• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الاُستاذ عبد الكريم الخطيب المصري يقول

لا نريد إلاّ أن نتمثّل صورةً من البطولة الفذّة والإيمان الراسخ الوثيق الذي لا تزحزحه المحن، ولا تنال منه الأحداث، وإلاّ أن نجلّي هذا الحدث الفريد في إيثار الحقّ على الهوى، والآخرة على الدنيا، وما عند الله على ما عند الناس، ممّا لم تشهده الحياة إلاّ في رسله وأنبيائه، وما يمتحنون به من ضرٍّ وأذىً في سبيل ما يحملون إلى الناس من خير وهدى، لا يلويهم شيء عن طريقهم، ولا يعدل بهم وعد ووعيد عن غاياتهم ولو وقفت الدنيا كلّها في وجههم.
والوجه الواضح الذي تتمثّل فيه هذه المعاني واضحةً مشرقةً هو الإمام عليّ كرّم الله وجهه، وهو الذي من أجله ومن أجل تلك المعاني التي عاش لها وقتل من أجلها كان هذا الحديث وعليّ كرّم الله وجهه هو بقيّة النبوّة، وخاتم خلافة النبوّة، وحياته كلّها معركة متصلة في سبيل الله، وإيثار سخيّ لإعزاز دين الله، وإعلاء راية الإسلام التي حملها رسول الله. فقد كان صدره درعاً واقيةً لدعوة الإسلام من أوّل يوم الإسلام إلى أن تداعت حصون الشرك وذهبت معالمه، وكان سيفه شهاباً راصداً يرمي أعداء الإسلام بالمهلكات، ويشيّع في جموعهم الخزي والخذلان، ويلبس أبطالهم وصناديدهم المذلّة والهوان; حتى ليكون سيفه علماً يسمّى «ذو الفقار»، وحتى ليكون صاحب السيف مثلا يحدّث الناس به في مواقف البطولات الخارقة، فيقال: «فتى ولا كعليّ»، وكان قلبه مورداً صافياً، ومشرعاً عذباً سمحاً لما ضمت عليه شريعة الإسلام من نور وهدى، وما حملت من علم وحكمة، حتى ليقال: إنّ الرسول الكريم قال فيه: «أنا مدينة العلم وعليّ بابها».
وكان لسانه ترجماناً صادقاً وبلاغاً مبيناً، وبياناً محكماً وقضاءً فيصلاً لكلّ حدث مغلق، وفي كلّ شبهة مظلمة، وعند كلّ قضيّة معضلة; حتى ليكون في هذا مثلاً مضروباً، فقيل فيه: «قضية ولا أبا حسن لها»([1])، وحتى ليقول الرسول فيه: «عليّ مع الحقّ والحقّ مع عليّ» ([2]).
ثم من بعد هذا كلّه، أو قبل هذا كلّه زهده وتقواه وعبادته، وهو في كلّ واحدة من هؤلاء الذروة العليا التي لا تُنال، والسابق المجلّي الذي لا يُدرك، فإذا اجتمع له مع ذلك قرابة قريبة من رسول الله صلّى الله عليه وسلم فيكون ابن عمّ النبيّ، ثم ربيبه الذي ينزل منزلة الابن في بيته، ثم يكون زوج ابنته فاطمة الزهراء، ثم يصبح أباً للسبطين الكريمين الحسن والحسين. نقول: إذا اجتمع لعليٍّ كلّ ذلك أو بعض ذلك إلى ما عنده من صفات جسميّة وروحيّة وعقليّة فإنّ ميزانه في الرجال أثقل ميزاناً، وأعظم قدراً، ومع ذلك فإنّا نرى الإمام(رضي الله عنه) قد فاته أكثر ممّا كان يؤمّل له ويرجى في هذه الحياة، فقد كانت الخلافة أقرب إليه بعد رسول الله من أي صحابيٍّ آخر([3]) فلمّا تمّت البيعة لأبي بكر توقّف قليلاً وأمسك يده عن البيعة له بالخلافة([4])([5]).
وحياة عليّ شطران متمايزان: حياته في عهد النبيّ، وحياته بعد النبيّ، ولكلٍّ من الحياتين ظروف وملابسات غيّرت مجرى الحياة كلّها من حوله، على حين ظلّ الإمام كرّم الله وجهه على المنهج الذي أقامه الرسول عليه من أوّل الطريق إلى نهايته لم ينحرف أو يتوقّف.([6]).وعلى أيٍّ فقد اختار الله لعليٍّ وقدّر له أن ينال هذا الشرف العظيم، وأن يربّى في حجر النبوّة، وأن يشهد مطالع الرسالة الإسلامية من يومها الأوّل، وأن يتلقّى من فم النبيّ مفتتح الرسالة ومختتمها، وما بين مفتتحها ومختتمها ممّا نزل به الوحي من آيات الله.
