من شدّة حموضته، وفي يده رغيف ترى قشار الشعير على وجهه وهو يكسره ويستعين أحياناً بركبته، وإذا جاريته فضّة قائمة على رأسه، فقلت: يا فضّة، أما تتّقون الله في هذا الشيخ؟ ألا نخلتم دقيقه؟ فقالت: إنّا نكره أن نؤجر ويأثم، نحن قد أخذ علينا أن لا ننخل له دقيقاً ما صحبناه.
وعليّ(عليه السلام) لا يسمع ما تقول، فالتفت إليها فقال: «ما تقولين؟»، قالت: سله، فقال لي: «ما قلت لها؟»، قال: فقلت: إنّي قلت لها: لو نخلتم دقيقه، فبكى ثم قال: «بأبي واُمّي أنت مَن لم يشبع ثلاثاً متواليةً خبز برٍّ حتى فارق الدنيا ولم ينخل دقيقه!» قال: يعني رسول الله([1]).
*************
[1] ـ شرح نهج البلاغة: ج1 ص181.