الإسراء والمعراج
قال سبحانه وتعالى: { سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلا ً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إلى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إنـّه هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}[1] .
وقال تعالى شأنه: { وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى... }[2] .
إنّ حادثة الإسراء والمعراج من الحوادث المعجزة التي اُعطيت لنبيّ الرحمة محمّد (ص).
واختلف المؤرّخون في تاريخ الإسراء والمعراج، كما اختلف أيضا ً في مكان الانطلاق، وأنـّه بالروح والجسد أم بالروح فقط؟
روى قطب الدين الراوندي عن عليّ (ع) أنـّه قال: «لمّا كان بعد ثلاث سنين من مبعثه (ص) أسرى به إلى بيت المقدس، وعرج به منه إلى السماء ليلة المعراج»[3] .
وهو الراجح أو الأرجح في تاريخهما عند بعض محققي علمائنا، وإن كان المشهور أنـّهما وقعا قبل الهجرة بمدّة وجيزة.
ثمّ أنّ صريح الآية على أنّ مكان الانطلاق هو المسجد، وقد يراد به مكـّة المكرّمة، ووردت روايات على أنـّه أسرى به من بيت اُمّ هاني بنت أبي طالب[4] .
وقد ذهب الإماميّة[5] ومعظم المسلمين من أنّ الإسراء، إنّما كان بالروح والجسد معا ً أمّا المعراج فذهب الأكثر إلى أنـّه كان بالروح والجسد أيضاَ.
وكانّ لحادثة الإسراء والمعراج أهدافا ً ونتائج عقائدية سامية تجلـت في تمحيص الناس والكشف عن مدى يقينهم وثباتهم على الإيمان بنبوة محمّد (ص)؛ إذ اهتز بعض المسلمين، واضطرب ضعاف الإيمان. والهدف الأسمى من هذا كلـّه هو أنّ الله عزوجل أراد أن يعدّ النبي (ص) إعدادا ً جيّدا ً لكي يواجه التحدّيات والمصاعب والمشكلات، وأن يحمل أعباء الرسالة إلى العالم بأسره، فأراه سبحانه وتعالى بعض آثار عظمته في عملية تربويّة رائعة، ونقله من مرحلة السماع إلى مرحلة الرؤية والشهود؛ ليزيد في المعرفة يقينا ً، وفي الإيمان رسوخا ً.
ثمّ أنـّه قد جاء في بعض الروايات أنّ الصلوات الخمس فرضت حين الاسراء المعراج[6] .
[1] الاسراء: 1.
[2] النجم: 1 – 18.
[3] الخرايج والجرايح 1: 141 ط. قم.
[4] الكامل في التاريخ 2: 51، دار الفكر – بيروت.
[5] انظر حق اليقين: 133.
[6] التوحيد – للصدوق: 167 – 168. الخصال 1: 129 وغيرهما.