وهكذا قدّر لعليٍّ أن يولَد وطِيب النبوّة يعطّر الأجواء من حوله، وأنوارها تفيض عليه من كلّ اُفق، وتطلع عليه من كلّ صوب، حتى إذا تحوّلت مطالع النبوّة إلى اُفقها الجديد في دار الهجرة تحوّل عليّ معها إلى هذا الاُفق، ثم لم يزل يدور في فلكها حتى غربت شمس النبوّة، ولحق النبيّ بجوار ربّه([7]).
والحق أنّ عليّاً كان أوفر الناس حظّاً، وأطولهم صحبةً لرسول الله، فمنذ ولد عليّ وهو بين يدي محمّد صلّى الله عليه وسلم قبل النبوّة وبعدها لم يفترق عنه في سلم أو حرب، وفي حِلٍّ أو سفر، بل كان بين يدي النبيّ وتحت سمعه وبصره، إلى أن لحق الرسول بالرفيق الأعلى وهو على صدر عليٍّ حيث سكب آخر أنفاسه في الحياة.
وإذا أنت ذهبت تستعرض جميع الذين كانوا في كنف النبيّ من زوج وولد لم تجد أحداً منهم قد كان له من طول صحبة النبيّ ومن مخالطته ما كان لعليّ، فلقد صحب عليّ النبيّ صحبةً متصلةً أكثر من ثلاثين عاماً، وتلك مدّة لم يظفر بها أحد من المسلمين جميعاً. فإذا اجتمع إلى طول الصحبة قرابة قريبة، وإلف متّصل، ومخالطة في حلو الحياة ومرّها، ثم صادف ذلك كلّه اُذُناً واعية، وقلباً ذاكراً، وعقلاً حافظاً كان ما ينسب إلى عليٍّ من علم وحكمة ونفاذ بصيرة، وشفافيّة روح، وكان ما ضبطه التاريخ من خطبه ورسائله كان ذلك كلّه قليلاً إلى ما يُرجى منه ويؤمّل فيه، وإن استكثره المستكثرون، وشكّ فيه الشاكّون([8]).
وأمر آخر من هذا القدر الذي أضاف عليّاً إلى محمّد وضمّه إلى جناحه: ذلك أنّ عليّاً حُلّي من هذه الصحبة الملازمة بصفتين انفرد بهما وحده، لا يكاد ينازعه أحد فيهما، وهما: الضرب بالسيف في سبيل الله، والفقه الحقّ لدين الله ولكتاب الله. فقد كان عليّ بطل الإسلام دون منازع، لا يعرف المسلمون سيفاً كسيف عليّ، في إطاحته لرؤوس أئمة الكفر، وطواغيت الضلال من سادة قريش وقادتها. وكان عليّ فقيه الإسلام، وعالم الإسلام، وحكيم الإسلام، غير مدفوع عن هذا أو منازع فيه، وهذه المرويّات من آثاره([9]) تشهد بأنّه كان البحر الذي لا يسبر غوره، وأنّ مقاطع أحكامه وفواصل قوله وجوامع حكمه قد مسّتها نفحة من نفحات النبوّة، فخالطت النفوس، ومازجت القلوب، وسكنت إلى العقول، حتى لقد علق منها بهذا القدر الكبير لأوّل وقعها في الآذان قبل أن تحويها الأوراق وتضمّها الصحف([10]).
ولكأنّ الله سبحانه أراد لعليٍّ أن يولد في الإسلام قبل الإسلام، وأن يُربّى في حجر النبوّة قبل النبوّة، فكان ذلك حجازاً له عن الجاهلية وأباطيلها. فلمّا جاء الإسلام استقبله بالفطرة السليمة والاسم السليم. ولا يكاد التاريخ الإسلامي يذكر أحداً ولد في الجاهلية ثم دخل في الإسلام فكان دخوله على تلك الصفة التي دخل بها عليّ في الإسلام. فالذين دخلوا في الإسلام من مواليد الجاهلية([11]) لهم حياتان: حياة في الجاهلية، وحياة في الإسلام، ولكلٍّ من الحياتين وجه غير وجه الاُخرى، تلك ضلال وعمى، وهذه نور وهدى. أمّا عليّ كرّم الله وجهه فكانت حياته في الجاهلية والإسلام على سواء; لم يغيّر منه الإسلام شيئاً في ظاهر أو باطن، إذ ولد مسلماً قبل الإسلام([12]).
إنّ اختيار هذا الاسم (لعليّ) كان نفحةً من نفحات النبوّة، ولمحةً من لمحاتها، حين نظر محمّد إلى وجه هذا الوليد وقع في نفسه أنّه في الأعلِين من عباد الله، وأنّه لجدير بأن يكون في المقام الأعلى في الإسلام. فاسم عليٍّ لم يكن ممّا تسمّي به العرب في جاهليّتها، ولم يحفظ التاريخ الجاهلي مَن تسمّى به قبل صاحبه عليّ بن أبي طالب، إنّه كان كاسم محمّد في لطفه وحسنه، وفي غفلة الجاهلية وضلالها عن تداوله والتنادي به([13]).
وأوّلية الإسلام والسبق إليه ميزة لها حساب في ميزان الرجال، وفي تقديم بعضهم على بعض في منازل المجتمع الجديد الذي أقامه الإسلام فحين يتساوى الرجلان إيماناً وعدلا وجهاداً، وبذلاً ونصحاً لله ولرسوله يكون أسبقهم إلى الإسلام أولاهم بالتقدّم في ركب المسلمين، وفي الدنوّ من الإمامة والخلافة([14])
وهنا تبرز أوّلية عليٍّ في الإسلام فتكون مقولةً من مقولات عليّ وشيعته في أهليّته لخلافة رسول الله، وأحقيّته بتلك الخلافة([15]). هذا إلى قرابة قريبة من رسول الله، ورحمِ ماسّة منه، تجعله أولى الناس به وبميراثه منه (وأُولُوا الاَْرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْض فِي كِتَابِ اللّهِ)([16])([17]).
خاطرة: وهذا الذي كان من عليٍّ في ليلة الهجرة إذا نظر إليه في مجرى الأحداث التي عرضت للإمام عليّ في حياته بعد تلك الليلة، فإنّه يرفع لعينَي الناظر أمارات واضحةً وإشارات دالةً على أنّ هذا التدبير الذي كان في تلك الليلة لم يكن أمراً عارضاً بالإضافة إلى عليّ، بل هو عن حكمة لها آثارها ومعقِّباتها، فلنا أن نسأل: أكان لإلباس الرسول صلّى الله عليه وسلم شخصيّته لعليِّ تلك الليلة ما يوحي بأنّ هناك جامعةً تجمع بين الرسول وبين عليٍّ أكثر من جامعة القرابة القريبة التي بينهما؟! وهل لنا أن نستشفّ من ذلك أنّه إذا غاب شخص الرسول كان عليّاً هو الشخصيّة المهيّأة لأن تخلفه، وتمثّلُ شخصَه وتقومُ مقامه؟ وأحسب أنّ أحداً قبلنا لم ينظر إلى هذا الحدث نظرتنا هذه إليه، ولم يقف عنده وقفتنا تلك وأحسب كذلك أنّنا لم نتعسّف كثيراً حين نظرنا إلى عليٍّ وهو في بُرد الرسول، وفي مثوى منامه الذي اعتاد أن ينام فيه، فقلنا: هذا خَلفُ رسول الله والقائم مقامه.([18])([19]).
ولو ذهبنا ننظر إلى هذا الفضل المسوق لابن أبي طالب من رسول الله صلّى الله عليه وسلم في هذين الموقفين([20]) لرأينا إنّما سيق إليه عن قصد من رسول الله امتثل فيه أمراً سماويّاً تلقّاه من ربّه، ليكون عليّ هو المختار لهذين الموقفين; لمزيّة فيه لا توجد في غيره من صحابة رسول الله. ففي بعثه بسورة «براءة» إلى أهل الموسم ونبذه ما كان للمشركين من عهد، هذا الأمر كان يمكن أن يقوم به أيّ صحابٍّي من أصحاب رسول الله، بل إنّ أبابكر أمير الموسم كان أحقَّ به وأولى لولا ملحظ خاصّ لا يتمّ هذا الأمر إلاّ به، ولا يصلح له من الناس إلاّ من كان على وصف خاصٍّ مهيّىء له.([21]).
وفي تخلّف عليٍّ في غزوة تبوك وقول الرسول صلّى الله عليه وسلم: «إمّا أن أبقى أو تبقى»، بيان صريح بأنّ عليّاً كرم الله وجهه في منزلة عند النبيّ لا يقوم بها أحد غيره.وفي قوله صلّى الله عليه وسلم لعليّ: «أفلا ترضى يا عليّ أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى، إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي»([22])، في هذا ما يشير إلى أنّ ما بين النبيّ أكثر من القرابة، وأنّ أحدهما مكمّل للآخر([23])، ولو كانت هناك نبوّة لكان عليّ هو صاحبها.
زواج عليّ: فماذا في هذا الزواج من ابنة الرسول من فضل يختصّ به عليّ وحده دون غيره ممّن تزوجوا من بناته([24]) صلوات الله وسلامه عليه؟([25]):
فأولاً فاطمة (رضي الله عنها)([26]) اختصّت من بين أخواتها([27]) بهذه الدرجة الرفيعة التي رفعها الله إليها، فجعلها في مقام مريم ابنة عمران حيث، وصفها الرسول صلّى الله عليه وسلم بأنّها خير نساء العالمين([28]).
وثانياً: أنّ فاطمة وحدها من دون أبناء النبيّ وبناته هي التي كان منها سبطا رسول الله صلّى الله عليه وسلم الحسن والحسين، ومنهما كان نسل رسول الله.
وإذ ننظر إلى هذا الأمر مع ضميمة ما سبق من مواقف في هذا المقام نجد أنّ ذلك الموقف متّسق مع ما سبقه، جار على الغاية المنجحة له، والبالغة بابن أبي طالب ما أراد الله له من كرامة وتكريم وهكذا يصبح الرسول صلّى الله عليه وسلم لا يَرى له ولداً غير فاطمة، ولا نسلاً متّصلاً إلاّ ما كان من فاطمة وعليّ.
في كلّ أمر كان يعني الرسول في شخصه وفي خاصّة نفسه كان عليّ هو الذي يُنَدب لهذا الأمر; ليحلّ محلّ الرسول فيه، وليأخذ المكان الذي تركه وراءه([29]).
وقد كان عليّ ـ كرّم الله وجهه ـ فارس الجماعة الإسلامية الاُولى، وأنّ حسابه فيها ليس حساب عشرة رجال، وإنّما حساب عشرات وعشرات كما كان ذلك أو قريب منه إذ لم يكن أصحاب رسول الله على درجة واحدة من البطولة والفروسيّة فحسّان بن ثابت(رضي الله عنه) لم يكن من المحاربين المعدودين في ميادين الحرب والنضال، ومثله غير واحد من صحابة الرسول كأبي بكر وعثمان. والصحف التي سجّلت غزوات الرسول صلوات الله وسلامه عليه تشهد أنّ عليّ بن أبي طالب كان جيشاً عاملاً في كلّ ملتَحَم بين المسلمين والمشركين، وهذه حقيقة تظاهرت على صدقها الأخبار المتواترة نثراً وشعراً، كما سجّلها القصص الشعبي الشائع على الألسنة، والمتلقّى من جيل إلى جيل([30])، ولهذا فإنّنا لا نقف كثيراً عند الحديث عن بطولة عليٍّ وشجاعته وبلائه في ضرب جبهة المشركين وكسر شوكتهم، وحسبنا هنا أن نشير إلى بعض تلك المواطن، فالقليل منها يدلّ على الكثير، والحاضر يشهد للغائب: ففي معركة بدر ـ وهي أوّل صدام مادّيٍّ بين الإسلام والشرك، وأوّل اختبار عمليٍّ لقوّة المسلمين والمشركين في هذه المعركة قُتِلَ من المشركين ـ من كفّار قريش ـ تسعة وأربعون، وقيل: خمسون، وفي السيرة لابن هشام: أنّ قتلى بدر من المشركين كانوا سبعين قتيلاً، وكذلك كان عدد اُسرائهم سبعين أيضاً وعدّة من قتل من المسلمين يوم بدر سبعون شهيداً، ولم يُستأسر منهم أحد. وكاد يجمع المؤرخون على أنّ قتلى عليٍّ في هذا العدد اثنان وعشرون قتيلاً، قتلهم أو شارك في قتلهم.
ولا تختلف الروايات كثيراً في هذا العدد، ولا في أسماء المقتولين المضافين إلى عليّ، وإذا كان لنا أن نشك في هذا العدد، وأن ننزل به إلى النصف أو الربع فإنّه يبقى بعد ذلك ما يقيم لنا وجهاً للقول بأنّ عليّاً كان بطل هذه المعركة وفارسها. وحين نتفرّس في وجوه القتلى الذين اُضيفوا إلى عليٍّ ـ كرّم الله وجهه ـ نرى أنّهم كانوا وجوه قريش وأهل العزّة والقوّة فيها، كما أنّهم كانوا رؤوساً في الكفر والمحادّة لله ولرسوله، وأنّه قلّ أن يكون بيت من بيوت قريش لم ينله سيف عليٍّ في تلك المعركة([31]).
ثمٍّ لقد كان لعليٍّ في يوم اُحد ما كان له في يوم بدر من الإطاحة برؤوس أئمة الكفر من قريش([32]).
في غزوة الخندق: ففي هذه الغزوة جمعت قريش أحلافها، وأجلبت بهم على المدينة بعد أن تحالفت مع اليهود على أن يكونوا حرباً على النبيّ ومن معه حين ينشب القتال.
ودعا عمرو بن ودّ إلى المبارزة، فتهيّب الناس لقاءَه ولم يخفّ أحد إليه، فقام عليّ بن أبي طالب يريد منازلته، فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلم: «إجلس»، ثمّ صال عمرو وجال وهو يدعو إلى من يبارزه والناس على موقفهم منه وعليّ يهمّ،
والرسول يقول له: «إجلس» ظنّاً به وخوفاً عليه من لقاء عمرو([33])، وقام له عليّ آخر مرّة فقال له النبيّ صلّى الله عليه وسلم: «اجلس، إنّه عمرو». فقال: «وأنا عليّ».
فأدناه الرسول وقبّله وعمّمه بعمامته وخرج معه خطوات كالمودّع له القلق لحاله، المنتظر لما يكون منه، ثمّ لم يزل النبيّ رافعاً يديه إلى السماء، مستقبلاً لها بوجهه والمسلمون صموت حوله، حتّى ثارت الغبرة وسمعوا التكبير من تحتها، فعلموا أنّ عليّاً قتل عمراً، فكبّر رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وكبّر المسلمون تكبيرةً سمعها مَنْ وراء الخندق من المشركين، ولذلك قال حذيفة بن اليمان: لو قُسِّمت فضيلة عليٍّ بقتل عمرو يوم الخندق بين المسلمين أجمعهم لوسعتهم.
وقال ابن عباس في قوله تعالى (وَكَفَى اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ)([34]) قال: بعليّ بن أبي طالب([35]).
هذا، ويروى أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلم حين رأى عليّاً وقد أسرع نحو عمرو بن ودٍّ قال: «الآن برز الإسلام كلُّهُ للشرك كلّهِ»([36]).
والحقّ أنّ مكان عليّ بن أبي طالب في معارك الإسلام ومكانته في الأبطال أكبر من أن تختفي وراء دخان التعصّب والجدل، وأن تُعمّي عليها مقولات القائلين في مواقف الخصومة والملاحاة. ولو أنّ بطولة عليٍّ كانت موضع شكٍّ، أو كان انفراده بها موضع منازعة لَما سار الحديث عنها مسير المَثَل، فكان ممّا قيل فيه وفي سيفه:
«لا سيف إلاّ ذوالفقار، ولافارس إلاّ عليّ»([37]).
مع أبي بكر وعمر: وروى ابن سعد في طبقاته عن جيش اُسامة فقال: فلم يبقَ أحد من وجوه المهاجرين الأوّلين والأنصار إلاّ انتُدِبَ في تلك الغزوة، فيهم أبو بكر وعمر بن الخطاب، وأبو عبيدة بن الجرّاح، وسعد بن أبي وقّاص، فتكلّم قوم فقالوا: يُستعمل هذا الغلام على المهاجرين الأوّلين! فغضب رسول الله، فصعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: «مقالةٌ بلغتني عنكم في تأميري اُسامة».
ثمّ نزل فدخل بيته، وذلك يوم السبت، وتوفّي يوم الاثنين([38]) وهذا يعني أنّ وجوه الصحابة كانوا في جيش اُسامة، وأنّ عليّاً ـ وقد أمسكه الرسول إلى جانبه في مرضه هذا ـ كان الخليفة بلا منازع من المهاجرين لو حدث برسول الله ما كان ينتظر حدوثه، ولكنّ حين اشتدّ المرض على رسول الله صلّى الله عليه وسلم توقّف جيش اُسامة خارج المدينة ينتظر ما سيكون([39])، فكان من أمر يوم السقيفة ما كان، وأيّاً كان الأمر فقد بايع عليّ أبابكر، وفاءت نفسه إلى شيء من الرضا أوّل الأمر([40]) إنّها السياسة، وهي الحرب يقاتل فيها المقاتلون بكلّ سلاح، وينشدون النصر بكلّ وسيلة، ولكنّ الإمام عليّ ـ كرّم الله وجهه ـ يُقيم أمره في الحرب والسلم، ومع الأعداء والأولياء على ميزان واحد لا يختلف أبداً، وهو ميزان الحقّ والعدل ولو كان في ذلك الهزيمة والهلكة([41]).
وليس عليّ هو يقبل الضيم على دينه بجميع ما في هذه الدنيا من جاه وسلطان. وليس عليّ ـ كرم الله وجهه ـ هو الذي يطلب الغلب على خصومه بالختل والغدر، ولو كان في معرض الهزيمة المحقّقة والموت الراصد([42]). ولم يكن من طبيعة عليٍّ أن يبدأ أحداً في القتال قبل أن يبدأه، ولم يكن يلجأ إلى القتال إلاّ بعد أن يعذر وينذر، رجاء أن يراجع خصومه أنفسهم ويفيئوا إلى السلم والعافية، فإن هو أعذر إليهم وبالغ في الإعذار، ثم لم يكن منهم إلاّ الإصرار على الخلاف والقتال، فهو قتال عرف الإمام وجهه أنّه قتال أهل البغي، وقتل الفئة الباغية، وبهذا التقدير وعن هذا التأويل حارب عليّ أصحاب الجمل، كما حارب أصحاب صفّين، وأهل النهروان من الخوارج([43]).
إنّه يطلب حقاً، ويقاتل في سبيل الحقّ، فلا يستعين عليه بباطل، ولا يركب إليه غير طريق الحقّ، وسواء عليه أدرك الحقّ أو لم يدركه، فحسبه أنـّه قاتل في سبيله، وقتل تحت رايته فذلك هو الفوز المبين([44]).
الإمام ـ كرّم الله وجهه ـ لم يكن يقيم للسياسة حساباً، ولا ينصب لها ميزاناً في حربه أو سلمه، وإنّما ميزان كلّ شيء عنده هو الحقّ والعدل، فما كان من حقٍّ وعدل فهو ضنين به، حريص عليه، وما كان من باطل وزور فهو عدوّ له، حرب عليه، لا يحيد أبداً عن قول الله تعالى: (وَ ما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً)([45])، فهذا هو ابن أبي طالب خليفة المسلمين يخطب على منبر من حجارة مرصوصة رصّاً، ويلبس قميصاً من صوف، وحمائل سيفه ونعلاه من ليف، وجبينه من شظف العيش وكثرة السجود كثفنة البعير من الخشونة والتشقّق فهو إذا أخذ الناس بالتخفيف من الدنيا والاجتزاء بالقليل منها فإنّما يأخذ بذلك نفسه أوّلاً أخذاً لا تفريط فيه، ولا تهاون معه، ثم يأخذ ولاته وأصحاب الرياسة عنده ببعض ما أخذ به نفسه، لأنّه هو مثلهم الذي يقتدون به([46]).
إنّه ـ كرّم الله وجهه ـ لا يرضى لعامل من عمّاله أن يَحيد عن طريق العدل والاستقامة والقصد في الإنفاق يأخذ(رضي الله عنه) بمخنق أصحابه وأنصاره واُولي النجدة والبأس من رجاله لا يعنيه من أمرهم إلاّ أن يستقيموا معه على طريق الحقّ، وأن لا يكون قربهم منه ونصرتهم له لجرِّ مغنم، أو جلب منفعة لذات أنفسهم، ثمّ لا عليه بعد هذا أن يقبلوا إليه أو يُدبروا عنه([47]). لا يؤثِر شريفاً لشرفه، ولا يحابي قويّاً لقوّته، فلو كان هذا المال ماله هو لَما سمحت نفسه بأن يفاضل بين الناس فيه، فكيف وهو مال الله لعباد الله؟ هكذا يفعل الإمام في الحكم بين الناس، وفي إقامة العدل بين رعيّته هذا هو حكم الدين، ودعوة الحقّ والعدل، ولكنّ أين الناس من الدين ومن الحقّ والعدل؟([48])
لقد أصبح غريباً في هذه الدنيا التي تخلّى فيها الناس عن الطريق التي أقامهم عليها رسول الله، وتخفّفوا من كثير من أوامر الدين ونواهيه في سبيل سلطان يترضّونه، أو مال يصيبونه. وليس آلم للنفس، ولا أوجع للقلب من أن يصبح الإنسان غريباً في الناس يأخذ طريقاً غير طريقهم، ويتزيّا بزيّ غير زيّهم، ويتكلّم بلغة لا يفهمونها ولا يتعاملون بها([49]).
لشدّ ما لقي الإمام في هذه الحياة من محن واستقبل من بلاء، فقضى حياته كلّها في جهاد عنيف متّصل في حياة الرسول وبعد حياته.
ويحسب المعجبون بسيرة الإمام ـ كرّم الله وجهه ـ أنّ أبرز ملامح شخصيّته وأوضح آثاره ما كان لسيفه في رقاب المشركين، في بدر واُحد وغيرهما من الغزوات التي شهدها مع النبيّ وصرع فيها بسيفه من صرع من رؤوس الكفر وأئمّة الضلال، وأحسب أنّ ما ادّخره الإسلام لعليٍّ بعد الرسول من حياطة الدين، والذود عن حرماته لا يقلّ خطراً عمّا كان له في قتال الكفّار والمنافقين. لقد جاهد عليّ الكفّار والمشركين حتّى دخلوا في دين الله، وآمنوا بالله ورسوله والكتاب الذي اُنزل على رسوله([50]).
يقول الرسول صلوات الله وسلامه عليه لعليّ بن أبي طالب: «يا عليّ، لا يحبّك إلاّ مؤمن ولا يبغضك إلاّ منافق».
فحبّ عليٍّ علامة صحة لإيمان المؤمن وسلامته، إذ كان من رسول الله بمنزلة الأخ الذي يحمل معه عبء رسالته، ويشدّ أزره فيها، كما يقول الرسول الكريم:
«أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى، إلاّ أنّه لا نبيّ من بعدي». فحبّ عليٍّ من حبّ رسول الله، وحبّ رسول الله من تمام الإيمان بالله([51]).
****************
[1] ـ قالها عمر بن الخطاب. وانظر كتاب عبقرية الإمام عليّ.
[2] ـ تاريخ بغداد: ج14 ص321، ط بيروت دار الكتاب العربي، ولهذا الحديث مصادر اُخر ذكرناها في ج2 من كتاب «هذه أحاديثنا أم أحاديثكم».
[3] ـ  ومع ذلك فقد تقدم عليه أبوبكر وعمر وعثمان فيها. الرضوي.
[4] ـ  عليّ بن أبي طالب بقية النبوّة: ص21 ـ 23.
[5] ـ فبعث أبوبكر عمرَ إلى بيته لأخذ البيعة ممّن فيه، وقال له: «إنْ أبَوا فقاتلهم»! راجع الإمامة والسياسة لابن قتيبة: ج1.
[6] ـ  علي بن أبي طالب بقية النبوّة: ص78.
[7] ـ  علي بن أبي طالب بقية النبوّة: ص84 .
[8] ـ عليّ بن أبي طالب بقيّة النبوّة: ص85.
[9] ـ كنهج البلاغة، والصحيفة العلويّة، وغيرهما ممّا تضمّنت البعض من حكمه وقضائه ودعواته ومناجاته. الرضوي.
[10] ـ عليّ بن أبي طالب بقيّة النبوّة: ص87.
[11] ـ  كأبي بكر وعمر وعثمان بن عفان وغيرهم.
[12] ـ عليّ بن أبي طالب بقية النبوّة: ص89.
[13] ـ عليّ بن أبي طالب بقية النبوّة: ص91.
[14] ـ المصدر السابق : ص96 .
[15] ـ  فمن تقدم عليه فيها فقد استهان بمقامه عند الله وعند رسوله وفي المجتمع الإنساني والإسلامي، واستحقّ وعيد الله سبحانه على ذلك (الرضوي).
[16] ـ الأنفال: آية 75.
[17] ـ عليّ بن أبي طالب بقيّة النبوّة: ص99.
[18] ـ المصدر السابق: ص105.
[19] ـ فهل من مدَّكر ؟
[20] ـ الموقف الأوّل: عزله(صلى الله عليه وآله) أبا بكر عن تبليغ سورة «براءة» إلى أهل مكة وإرساله عليّاً(عليه السلام)مكانه، والثاني: إبقاؤه عليّاً(عليه السلام) في المدينة عندما غادرها ليؤدّي عنه الأمانات إلى أهلها.
[21] ـ عليّ بن أبي طالب بقيّة النبوّة: ص122.
[22] ـ تاريخ الاُمم والملوك: ج3 ص144، الطبعة الاُولى.
[23] ـ الصواب أن يقال: أن أحدهما جزء من الآخر، لقوله تعالى: (وأنفسنا وأنفسكم) الرضوي.
[24] ـ كتب جماعةٌ من الشيعة كتباً في نفي بنات لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم غير فاطمة(عليها السلام)(الرضوي).
[25] ـ عليّ بن أبي طالب بقيّة النبوّة: 125.
[26] ـ بل صلوات الله وسلامه عليها. (الرضوي) .
[27] ـ بل من بين نساء عصرها. (الرضوي).
[28] ـ  الثابت عندنا نحن الشيعة الإمامية وعند بعض المذاهب: أنّ الرسول(صلى الله عليه وآله)قال: «فاطمة سيدّة نساء العالمين» و«فاطمة سيّدة نساء أهل الجنّة».
[29] ـ عليّ بن أبي طالب بقيّة النبوّة: ص126.
[30] ـ المصدر السابق : ص130 .
[31] ـ علي بن أبي طالب بقيّة النبوّة: ص130 و132.
[32] ـ المصدر السابق: ص137.
[33] ـ لم يأمر النبيّ(صلى الله عليه وآله) عليّاً بالجلوس خوفاً عليه من عمرو، فإنّه(صلى الله عليه وآله) يعرف شجاعته وبطولته جيداً، وإنّما أمره بالجلوس ليختبر أصحابه هل فيهم من تأخذه الغيرة على الإسلام فيقوم في وجه عمرو، فلمّا لم يقم أحد منهم أذن لعليٍّ(عليه السلام)، فقام وقضى على حياة عمرو، فيالها من فضيلة حازها(عليه السلام) وفاق بها على صحابة الرسول(صلى الله عليه وآله) أجمعين.
[34] ـ الأحزاب: 25 .
[35] ـ  رسائل الجاحظ: ص60.
[36] ـ  ما أعظمها من كلمة أشاد بها(صلى الله عليه وآله) بعظمة الإمام، فهل من مدّكر؟
[37] ـ عليّ بن أبي طالب بقية النبوّة: ص144 و145. المعروف «لا سيف إلاّ ذوالفقار، ولا فتى إلاّ عليّ»، كما في تاريخ الطبري وشرح نهج البلاغة للمعتزلي وفي غيرهما.
[38] ـ الطبقات الكبرى لابن سعد: ج2 ص137.
[39] ـ نعم، انتظروا ليعلموا وفاة الرسول(صلى الله عليه وآله)، فلما جاءهم خبر وفاته دخلوا المدينة وأسرعوا إلى سقيفة بني ساعدة وعقدوا فيها الخلافة، لابن أبي قحافة وأكرهوا الناس عليها بالقهر والقوة والرسول بعدُ لم يُدفَن.
[40] ـ لم يبايع الإمام(عليه السلام) أبابكر، ولم يزل ساخطاً عليه شاكياً منه، ومن قرأ خطبته الشقشقية في نهج البلاغة تحقّق ذلك، ولم يستسلم لهم إلاّ بعد أن هدّدوه بالقتل. راجع الإمامة والسياسة: ج1. والغريب من الاُستاذ الخطيب هذا الادّعاء وهو يذكر في ص168 من كتابه هذا «عليّ ابن أبي طالب...»: أنّ عليّاً خرج يحمل فاطمة بنت رسول الله على دابّة ليلاً في مجالس الأنصار تسألهم النصرة. وعلى مَ تسألهم النُصرة؟ أليست تسألهم النُصرة لمحاربة أبي بكر حيث تقدَّمَ على الإمام(عليه السلام) وغصبه حقّه من الخلافة؟! والظاهر وكما روي: فإنّ أحداً من الصحابة مسك يد علي بن أبي طالب عليه السلام قهراً وهي مضمومة الأصابع، ثمّ مدّ أبو بكر يده ومسحهاعلى يد عليٍّ  عليه السلام، وهذه الطريقة هي من مكر الطغاة وحيَلهم! (لجنة التحقيق).
[41] ـ  علي بن أبي طالب بقيّة النبوّة: ص 296.
[42] ـ المصدر السابق : ص336.
[43] ـ علي بن أبي طالب بقيّة النبوّة : ص375 و376.
[44] ـ المصدر السابق: ص377.
[45] ـ المصدر السابق: ص394، والآية: 51 من سورة الكهف .
[46] ـ المصدر السابق: ص433.
[47] ـ علي بن أبي طالب بقيّة النبوّة : ص434 ـ 435.
[48] ـ المصدر السابق: ص567.
[49] ـ المصدر السابق: ص554 و555.
[50] ـ علي بن أبي طالب بقيّة النبوّة: ص570.
[51] ـ المصدر السابق : ص591 ـ 592.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page